الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر

 د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

في 27 شباط/فبراير 2005 أعلنت حكومة الرئيس عمر كرامي منع التجول في وسط بيروت للحؤول دون وصول الحشود الى ساحة الشهداء؛ احتجاجاً على الاستهتار بالتحقيق، واعتراضاً على استمرار جلسات البرلمان ولم يكُن قد مرَّ على جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري اسبوعين. زحف مؤيدو لقاء البريستول قبل نفاذ قرار منع التجول ليلاً، وكان ناشطوا التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي في طليعة هؤلاء، واستطاع الفريقان كسر الطوق الامني الذي ضُرِب حول ساحة الشهداء ومحيط البرلمان، وناموا سوياً مع مناصري المستقبل والقوات على الارض حتى الصبح؛ حيث لاقتهم الجموع التي طوقت محيط البرلمان، مما ادى الى اعلان كرامي إستقالة حكومته.

وهناك تجارب أخرى للتعاون بين الفريقين، منها على سبيل المثال: وقوفهما سوياً ضد الهجمة “البربرية” التي استهدفت تعطيل زيارة البطريرك صفير الى الجبل في آب 2001، وانتهت بألإعتقالات والتنكيل بحق ناشطي التيار تحت جسر العدلية في بيروت. وقد صاغ الحزبان وثيقة سياسية مشتركة اعلاناها في مؤتمر مشترك عقد في فندق البريستول في بيروت بتاريخ 26/1/2010، اعقبها زيارة بالغة الاهمية للعماد ميشال عون الى المختارة في 20/2/2010.

الحزب التقدمي الاشتراكي ايد إنتخاب الرئيس ميشال عون في 31/11/2017، وادبيات الحزب التي سبقت الإنتخاب وتلتها؛ لم تتضمَّن اي إساءة للتيار الوطني الحر، ولا للرئيس عون شخصياً، بل على العكس، فقد ساهم الحزب في تسهيل تشكيل حكومة العهد الاولى، كما ان زيارات اللقاء الديمقراطي للتشاور حول قانون الإنتخاب بدأت بلقاء مع رئيس الجمهورية في بعبدا، والكلام الذي قيل عن مقاطعة وزراء اللقاء لحفل العشاء على شرف الرئيس الفلسطيني بدعوة من رئيس الجمهورية؛ كان بمحض الصدفة وبسبب السفر، ولم يكُن عن قصد ابداً. وما يتداوله بعض الإعلام عن مقاطعة رئيس اللقاء وليد جنبلاط لقصر بعبدا؛ غير صحيح، وقد نفاه جنبلاط شخصياً في تصريحه من القصر الحكومي الاربعاء الفائت.

ترى اوساط على معرفة بموقف الحزب التقدمي الاشتراكي: انه لا يوجد عند الحزب نوايا خلافية مع التيار الوطني الحر، والطرفان ليسا بموقع المنافسة، لا على النفوذ في دوائر الدولة، ولا على التوجهات العامة الداخلية والخارجية، ولا تعتقد هذه الاوساط ان تعاون التقدمي مع القوات اللبنانية ومع حزب الكتائب ومع الاطراف الأُخرى تُثير التيار. والتمسُّك بالشراكة الحقيقية في الجبل؛ قناعة ثابتة عند التقدمي، وهو لم يُوصِد الباب امام اي فرصة تُعزِز الشراكة، ولا يعمل على تهميش الأخرين، كما لا يرضى بتهميشهِ .

وترى هذه الاوساط؛ ان فئات داخلية – وربما خارجية – تحاول توسيع الشرخ بين الطرفين على خلفية التبايُن في الرأي حول بعض عناوين قانون الإنتخاب الجديد، وهي تباينات طبيعية، وعمر ملاحظات الفريقين على القانون المُقترح اكثر من 8 سنوات، علماً ان التقدمي ايد اقتراحات التيار الوطني الحر لإدخال تعديلات على القانون إبان مؤتمر الدوحة في ايار 2008. وكتلة جبهة النضال النيابية كانت دائماً متنوعة طائفياً منذ نشأتها منتصف القرن الماضي ( وعلى ذات الطريق استمرَّ اللقاء الديمقراطي).

لا يتحسَّس التقدمي من علاقة بعض المقربين من العهد مع بعض الاطراف الدرزية إطلاقاً، وهو عايش اصعب من هذه المرحلة بكثير أثناء وجود القوات السورية في لبنان. والتنوع في الجبل موجود ويتمسَّك به التقدمي. ولكن التقدمي يخاف من تنامي ظاهرة تقديم الخدمات الامنية على حساب الإستقرار الإجتماعي، خصوصاً توسيع دائرة توزيع رخص حمل الاسلحة، وإجازات وضع العوازل الحاجِبة للرؤية على نوافذ السيارات لبعض المتهورين، وبعض الذين يعملون بتجارة الاسلحة والممنوعات، مما قد يُهدِد الامن الوطني، ويخلق مخاوف عند المواطنيين، او يُشجع على التسابق في حمل السلاح وإقتنائه، ولبنان بغنى عن هذه الظواهر، وعاش الويلات من جراء تفاقُمها في الماضي.

على عكس ما يتداوله بعض المستفيدين من التباينات بين الطرفين؛ لم يصدر رسمياً عن التيار الوطني الحر ما يتناول مواقف التقدمي، وعناوين خطابات الرئيس عون فيها حَرَص ان تكون الرئاسة في خدمة كل اللبنانيين وعلى مسافة واحدة من الجميع. والتقدمي ليس لديه قرار بالإشتباك مع التيار الوطني الحر إطلاقاً، بل على العكس ينظر الى تطوير التعاون معه.

اقرأ أيضاً بقلم  د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

نظرية العزل السياسي سقطت الى غير رجعة!

الموازنة اللبنانية بين المعلوم والمَخفي!

التعقيدات التطبيقية في قانون الإنتخاب الجديد

عن فترة السماح السياسي للعهد

عن الانتخابات والاكثرية والنسبية والطائفية وصحة التمثيل

الحكومة اللبنانية بين التكليف والتأليف والميثاقية

السلَّة والدستور اللبناني  

المختارة تُعيدُ التذكير بالفكرةِ اللبنانية

جهل بالتعاملات المصرفية ام قرار بقلب الطاولة؟

عن المزاج الشعبي بعد الانتخابات البلدية في لبنان

الانتخابات البلدية: حسابات القرايا* وحسابات السرايا

عن دور الدبلوماسية اللبنانية

كيف تتعطل إنتخابات الرئاسة اللبنانية؟

النازحون السوريون إلى لبنان: مأساة إنسانية متفاقِمة

الإنعطافة القواتية!

2016: زمن الاعتدال ونوافذ الانفراج

الحكومة اللبنانية: إتفاق وإختلاف تحت سقفٍ واحد