اين اصبحت حملة سلامة الغذاء؟

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

اثارت قضية اللحوم البرازيلية التي تدخل الى لبنان؛ حالة من المخاوف على خطة سلامة الغذاء التي اعلنها وزير الصحة السابق وائل ابو فاعور في تشرين الثاني/نوفبر 2014. وتقول المعلومات ان الدواجن البرازيلية التي ترفض 30 دولة إدخالها الى اراضيها، يتم إستيرادها من قبل بعض التجار، بينما لا تعترف وزارة الزراعة بدخول اي من اللحوم الضارة الى لبنان، وهي اعلنت ان كل المستوردات الزراعية تخضع لفحص من قبل المراقبين البيطريين في المرافيء والمطار، وهي مطابقة للشروط الصحية.

لا يُعطي وزير الصحة الحالي غسان حاصباني ذات الإهتمام الذي أعطاه سلفه ابو فاعور لموضوع سلامة الغذاء، على الاقل من الناحية الإعلامية. والمراسيم التطبيقية لقانون سلامة الغذاء الذي اقره مجلس النواب في 12/11/2015؛ لم توضع بعد، وتطبيق القانون يعاني من إخفاقات كبيرة، لأن الهيئة الوطنية لمراقبة سلامة الغذاء لم تُعين لغاية اليوم. وهذه الهيئة لها دور كبير في الحفاظ على الصحة العامة، لكونها تمتلك صلاحية مراقبة الغذاء من كل جوانبه، بما في ذلك التدقيق في مصادر المواد الغذائية قبل إستيرادها.

في 27/7/2016 وُضع بند تشكيل الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء على جدول اعمال مجلس الوزراء بعد ضغوطات شعبية من عدة جمعيات، ولكن الحكومة أخفقت في تعيين اعضاء الهيئة السبعة، وما زال الموضوع مُعلقاً حتى اليوم، رغم مرور عام ونصف العام على صدور القانون.

الاوساط الشعبية التي تجاوبت مع الحملة التي أطلقها ابو فاعور؛ بدأت تشعر بتراجع الرقابة على سلامة الغذاء، والمؤشرات العملية على ضعف الرقابة بدت واضحة من خلال إزدياد في العوارض الصحية التي تتكاثر بين الحين والآخر، بعضها حالات تسمُّم، وبعضها الآخر تلبُكات معوية، كما ان الاعتناء الخارجي بمظهر عرض المواد الغذائية – خصوصاً اللحوم – هي اليوم أقل مما كانت عليه في السنتين الماضيتين.

بعض رواد المطاعم؛ لا حظوا بعض الإهمال في نواحٍ محددة  من اداء هذه المطاعم، من جراء تراخي الرقابة بعض الشيء، علماً ان المطاعم اللبنانية هي الاغنى والارقى بشهادات عالمية حصلت عليها من هيئات دولية معنية، خصوصاً هذا العام.

مصادر في وزارة الصحة العامة؛ لا تعترف بتراجع الرقابة، او بالتراخي الحاصل إتجاه المؤسسات المعنية، ولكنها تقول ان الوزير الحالي، وهو نائب رئيس الحكومة في آن؛ تقدم بعدة طلبات لوضع آلية لتشكيل الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء امام مجلس الوزراء، برُغم ان هذه الهيئة لا تخضع لإشراف الوزير، بل تتبع لوصاية رئيس الحكومة، ولكن ضمن إستقلال مالي وإداري واسع، مع حفظ صلاحيات الوزراء المعنيين بهذا الشأن.

الإنجازات الصحية التي حصلت في العامين الماضيين مُهددة بالضياع إذا ما بقيّ الحال على ما هو عليه، بحيث يتم تقاذف المسؤولية بالرقابة بين جهات ثلاث؛ لا يبدو ان التنسيق بينها عالي المستوى، وهي:  وزارة الزراعة ووزارة الإقتصاد ووزارة الصحة، وهذه الأخيرة تعتبر ان المسؤولية الاساسية عن الملف اصبحت في عهدة الهيئة الوطنية بعد صدور قانون سلامة الغذاء، والتأخُر في تشكيل الهيئة؛ لا يقع على عاتق الوزارة. وهذه الوزارة تبذُل جهوداً كبيرة لسد بعض الثُغرات الناتجة عن تنامي النزوح السكاني من سوريا، كما انها لا تملك صلاحية الرقابة على دخول المواد الغذائية عبر بعض الحدود. وتشهد بعض مداخل هذه الحدود شيء من الفلتان، وتنامي لظاهرة التهريب التي لا تطالها عيون الرقابة المالية او الصحية.

تأمل اوساط متابعة لهذا الملف الحساس؛ ان يأخذ الموضوع حيزاً من إهتمامات العهد الجديد، وان لا يتم التفريط ببعض الإنجازات التي تحققت.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية