بكيفا… مساحة للتلاقي وسجل من البصمات

خاص “الانباء”

هي الصخرة، كما يعني اسمها السرياني، وهي الفرح كما تقابلك بجبلها الاخضر وسهلها الخصب وطرقاتها الانيقة ووجوه أهلها… بلدة هادئة تتكئ على جبل الشيخ وتنثر ابنائها شراعاً في العالم. الرحلة اليها تستحق وإن طال “المشوار”… انها بكيفا.

تتبع بكيفا لمحافظة البقاع، قضاء راشيا الوادي. تبعد عن بيروت نحو 85 كيلومتراً. ترتفع عن سطح البحر حوالى الـ 900 متراً. ويمكن الوصول اليها من بيروت عن طريق الشام الدولية، أو جنوبا عن طريق مرجعيون ـ حاصبيا، تحيط بها قرى بيت لهيا، تنورا، العقبة وراشيا، وتشرف عليها من القمم قرى: عين عطا، كفرمشكي، كوكبا، في حين لا يحدها شرقا سوى جبل حرمون.

يبلغ عدد سكان بكيفا المقيمين نحو 1500 نسمة ينتمون بغالبيتهم ألى طائفة الموحدين. وهي من القرى التي عرفت الهجرة قديما، ويتجاوز عدد المغتربين الـ 800 نسمة، وفي بكيفا مجلس بلدي منتخب من تسعة أعضاء برئاسة فاضل فياض، والمختار عماد شروف.

في بكيفا حركة اجتماعية وشبابية ناشطة، منذ أواسط القرن الماضي حيث تم تأسيس نادي بكيفا الثقافي الخيري العام 1967 الذي قام بنشاطات كثيرة لا تزال مطبوعة في الذاكرة، كما أسست في بكيفا تعاونية زراعية في العام 1972 تهتم بتأمين الاسمدة اللازمة للزراعة والقيام بالعديد من النشاطات على هذا المستوى.

وفي بكيفا حراك شبابي لافت، تعكسه الجمعيات الموجودة فيها كمنظمة الشباب التقدمي و”بكيفا الشباب” المعروفة باسم “بكيفا اجمل بلد” وجمعية “بناء أجيال السلام”، كما أن للرياضة مكانة كبيرة في بكيفا حيث تقام دورات رياضية باستمرار فيها.

وفي بكيفا مرافق عدة واهمها المتوسطة الرسمية ومعصرة حديثة للزيتون وعدد كبير من المؤسسات والمحال التجارية.

بكيفا من أقدم قرى وادي التيم وفيها آثار من نواويس ومغاور وحجارة قديمة ما يعود بالزمن إلى اكثر من الف سنة، وما زالت تحافظ على منازل القرميد “العتيقة”، وفيها عين قديمة اسمها عين الامير معضاد وهو من أمراء غرب بيروت التنوخيين.

هذا بالاضافة إلى أن ابناء طائفة الموحدين الدروز يقصدون بكيفا من جميع المناطق لزيارة مقام الداعي عمار عليه السلام وهو احد الاولياء الصالحين.

وكانت بكيفا في الستينات سباقة إلى انتخاب أول امرأة في لبنان إلى منصب رئيس للبلدية، وهي السيدة سليمة القزاز درغام (1918 – 2014)، والتي أنتخبت في العام 1964 واستمرت في خدمة أبناء بلدتها حتى العام 1998، أول انتخابات بلدية جرت بعد الحرب الأهلية.

وقد حازت درغام على وسام الارز من رتبة فارس من قبل الرئيس الراحل سليمان فرنجية في حفل أقيم في البارك اوتيل في شتورة العام 1974 ووسام الارز من رتبة ضابط من قبل الرئيس الراحل الياس الهراوي ووسام الاستحقاق اللبناني المذهّب. كما منحها الرئيس السابق ميشال سليمان وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الاْولى يوم وفاتها.

وكانت تروي السيدة درغام قصة طريفة حصلت معها عندما كان كمال جنبلاط وزيرا للداخلية حيث كانت بحاجة لمساعدة لتجهيز معصرة الزيت الوحيدة آنذاك في البقاع، فكان يهم بالسفر الى الهند فتعقبته حتى ساحة المطار وصرخت من بعيد قبل صعوده الطائرة “يا كمال بيك لوين تركني ورايح”، فاندهش الجميع ثم كثرت التساؤلات والظنون فاستدرك جنبلاط انه كان وعدها بتوقيع المساعدة وهكذا كان حيث وافق لها على مبلغ 20000 ليرة لبنانية آنذاك تم بواسطتها تجهيز المعصرة.

وقامت بتشييد مجمع انمائي يضم مصنع سجاد ومصنع خياطة ومركز صحي ودار توليد وتعاونية استهلاكية وتعاونية زراعية وقاعة لتدريب الصم والبكم.

كما قدمت بكيفا نخبة من ابنائها في عالم الصحافة والاعلام، كما في الطب والهندسة والمحاماة والقطاع التربوي، ولطالما تميزت بكيفا بالتنوع كونها صلة وصل بين قرى المنطقة ومساحة للتلاقي والعمل الاجتماعي والشأن العام.

ينتهي “مشوار” الانباء في بكيفا، على ان يكون لها محطة جديدة في قرية جديدة من لبنان.

 

(*) ملاحظة: “الانباء” بانتظار تحقيقاتكم حول القرى اللبنانية من مختلف المناطق على العنوان التالي: [email protected]