وان ذكرناها ولا نريد حقاً ان تنعاد..

ناهي نصر الدين

أنباء الشباب

ما هي الحرب الأهلية؟ كيف كانت الحرب بين المسيحيين والمسلمين؟ هل هي حربٌ للتبشير بالأديان؟

هكذا سألنا وتساءلنا بين أنفسنا، حين كنّا أطفالاً وسمعنا عن حربٍ بين “مسلمين ومسيحيين”.

وحين أردنا القراءة في التفاصيل السياسية الدقيقة للحرب، لفتتنا تعابير مثل “الحركة الوطنية” و”اليسار اللبناني”، وحين أردنا معرفة ما تمثله هذه التعابير عرفنا أنها مثلت خندقاً واحداً قد جمع قوى قد رأت ان بناء الوطن لا يكون “بالانعزال” لا بل بالانفتاح والانتقال لمرحلةٍ لا تكون الطائفية فيها هي المخرج وعراب القتال والحرب…

حكاية الانقسام الطائفي اللبناني لم تبدأ في ذكرى “النكبة الأهلية” في الـ٧٥، لا بل قبل هذه السنة المشؤومة بقرون منذ عهد السلطنة والمتصرفية، حتى قيام الجمهورية في الانتداب الذي اقتسم السلطة بين الطوائف..

وحرب الـ٧٥ مثلت تراكماتٍ لمساوئ الطائفية كما حرب الـ٥٨ وغيرها. ولكن المفارقة ان الحركة الوطنية لم تكن قوة تريد إبراز شريحة والقضاء على شريحة أخرى، لا بل كانت تريد بناء دولة تعمل على أساس الكفاءة والمساواة و ليس المحسوبيات الطائفية.

فإذا نظرنا للوثيقة الإصلاحية التي قدمتها الحركة الوطنية قبيل الحرب نرى البنود الإصلاحية لبناء دولة، تنبذ الطائفية وتعمل على الغائها. ومن جانبٍ آخر يحاول الكثير ان يصورها كقوى سياسية “للمسلمين”. ولكن بحقيقة الأمر انّ التركيبة السياسية  والإنماء وتوزيع الخدمات  آنذاك قد جعل طوائف ومناطق تتفوق على أخرى. فكان من الطبيعي ان يجمع اليسار اللبناني أبناء الجبل والبقاع والجنوب، تحت راياتٍ مطلبية محقة ولكنه ضم في صفوفه أبناء جميع الطوائف”.

في ١٦ آذار سنة ١٩٧٧، حصلت النكبة الثانية؛ حين أرادوا تغييب كمال جنبلاط جسداً… حينها أرادوا ان يجعلوا الحرب بين “المسلمين والمسيحيين”. لأنَ فكرة “الحركة الوطنية التقدمية العلمانية” ان انتصرت ستكون بداية التغيير في الشرق الأوسط. فما كان منهم ان حاولوا تغيير مسار الحرب بين “التقدمية والطائفية” الى التصوير المشوه “الاسلامي المسيحي”. ولكنهم فشلوا فعلياً، بعد صمود اسم جورج حاوي في الحركة الوطنية، وجميع الأحرار من جميع الطوائف و”العابرين للطوائف” الذين حافظو على تمثيلهم قبل الحرب وفي زمنها وحتى اليوم في “اللقاء الديمقراطي”… وسيحافظون عليه…

أما اليوم بعدما أن تهرب كثر من الطائف الذي وضع خطة الانتقال من الطائفية للدولة العلمانية. وبحينٍ يهلل البعض “بالإصلاح الإعلامي” من جوهرٍ “طائفي انعزالي”  ويضعون قوانينهم على أساس “التقوقع الطائفي” وًكأنهم قد نسوا انّ الانغلاق والتقوقع والانعزال هم أساس الأزمات.

و نحن في بداية العهد الجديد واقفون على باب مرحلة مجهولة  فاذا أردنا تذكر “مشؤومة الطائفية” ولا نريد تكرارها حقاً فلنتذكر “معلماً” قد قال: “البلاد التي تعتمد الطائفية السياسية ستكون على الدوام 18 لبنانياً “لا لبنان واحد”.