الخوف على الدستور وليس على الانتخابات!

جليل الهاشم

تزداد القناعة لدى قطاع واسع من اللبنانيين ان ما يجري في الممارسة السياسية لبعض الأطراف هدفه الفعلي القضاء على الحياة الدستورية ونسف القوانين المعمول بها وصولاً الى الى فوضى شاملة لا يعود يصلح معها ترقيع من هنا او من هناك.

قد يحصل ذلك عن قصد او عن سوء نية او عن عدم انتباه ولكن مسار التعامل مع القوانين الاساسية الناظمة بحياة اللبنانيين السياسية والإجتماعية والاقتصادية والامنية يوحي بان مسلسل القفز فوق الدستور والقانون لم يعد صدفة ولا عجزاً بل سياسةً ونهجاً أوصل البلاد الى ما وصلت اليه.

لقد جرت انتخابات 2009 في اجواء من الترحيب الشامل بالقانون الانتخابي الذي اعتمد حينها وأبرز المرحبين كان التيار الوطني الحر الذي قال زعيمه يومها انه القانون الذي استعاد حقوق المسيحيين.

وفي الواقع لم يكن ذلك القانون إلا نسخة حرفية مع بعض التعديلات عن قانون 1960 الذي أعاد الهدوء الى لبنان بعد مجزرة قانون 1957 والذي انتج نخباً سياسية جديدة في تداول السلطة على مدى ثلاث دورات انتخابية منتظمة آخرها في عام 1972 والمجلس النيابي الذي انتخب في ذلك العام وقعت عليه بسبب إندلاع الحروب الأهلية ومشتقاتها مهمة الحفاظ على هيكل الدولة طوال 17 عاماً الى ان توج دوره بإقراره إتفاق الطائف الذي انبثق منه الدستور الذي يفترض ان يحكم الحياة السياسية اللبنانية.

إن ما جرى منذ عام 2009 كان إمعاناً في نسف هذا الدستور وانتقاماً من معنى الحياة النيابية المنتظمة بما يخفي رغبات انقلابية كان من نتائجها التمديد المتمادي لمجلس النواب وشله وإلغاء دوره على مدى سنوات ثم إدخال البلاد لمدة عامين ونصف في فراغ رئاسي والتهديد اليوم بفراغ نيابي.

ليست المسألة فقط مسألة قانون انتخابي جديد بل هي شهوة سلطة وتسلط لا تعرف ان تحقق أهدافها إلا بالفراغ الإنقلابي فيما تنسى وتحاول ان تجعل الناس يعتادون “دعوسة” الدستور والقوانين والمواعيد التي تنظم الحياة السياسية وفي مقدمتها مواعيد إجراء الإنتخابات النيابية وانتخابات رئاسة الجمهورية.

ستنتهي مهلة تعطيل مجلس النواب بقرار رئاسي في 13 ايار المقبل وحتى ذلك اليوم لم يتبقى من المهلة سوى ايام قليلة إذا حذفنا الأعياد والآحاد، وحتى اللحظة لم تتقدم المناقشات للإتفاق على قانون جديد خطوة واحدة رغم بعض المحاولات الجدية وعلى الأرجح قد نصل الى الخامس عشر من أيار وبعده العشرين من حزيران موعد إنتهاء المجلس النيابي الحالي من دون أي قانون جديد فماذا يبقى عندها غير التمديد الجديد او التجرؤ واتخاذ قرار إجراء الإنتخابات حسب القانون القائم.

ان قرار إجراء الإنتخابات بمقتضى هذا القانون القائم وقد يكون القرار الأفضل ولو كان الهدف الأوحد إعادة تعويد الناس والسياسيين على إلتزام الدستور والقانون.

(الأنباء)