هل انتهى “العهد” قبل ان يبدأ؟

د. صلاح ابو الحسن

من “وعود” تيار الإصلاح والتغيير على مدى ربع قرن، الى أبوة الرئيس ميشال عون للقرار 1559، الذي أدّى الى خروج الجيش السوري من لبنان، والذي اتُهم الشهيد رفيق الحريري بصياغة هذا القرا.. ولهذا جرى تخوينه “والخائن” يُهدر دمه، وربما كان هذا هو السبب الرئيسي لاغتياله.. وبقي الاتهام قائما رغم اعلان الرئيس عون عندما كان “منفيا” الى باريس، انه أبو القرار 1559، وامه.. وكال من منفاه على النظام السوري ابشع الأوصاف والعبارات.. وربما جاءت “ورقة التفاهم” في كنيسة مار مخايل في 6 شباط 2006 اي بعد ثمانية أشهر من عودته من المنفى، لتمحو كل الذنوب ولتُسقط بقدرة قادر كل “التهم” التي وُجّهت اليه زورا، من قبل الجهاز الأمني اللبناني – السوري..
الى خطاب القسم الذي حصل على اجماع كل اللبنانيين تقريبا.. وقد استبشر الكل خيرا.. واعتقدوا ان الحل آت لا محال.. وناموا على امل تحقيق الوعود وما أكثرها وما أجملها!!.. فالمن والسلوى أت هذه المرّة من ساكن بعبدا.. ثم جاءت زيارته الاولى بعد انتخابه رئيسا للجمهورية الى المملكة العربية السعودية ثم الى قطر وعادت المياه الى مجاريها، أو خًيّل لنا.. على أمل نهضة اقتصادية وسياحية من بوابة الخليج العربي..
شهر العسل الذي بدأ في 31 تشرين اول 2016، تاريخ انتخاب ميشال عون وتتوج في 9 كانون الثاني 2017، في زيارة السعودية.. انتهى في مصر في 13 شباط 2017.. عندما تراجع عن خطاب القسم.. فهل سيعود الى الالتزام بالقسم في القمة العربية في الاردن؟؟.. وهل سيثق العرب بالوعود هذه المرة؟؟
لا يمكن ادارة سياسة الدولة الداخلية والخارجية بهذه المزاجية والعشوائية.. ولا يمكن ان يكون للعهد سياسته وللحاشية سياسة اخرى.. ومن هو صاحب القرار الرئيس ام الحاشية”؟؟ وقد اثبتت التجربة غالبا ان النهي والفصل هو للحاشية.. بسبب “عقدة التوريث”.. علما ان الطموح للوراثة يبدأ عادة قُبيل نهاية العهد وليس في بدايته.. الا أذا كانت “الحاشية” أدرى بشعابها؟؟!!… فالأقربون أولى بالمعرفة..
العهد ليس بحاجة الى اطراف سياسية “معادية” لتتآمر عليه، عندما يكون هو المتآمر على نفسه.. والتآمر الداخلي وخاصة من اهل البيت، أشدّ غضاضة من التآمر الخارجي..
أي رئيس للجمهورية، خاصة عندما يكون الرئيس “قويا”، يُهدّد بالفراغ الدستوري ولو من باب “الحث والدفع” اذا لم يُقرّ قانونا جديدا للإنتخاب النيابية؟؟.. الغريب أن العهد يُهدد بالفراغ وليس أخصامه المعارضين.. هدّد بالويل والثبور اذا لن تجر الانتخابات في موعدها وها هي تأجلت ربما الى أمد بعيد.. وهدّد بانه لن يسمح بمخالفة الدستور وخالفه عندما رفض التوقيع على دعوة الهيئات الناخبة ورفض تشكيل لجنة الرقابة على الإنتخابات مرتين.. الرئيس يخالف الدستور والوزير يرفض المخالفة.. اذا لم يكن الوزير هو “المخالف” فحاسبه.. ولكن اذا كان الرئيس هو المخالف فمن يحاسب؟؟!!.. ورفض التمديد للمجلس النيابي.. وبات التمديد امرا واقعا اليوم.. في دول اخرى يُحاسب الرئيس أو يُحاكم على هذا الكلام وعلى مخالفة الدستور.. هذا لو كنا في دولة..


