عندما يسود نظام الطوائف!
وهيب فياض
17 يناير 2017
عندما يسود نظام الطوائف، يسقط نظام المواطنة، ففي دولة المواطنة يكون الصراع على السلطة بين أحزاب على مساحة الوطن للفوز بثقة المواطنين وفق برامج سياسية وطنية. وكلما زاد عدد مؤيدي البرنامج السياسي تعززت فرص فوز الحزب في الوصول الى السلطة بالانتخاب بعدد من النواب يماثل نسبة الموءيدين لبرنامجه من الشعب كله مهما. كان عدد الدوائر الانتخابية.
اما في دولة حقوق الطوائف فالصراع السياسي للوصول الى الندوة البرلمانية وبالتالي الى السلطة السياسية، هو صراع بين الطوائف وداخل الطائفة نفسها، والفائز فيها هو الذي يقنع جمهوره انه الأكثر تطرفا لايصال الحقوق الى الطائفة، وايصال الطائفة الى السلطة والطوائف في لبنان رغم أنها كلها اذا انفردت اقليات، الا انها بخلفية قاعدتها نوعان: طوائف ترى نفسها اكثرية عددية مؤثرةً تستطيع اذا تحالفت مع طائفة اخرى او مع اجزاء من طوائف اخرى، ان تصل الى السلطةً وان تضمن فيها الأكثرية التي تتيح لها التحكم بمفاصلها وقراراتها، مقابل ضمانها لمصالح من حالفوها في فتات كعكة الحكم وطوائف اخرى ترى نفسها اقليات عددية تلتحف بعباءة طوائف اكثرية لتضمن عدم إقصائها وتهميشها وبإيصال ممثليها باصوات من التحفت بعباءتهم.
اذا كانت الطوائف في لبنان قد مهدت لهذه الصورة بحصر القيادة بأحادية او ثنائية فبينها جميعا وبين الطائفة الدرزية فارق يجعل الدروز ووجودهم وتمثيلهم أمراً فريداً بين جميع الطوائف. فالدروز أساسا قبل تأسيس لبنان الحديث طائفة حاكمة لجبل لبنان على مدى قرون ينقسم اهل جبل لبنان بين زعاماتها وعلى اسم زعاماتها يصنفون سواء كان دروزا او غير دروز.
وأما بعد انشاء دولة لبنان الكبير، فقد بقيت زعاماتهم زعامات على مستوى الوطن لا على أساس الطائفة وفِي ظل دولة الاستقلال كانت زعامة الدروز رافعة العمل الوطني وأول الداعين الى دولة المواطنة نابذة لدولة المحاصصة والطائفية .
تاريخ الدروز منذ الاستقلال، هو لُب تاريخ النضال في سبيل وطن علماني لا طائفي وقلب هذا النضال على كل المستويات وفِي كل الأحزاب التي انتموا اليها.
زعامات الدروز ومثقفيهم ورجالاتهم هم اباء الطروحات التي تدعو الى دولة المواطنة. لقد دفع الدروز حياة زعيمهم كمال جنبلاط وحياة خيرة شبابهم من اجل لبنان بلد لجميع ابنائه المتساوين في الحقوق والواجبات في نظام لا طائفي. فإذا فشل طموحهم المثالي، لصالح الطوائفيين، قام هوءلاء بمحاربتهم بشعار النسبية الذي أبقوا على اسمه وغيروا مضمونه، ليصبح سلاحا طائفيا لتهميشهم وإلغائهم معتقدين ان الدروز قد أعمتهم مثاليتهم ووطنيتهم عن حقهم في الوجود كطائفة مؤسسة وأساسية.
هل غر الطائفيين نبل الدروز وحكمة قيادتهم وتضحيتهم مرات ومرات بحقوق لمصلحة الوطن ليعتقدوا انهم يستطيعون تجيير التضحية والنبل والحكمة الى مكاسب طائفية مع انها تمت لتكون للوطن، وان تم السطو عليها علنا “لا يا سادة ” بوضوح شديد وبثبات عنيد نقول: عندما تكون النسبية مكسبا وطنيا، في جمهورية مواطنين متساوين في الحقوق، عندما تكون النسبية ابنة قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، عندما تكون النسبية معبراً لوطن كما ارادته كل القامات الوطنية غير الطائفية، فالدروز طليعة المطالبين بها وعندما تصبح النسبية سلاحا مرفوعاً في وجههم في وطن تتقاسمه الطوائف وكل منها يحاول الاستئثار بالقرار وفرض الامر الواقع.
فالدروز اول المعترضين عليها والمعارضين لمن يقول بها وشعارهم دوما: نتخلى عن اي حق لمصلحة الوطن وجمهورية المواطنين المتساوين ونموت ولا نسمح بانتقاص حقوقناوتجييرها لغير الوطن نكون تحت عباءة الوطن ولا تستظل اي عباءة مهما كبر ظلها في نظام الطوائف.
(الأنباء)