لا حاجة للتسوّق بعد اليوم!

إذا كنت من روّاد مواقع التواصل فلا بد أنك صادفت عشرات الصفحات التجارية الترويجية لسلع مختلفة. هي موضة التجارة الإلكترونية تحتاج الشاشات الذكية والبيوت، حتّى بات كثيرون يلوذون إليها هرباً من هدر الوقت في الأسواق لشراء الإحتياجات.
ثياب، أكسسوارات، ادوات منزلية، لوازم مهنية وغيرها من احتياجات، كلّها باتت بمتناول يدك بأقل من كبسة زر، بمجرد لمسة على هافتك الذكي. فتجّار السوق الإلكترونية ابتكروا كل مقتضيات التسهيل والتوفير على جيب المواطن، حتّى انك لست بحاجة للإتصال بأحدهم أو إحداهنّ، بل بمجرد التحادث عبر بريد الصفحة الإلكترونية أو عبر واتسآب مثلاً، تتم “البيعة”، ليصلك طلبك إلى بيتك بعد مدّة لا تزيد عن ثلاثة الأيام.

أسئلة كثيرة تطرح إزاء هذا النوع من التجارة، أما الثابتة الوحيدة، فهو أنها أكثر راحة للمشتري، وأقل كلفة وأكبر أرباحاً للبائع. وفي هذا السياق، تقول ألين علم، صاحبة صفحة تجارية معروفة لبيع الألبسة النسائية والولادية والأحذية النسائية عبر موقع فايسبوك: أنا معلّمة منذ أكثر من عشرة سنوات، وقد بدأت العمل بتجارة الألبسة عن طريق الصدفة وكمصدر تسلية في الصيف، قبل أن أدرك أهمية التجارة ورغبتي فيها. وتضيف لـ “الأنباء”: لم أكن أتوقّع أن “سوقي” سيتوسّع ليشمل كل لبنان بعد أن امتثلت لنصيحة أحد الأصدقاء بتجربة التجارة الإلكترونية، التي فسحت لي المجال ببيع منتجاتي إلى كافة المناطق اللبنانية.
“المنافسة قويّة وشرسة” تقول ألين، وترى أن “ما يحمي المستهلك وما يعزز الثقة بين البائع والزبائن هو الصدق في المعاملة، فأنا أتقاضى ثمن البضاعة عند التسليم عبر شركة بريد معروفة، وأبقى على تواصل مع زبائني لتبديل طلباتهم في حال لم تعجبهم أو لم تكن مناسبة من ناحية المقاس مثلاً”، مؤكّدةً أن “هذا العمل الإلتكروني مربح أكثر من التعليم طبعاً بل أكثر من وظائف كثيرة، خصوصاً عندما يصبح التاجر معروفاً ويكسب ثقة الزبائن”.
“لست مضطرة لفتح متجر لأنني بذلك أحدّ عملي جغرافياً كما سأضطر لدفع بدل إيجار المتجر”، تضيف ألين، وتشدد على أن “المصداقية في التعاطي وعدم المغالاة في وضع الأرباح تبقى العامل الأهم في نجاح هذه التجارة”، لافتةً إلى أن “الكثير من النساء، العاملات خصوصاً يفضّلن شراء ثيابهنّ عبر صفحتي توفيراً للوقت والجهد والحيرة التي يقعن فيها عادةً في الأسواق”.

ليست فكرة التجارة الإلكترونية جديدة على اللبنانيين فقد اعتادها معظمهم منذ أعوام عبر التواصل مع مواقع تجارية إلكترونية كثيرة حول العالم. لكنّ الجديد هو حجم انتشار هذه الظاهرة محلياً، وحجم الإقبال الكثيف عليها من قبل المستهلك اللبناني، ما يطرح علامات استفهام حول الضوابط الناظمة لهذا النوع من التجارة. فمن يحمي المستهلك من غلاء الأسعار والغش؟ من يحمي التاجر من المنافسة غير الشريفة؟ أين مصلحة الدولة في هذا النوع من التجارة الحرّة؟ ولعل السؤال الأهم، ما مصير المؤسسات التجارية الصغرى والمتوسّطة وأي مستقبل لأربابها في ظل منافسة إلكتروينة شرسة تقتحم بيوت المستهلكين “كالنعاس” بماركات معروفة وبأسعار ونوعيّات غالباً ما تكون مغرية؟!

 

غنوة غازي – “الأنباء”