وأي رئيس للجمهورية، وهو رئيس لكل اللبنانيين وهو الرئيس الحكم، يميز بين مكونات شعبه الطائفية والمذهبية والسياسية والمناطقية.. “الأب” لكل اللبنانيين لا يميز بين ابنائه.. ولا يكون عنده ابناء ست وبناء جارية..
وأي رئيس يتبنى قانون انتخابات لصالح “الورثة” وليس لصالح الوطن؟؟ وأي رئيس مسؤول يتبنى قانونا على اساس التحالفات الآنية؟؟ وماذا لو تبدلت او تغيرت؟؟..
العنوان الأول للعهد، كان النأي بالنفس او الإبتعاد عن حرائق المنطقة لحماية لبنان.. وهذا مطلب وطني، ولهذا جاء بندا رئسيا في خطاب القسم.. والعنوان الثاني كان الإنفتاح على الدول العربية.. والثالث تعزيز الجيش والقوى الأمنية لصدّ الارهاب، وهذه القوى أثبتت فعلا قدراتها العسكرية والأمنية الكبيرة في مواجهة الإرهابيين وتوقيف شبكاتهم المنتشرة على الآراضي اللبنانية..
ماذا حصل؟؟:
خلال اربعة أشهر خُرقت العناوين الثلاثة، فلا النأي بالنفس احتُرم ولا الإنفتاح العربي صمد ولا تعزيز الجيش تمّ.. فالتصريحات التي صدرت خلال زيارة فخامة الرئيس الى مصر، أطاحت بالعناوين الثلاثة، عندما “اهان” الجيش الوطني باتهامه انه غير قادر على القيام بالواجبات الأمنية الموكلة اليه.. ولهذا فـ”المقاومة” التابعة لحزب الله ضرورية لمساندة الجيش، وهذه “المقاومة” هي التي حمت لبنان من الارهاب ولولا تدخلها في سوريا لكانت المنظمات الإرهابية داخل لبنان.. وهي لا تتدخل في الداخل اللبناني.. الخ..
قد يكون هذا الخيار صحيحا من وجهة نظره.. ولكنها ليست وجهة نظر نصف اللبنانيين او اكثر.. وهذا الخيار مبرر عندما كان رئيسا للتيار الوطني الحر.. ولكنه حتما ليس مبررا بعد انتخابه رئيسا للجمهورية وابا لكل اللبنانيين كما يقول.. ويفترض به احترام القرارات الدولية..
وتناسى فخامة الرئيس ايضا، ان هذه “المقاومة” مصنّفة خليجيا وعربيا وغربيا على انها منظمة ارهابية، وتناسى أسباب وقف هبة الثلاث مليارات دولار السعودية للجيش “غير المؤهل”.. وتناسى 7 أيار “المجيد”، والقمصان السود في شوارع بيروت، وحماية المتهمين باغتيال الشهيد رفيق الحريري، واسقاط حكومة سعد الحريري، وتناسى العقوبات الأميركية على المصارف اللبنانية وتبييض الاموال.. وفلتان “سرايا المقاومة” التي باتت عبئا على الحزب نفسه، فاستنجد بالقوى الأمنية لمكافحتها..
اما العناوين الاخرى، من مكافحة الفساد واحترام الدستور والمهل الدستورية وقانون انتخاب جديد وسلسلة الرتب والرواتب وترسيخ الشراكة والعيش المشترك.. فحدّث ولا حرج.. بعد أن أمست كل هذه الوعود عناوين “شعبوية”. فالفساد يزداد وهو أكبر من أن يُحلّ باستحداث وزارة.. والهدر يستمر.. وسلسلة الرتب والرواتب سترحُل الى الحكومة التي تلي الإنتخابات النيابية، اذا حصلت، والأبنية الحكومية المستأجرة الى ازدياد، والأبنية او الاراضي التي هي ملك الدولة، والمؤجّرة بأبخس الأثمان، ببضع مئات من الليرات اللبنانية “الغولف” مثلا، والأملاك البحرية “رحم الله وديع عقل”.. والفساد في الجمارك البرية والبحرية والجوية، وفي الدوائر العقارية وصفقات الكهرباء، ومحاصصات التلزيمات، واللائحة تطول.. وربما الى ما لا نهاية..
كل هذا، ودولة “الإصلاح” تحتار كيف يمكنها ان تؤمن كلفة سلسلة الرتب والرواتب!!.. فيما تستسهل فرض ضرائب جديدة على الفقراء واصحاب الدخل المحدود..
انقضت فرصة “السماح” للعهد الجديد واللبنانيون لم يلمسوا جديدا ولا أصلاحا ولا تغييرا في النهج.. اللبنانيون ربما يطالبون العهد ببعض ما وعد به قبل الرئاسة.. وهو من وعد بالكثير..
ربما نسمع من “الحاشية” ان العهد لا يزال في بداياته.. لكن “المكتوب” يُقرأ من عنوانه.. والعنوان لا يبعث على الطمأنينة!!.. و”لو بدّها تشتي كانت غيّمت”..
والسؤال هنا: هل انتهى “العهد” قبل ان يبدأ؟؟

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!