كمال جنبلاط وكتاب العلاج بعشب القمح والبيئة والغذاء

محمود الاحمدية

“الكتب هي ثروة العالم المخزونة، وأفضل إرث للأجيال والأمم” (هنري ثورو)

في شهر آب 1973 تمّ وضع هذا الكتاب “العلاج بعشب القمح” بين أيدي القرّاء وشكل انقلاباً حقيقياً في عالم الطب والصحة والبيئة… المؤلفة هي الدكتورة آن وينغمور والذي ترجمه الأستاذ بهجت أبو الحسن وقدم له المعلم كمال جنبلاط الذي قضى عمراً بأكمله حتى تاريخ استشهاده مؤمناً بقيمة عشب القمح وداعياً الناس لاحتضان الإيمان بأن سنبلة القمح ومن ثم عشب القمح يشكلون العامود الفقري في القضاء على كثير من الأمراض وكل ذلك بالشواهد والوقائع والأرقام… ولا ينظرنّ أحدٌ إلى هذا الموضوع بنوع من التكاسل في القراءة لأنه مهم إلى درجة تشكل تغييراً حقيقياً في حياة الإنسان بكل أبعادها وبصحة هذا الإنسان وبيئته…

وسأبدأ بقصة شخصية في بيتنا وذلك بعد قراءتي لهذا الكتاب، أصاب والدتي المرض الخبيث وذلك عام 1988 قبل وفاتها رحمها الله عام 1989 وكنّا نأتي بصناديق الخشب على شكل مستطيل وكنا نزرعها بحبوب القمح ونتعامل معها سقاية وعناية حتى يصبح طول نبتة القمح من 9 إلى 10 سم نقصّها ونعصرها ونقدمها بشكل يومي إلى المرحومة الوالدة… والمفاجأة الجديدة من ناحية الفائدة كانت إعجازية بامتياز حيث وبعد سنة كاملة عدا عن تحسنها صحياً بالرغم من أن المرض كان قد تمكن منها ولم نستطع اللحاق به باكراً، والمفاجأة كانت أن جزءاً كبيراً من شعر رأسها الأبيض تحول إلى أسود وخاصة على الجانبين وسط ذهولنا جميعاً وذهول الأقارب وصديقاتها… هذه نتيجة تضاف إلى عشرات القصص التي ترجع هذا الكتاب عن الناس الذين استفادوا وشفاؤهم كان تاماً…

في مقدمة الكتاب يقول كمال جنبلاط: “إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في محيط حضاري يبتعد به تدريجياً عن البيئة الطبيعية التي تكيّفت بها أغشيته وأعضاؤه وحواسه وعقله، عبر آلاف القرون من التاريخ وما قبل التاريخ منذ نشأته على هذه الأرض” ويستطرد المعلّم: “الحقيقة الثانية هي أن الإنسان هو نتاج ما يأكل وما يشرب يزداد بذلك حجم جسده، في مسار تطوره، ونموه منذ العلقة الأولى في رحم أمّه حتى بلوغه ثم يفاعه ورجولته وشيخوخته وموته…”. وفي حقيقة ثالثة يتابع المعلم بإبداع غريب “إن الكائن البشري هو جهاز طاقي، دينامي بطبيعته وتكوين هذه الدينامية تفرض القيام بنشاطات مختلفة وفق الوظائف المعدّة والمهيأة لكل عضو ولكل حس وللنفس وللدماغ بكامله واستمرار هذا النشاط وإلا توقفت الآلة أو عطب بعض أجزائها” ويستطرد: “إن الحقيقة الرابعة تثبت أن للمآكل وللمشارب ولطريقة تحضيرها أثراً بالغاً في تكوين النفس البشرية الملتزمة بتأثّرها بالأعصاب وصولاً إلى المثل المؤثر “كما تأكلون وتشربون تكونون…!!” وصولاً إلى الاستشهاد بكلام المهاتما غاندي: “أن من يسيطر على فمه ولسانه حصلت له السيطرة على جميع أعضاء حواسه، وعاش في الانسجام، هذا الانسجام الذي هو القاعدة الطبيعية والمرتكز الخلفي للسعادة…”؟

من كل ما ذكرته وشدّدت على كتابته بحذافيره وأصالته يتراءى لنا الدور المهم المفصلي الأساسي (primordial) للغذاء الطبيعي الذي يؤمن صفته أن يكون نيئاً وطازجاً ومجموعة الخضار والفواكه واللبن والحليب وزيت الزيتون والقمح شرط أن يكونوا بعيدين عن الأسمدة الكيميائية والأدوية الزراعية الملوثة… وقمة هذه اللائحة تتجسد بعشبة القمح وروعة دورها الصحي العامر بكل أبعاده النفسية والبيئية ومشاعر الفرح والسعادة والثقة بالنفس عندما ينسجم الجسد مع الروح ويكون الإنسان متصالحاً مع نفسه من خلال غذائه وبالأخص عشبة القمح…

في دراسة عميقة مدعمة بالأحصائيات يؤكد الدكتور جورج درو أن علم الأحياء والتغذية أثبتوا أن 95% من جميع أمراض الإنسان التي تصيب جسده وعقله تعود إلى الطعام المطهو أو المطبوخ… والحقيقة أن جهل الناس بمعرفة قوانين الطبيعة تشكل جزءاً من الأسباب الرئيسية إلى الوقوع في الأمراض وذلك نتيجة للجهل والتخلف وعدم الرغبة بالاطلاع وعدم المتابعة، فالحياة تستأهل منا وهذا ما شدد عليه الكتاب أن نعيش ونكمل أسباب سعادتنا بها باستعمال عشبة القمح واتباع كافة الطرق التي تسمح لنا بهذا الغذاء اليومي الذي يتبع طرقاً سهلة للتطبيق ويستطيع مطلق أي إنسان استعمالها والشعور بالتقدم الصحي على كافة الأصعدة…

كم هو رائع استعراض عشرات القصص وفي كل أنحاء العالم للذين آمنوا بهذه العشبة واستعملوها ومن خلالها إما تحسنوا أو وصلوا إلى الشفاء التام… ولا تكفي عشرات الصفحات لكي تفي الموضوع حقه ولكن وبكل بساطة وطالما ليس هناك خسارة فلنجرب هذه الطريقة ولنسبح الخالق عز وجل الذي خلق هذه الحبة التي نضعها ونبذرها في الأرض فتنبت سنبلة تشكل حلاً جذرياً لمشاكلنا الصحية وبأبسط القواعد…

بوركت كمال جنبلاط… بوركت بهجت أبو الحسن… بوركت آن وينغمور.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة