قرون من الثورات ولبنان في ثلاجة الإنتظار!

سليم رضوان

أنباء الشباب

تعد الثورة الفرنسية من الثورات التي غيرت الكثير من الشعوب، وأعطت مفهوماً جديداً للحكم، حيث كان الحكم عبارة عن ملك ونبلاء يسيطرون على حياة الانسان من عبودية ونظام ضرائب جائر، يطال الفقير ويعفي الطبقة الحاكمة، وهذا الملك يأخذ شعبه لحروب تخدم مصالحه وطموحاته وطبعاً تمويل هذه الحروب تأتي بزيادة الضرائب.

جاءت الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩ لتطالب بالمساواة في الحقوق بين جميع أبناء الشعب الفرنسي، وتطبيق النظام الضريبي على الجميع شاملاً المؤسسات الدينية اي الكنائس والأديرة، ونال الشعب الفرنسي آنذاك  حرية الصحافة والتعبير عن الرأي والمعتقد.

الثورة الفرنسية

كل هذه الحقوق أصبحت جزءاً من الدستور الفرنسي الذي يحمي المواطنين من اي استغلال وساهم بإرتقاء الدولة، لتصبح دولة الحريات ومقصداً للمبدعين والفنانين.

في المقابل، قام البريطانيون وقبيل الثورة الفرنسية في القرن الثالث عشر بتحديد مهام الملك وصلاحياته وأعطيت الطبقة الوسطى والفقيرة الحق بالتمثيل في المجلس البريطاني، لينال الجميع الفرصة بالمناقشة والمساهمة في تشريعات وسن قوانين البلد.

العصر البريطاني

 هذا الانفتاح بين طبقات المجتمع والتساوي ساهم لاحقاً بدفع المملكة البريطانية لتكون السباقة في التطور الصناعي حين كانت باقي أوروبا غارقة في حروب داخلية وثورات. وهكذا غدت المملكة المتحدة الإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

اما في لبنان، وفي القرن الواحد والعشرين، ما زلنا لا نملك ابسط الحقوق وهي المساواة بين جميع أبناء الوطن، فالوظائف هي حكر لطوائف مع العلم ان الدستور اللبناني لا ينص على أحقية طائفة على حساب طائفة بل هو العرف الذي ساد من زمن الاحتلال الفرنسي.

ان هذا الغبن بحق الشعب يتكرس كل يوم من ملوك الطوائف الذين يسعون دائماً لأخذ المزيد من الامتيازات، والحصص على حساب اللعب على الوتر الطائفي تارةً والوتر التبعي تارةً اخرة. مما يضعف فرصة البلد من التقدم والتطور ويبقيه رازحاً في مستنقع الانقسامات والاختلافات الغبية.

الطائفية

 والمضحك المبكي ان غالبية الشعب اللبناني من المثقفين والمتعلمين، لا تجد أباً الا ويعمل دون انقطاع في الليل والنهار ليحصل أولاده على التعليم العالي، ويضع نفسه تحت دين من اجل تأمين مستقبل ابنائه، ولكن ورغم هذا الكم من المثقفين ولا تجد نية في التغيير من اجل العبور نحو دولة عادلة تضمن حق ابنائها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية عن طريق إلغاء الطائفية السياسية، والعودة للدستور واحترام نصوصه، والا سيبقى لبنان مرتهنا لمطامع بعض من زعمائه وبؤرة للفساد والمفسدين.

في هذا العصر وتحديداً بعد انتهاء الحرب الأهلية، من غير المقبول ان يبقى وضع البلد على هذا الحال، بلا الحقوق الاساسية لهذا الشعب الذي بسبب الوضع السياسي المقيت لا يجد فرص عمل، وأصبح يطرق باب السفارات ليهرب من واقع اصبح مريراً.

 ان الحل لتخلف النظام اللبناني كان ولا يزال في تطبيق الإصلاحات التي أقرها البرنامج المرحلي للحركة الوطنية، وفِي مقدمها إلغاء الطائفية السياسية.

(الأنباء)