قِمة لا كالقِمم السابقة!

فيصل مرعي

 كان من المتوقّع، ألا تكون القمة العربية في الاردن كسابقاتها، خصوصاً وان معظم القمم العربية فيما مضى، كانت تبوء بالفشل الذريع. فما من يوم في مطلع هذا القرن، وحّد العرب كلمتهم، لا سيما لجهة القضايا الشائكة التي كان وما يزال يعاني منها العرب أجمعين. فالالتقاء على قاعدة القضية والمصير مثلاً، لم يؤخذ حتى هذه اللحظة بعين الاعتبار، متناسين انه لا يمكن فصل اي دولة عربية عن الاخرى، سلماً وحرباً، باعتبار ان كل الدول العربية، متناسلة من بعضها البعض: لغة، وتاريخاً، ومصيراً مشتركاً.. آملين ان يستفيقوا على خطاب موحّد، لا تشوبه شائبة، في وقت تدمر فيه بعض البلدان العربية الواحدة تلو الاخرى، نهشاً لثرواتها، ومواردها، وخيراتها. لقد ذهب لبنان الى القمة، حاملاً همومه وشجونه، مادّاً يده لكل الاشقاء العرب، متوقعاً الدعم في كل المجالات والميادين.. واضعاً في الوقت نفسه كل ما في جعبته، حرصاً على جمع الشمل ووحدة الصف والكلمة، داعياً الجميع الى صحوة ضمير قبل دُهم الليالي وجورها، وقبل ان يعضَ الدهر الجميع بنابِه.

فلبنان اليوم غير لبنان الامس. إنه لبنان الواحد الموحد، المعترف بكل القرارات العربية والدولية، والجاهد كل الجهد على عدم خروجه من الحاضنة العربية، والمتطلع الى شد الايدي، وعدم انكسار شوكة العرب، فينكسر معهم. إن لبنان اليوم، بحاجة الى اخوانه، كما الجميع بحاجة اليه. إن لنبان المتميز، بفرادته، وديمقراطيته، وتنوعه، وبصيغته التي قلّما نجد لها مثيلاً، والذي أعطى الكثير من زاده الثقافي والعلمي، ما كان سر بقائه واستمراريته، يستحق العناية والاهتمام من قبل اشقائه العرب أجمعين. فالملفت للنظر في هذه القمة، هذا الاجماع، وهذا الحضور المكثّف لرؤساء، وملوك العرب، حضور لم يكن له مثيل في القمم السابقة. أما ما هو شائك وسهل في نفس الوقت، فهو الحلول التي نأمل ان تخرج من القمة، تنفيذاً وتطبيقاً عملياً، خصوصاً لجهة التدخلات الاقليمية في الشأن العربي، وفي مقدمها مشاريع لها خلفياتها وابعادها، تستند الى مفاهيم مذهبية وغرائزية على امتداد الوطن العربي، ناهيك عن الارهاب الذي يستفحل يوماً بعد يوم خدمة لمشاريع جهنمية، ما يفاقم الامور، وما يجعل الوضع اكثر صعوبة، لا سيما في حال خروج البعض، بما يوقع الجميع في حالة ارباك، وفي حيرة من امرهم اذا تفرّق الشمل وتزعزت الثقة.

في مجمل القول: ما يهمنا اليوم، ان لبنان هو غير ما كان سابقاً، بحيث بدا للعيان، ان هنالك تضامنا معه، لا سيما لجهة وقوف الجميع جنباً الى جنب في كل مفصل ومنعطف: سياسياً، واقتصادياً، ومصيراً… بما يبشّر بعودة لبنان الى الحاضنة العربية، بل في قلب العروبة النابض، لولا ان مرحلة كانت تسودها ايام حوالك. نتيجة تدخلات من هنا وهناك كادت تبعده عنهم.

إن ما جرى في القمة من تأييد للبنان، ما زاده من التماسك، وضبط الامن والاستقرار المزيد من الثقة، بما سيمهد الطريق الى انجاز الاستقلال التام، واستكمال سيادته، وتحرير ارضه.

وما يهمنا اكثر فأكثير،عدم مساواة القمة بين ما هو ارهاب، وما هو مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي، ناهيك عن رفعها من شأن الجيش اللبناني ودوره في تثبيت الوحدة الوطنية، وتوطيد السلم الاهلي، وصولاً الى بسط الدولة سيادتها على كامل التراب اللبناني في اطار الحدود المعترف بها في القوانين والمواثيق الدولية.

وعلى هذا، ننوه بمضامين بيان القمة العربية الختامي، لا سيما لجهة اعادة تعويم لبنان، وتقوية دوره امام المحافل الدولية، خصوصاً فيما يتعلّق بما تعرض له على يد الارهاب من تفجيرات طوال ايام عجاف، ضرباً لهذه المساكنة، ولهذا العقد الاجتماعي بين اللبنانيين.

نهاية، نذكر بإصرار القمة على الحل السياسي في سوريا، والتمسك بحل الدوليتين، ومحاربة الارهاب الذي يسعى الى تمزيق الامة، وقتل الروح القومية في شبابنا الصاعد، والدعوة الى توعيته، وتزويده بالافكار النيِّرة، مؤكدة ان القضية الفلسطينية كانت وما تزال القضية المركزية.

عسى ان تترجم هذه التوصيات والقرارات على ارض الواقع، خلاصاً لامتنا مما تعانيه طوال سنين وسنين.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…