حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)

فيصل مرعي

منذ سبعين سنة ونيِّف، ولبنان يعاني الازمة تلو الازمة، والتوتر تلو التوتر، تارة سياسياً، واقتصادياً، وطوراً اجتماعياً وامنياً.. والشعب في حَيْرة من أمره، في وقت كل هذه المواضيع اصبحت ممجوجة لكثرة ما لِيكَت، وما من احد من الطبقة السياسية في نيته معالجتها جذرياً، الاّ القلّة القليلة منها. وسط هذه المعاناة راح العشب يتخبط ويتهاوى غير دار ما المآل وما المصير؟ والطبقة السياسة قابعة في ابراجها تنظر اله من عَلُ دون فعل اي شيء، الى ان اوصلت الوطن الى اسفل درك، عابثة بمكوناته دون خجل او حياء، ضاربة عملية الاصلاح السياسي بعرض الحائط. فكان ان تعمقّت الهوة بينها وبين الشعب، وبالتالي نتيجة سلوكها احدثت انقساماً عامودياً بأن اللبنانيين، يوم تبنّت الطائفية السياسية عنواناً وشعاراً لها، وكان ذلك بموجب ميثاق 1943، الذي قصم ظهر الديمقراطية في لبنان، وكاد ان يعزله عن عالمه العربي.

بهذا، راحت هذه الطبقة تتلاعب بمصير الوطن، كما يحلو ويطيب لها غير عابئة بلقمة عيش المواطن، ومصير البلاد والعباد، فتدهور الاقتصاد، واصبح في ادنى مستوياته، وراح الشعب كل الشعب يئن وينوء تحت وطأة الفقر والعوز، ناهيك عن احزمة البؤس التي راحت تلف الوطن من كل حدب وصوب، بحيث اصبح الكل غارقاً في بطون ازمة اقتصادية واجتماعية لا نهاية لها، ومعظم الطبقة السياسية تتنعم بخيراته، وثرواته، وموارده، تاركة الشعب الى مصيره. فكانت السبب الاساسي في تردي الوضع الاقتصادي والانمائي، والادراي، والشلل المؤسساتي وسوء اداء لكل الملفات، فازادت الاوضاع تعقيداً وتعطيلاً، ناهيك عن ادارة الظهر في الآونة الاخيرة لوثيقة الوفاق الوطني “الطائف” الذي مهد لاقامة دولة العدالة، والحرية، والديمقراطية، والمساواة. الا ان شيئاً من هذا القبيل لم يحصل بسبب من المناكفات والتجاذبات السياسية، وبسبب عدم تطبيق هذه الوثيقة، خصوصاً لجهة عدم ايجاد قانون انتخابي، كما نصّت الوثيقة، يراعي طموحات اللبنانيين. ان هذه الطبقة لم ترد اصلاً  ايجاد قانون انتخابي ينقذ البلاد من براثن هذه الطائفية السياسية.

فالدستور هو هو، والوضع الاقتصادي بتدهور دائم، والمؤسسات في ترهل، والوضع الامني على قلق، والفساد قائم على قدم وساق. والكل يريد نهش ما تبقى من مقومات الدولة، والمسؤولون في غيبوبة عن مصالح الناس، وتسهيل وتأمين حاجياتهم. والعجب، العجاب، ما وصلنا اليه، من تعصب وتمذهب، فانطوى حلم اللبنانيين، على مزيد من المآسي، فلم يعد لديهم من ينقذهم من ايام حوالك، بعد ان دفعوا الرخيص والغالي، يوم ناضل كل منهم على طريقته، املاً بتحقيق حلم راودهم طوال سنين وسنين (وأي حلم؟!) لقد أزفت الساعة، فإما ان ينسحب البعض من هذه الطبقة من الحلبة السياسية، وإما ان يعودوا الى رشدهم، بصحوة ضمير، خدمة للشعب الذي تحمل ما لم يتحمله شعب من حروب، وتهجير، وافقار.

باختصار، ليس الوقت وقت تباك على ايام مضت. فنلدع الماضي، ولنستشرق المستقبل، مؤكدين ان الشعب اللبناني هو الأمل المنشود لا غير. شعب لم ولن ينهزم في زمن كثرت فيه الهزائم. فبشعبنا نحمي، ونقي، ونصون لبنان، ونحافظ على تنوعه، وحضوره، فلا يعود ينكسر لبنان، فتنكسر الديمقراطية الشعبية فيه.

 

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…