جنبلاط و”التقدمي” ينعيان المناضل والفنان الكبير سليمان الباشا

نعى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي وجبهة التحرر العمالي ونقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة  والتلفزيون في لبنان وعموم اهالي دميت الفنان الكبير سليمان خطر الباشا (ابو شوقي) الذي توفي عن عمر يناهز 91 عاماً.

ولد عام 1926. على مسرح مدرسة “رأس بيروت العلْوي”، مشى خطواته الأولى على درب التمثيل. أغرم ابن السادسة بهذا الفن “الذي يقرِّبك من الناس ويجعلك محبوباً”. لم تساعد أحوال الوالد الابن على مواصلة دراسته، فاضطر إلى العمل الذي لم يثنه عن متابعة التحصيل العلمي في بعض المدارس الليلية المجانية في رأس بيروت. تمرّ 17 سنة، قبل أن يتلقّى الباشا دعوة لمشاهدة عرض مسرحي لعبد الحفيظ محمصاني في بحمدون. أيقظت المسرحية حنين الشاب إلى التمثيل.

التحق بفرقة محمصاني «من دون أجر»، وهناك تعرّف إلى موسى خاشو، وإلى وجوه أخرى لعبت في ما بعد دوراً بارزاً على الساحة الفنية في لبنان. بعد أشهر قليلة على انضمامه إلى الفرقة، مثّل الباشا في مسرحيّة «فيرجيني» المأخوذة عن رواية “بول وفيرجيني” للأديب الفرنسي برناردين دو سان بيار، وقدّمت في حينه في مناسبة الاستقلال في 22 تشرين الثاني 1943.

عام 1945، انتخب الباشا نقيباً لعمال الكوي والتنظيف، وبعدها مديراً لمغاسل فنادق “كومودور” و”كابيتول” في لبنان.

111

عام 1951، انتسب إلى “الحزب التقدمي الاشتراكي”، وركّز عمله الحزبي على الاهتمامات النقابيّة، ما أهلّه ليصير مسؤول النقابات داخل الحزب. “اقتصر نشاطه الحزبي على الشأنين النقابي والعمالي، مستلهماً أفكار كمال جنبلاط. وقد خاض في هذا المجال تجربة رائدة ومهمة”، وكان دائما يقول: “حتى اليوم، ما زلت أشعر بثقل فقدان كمال جنبلاط”.

بعد ثلاث سنوات على تأسيس “تلفزيون لبنان”، اتّصلت به زميلته السابقة في فرقة محمصاني نزهة يونس، وطلبت منه تأدية دور الأب في مسلسل “تحت السنديانة” للكاتب جورج طويل، وشارك فيه إلى جانب نزهة، وشقيقتها هيام، إحسان صادق، وإيلي صنيفر، وغيرهم. كانت حلقات العمل تبثّ على الهواء مباشرةً.

22

في هذا الوقت، كان إحسان صادق قد بدأ ببث برنامجه “صندوق الفرجة” الذي بقيت حلقاته تبث مباشرة على الهواء لأربع سنوات، وسرعان ما التحق سليمان الباشا بهذا العمل، وأدّى أدواراً لافتة فيه.

من مسلسل “حكمت المحكمة” (1963) لالياس متى، إلى “كانت أيام” (1964) لباسم نصر، لمع نجمه تدريجياً، وخصوصاً في أدوار الأب المتشدّد، أو الرجل الجبلي المثالي المتمسك بالعادات والتقاليد.

وترسّخ حضوره في ذاكرة التلفزيون من خلال مشاركته اللافتة في مسلسل “أبو ملحم” لأديب حداد وزوجته سلوى (أم ملحم)، الذي ظلّ يعرض بنحو متقطّع بين عامي 1967 و1976.

حنينه الدائم إلى بداياته المسرحيّة، دفع الباشا إلى تلبية نداء رائد المسرح الجوّال جلال خوري، ومرافقته في العديد من أعماله منها “جحا في القرى الأمامية” (1972) و”القبضاي” (1973)، و”الرفيق سجعان” (1974).

%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%b4%d8%a71

كما وقف على الخشبة إلى جانب نضال الأشقر، وأنطوان كرباج، وليلى كرم، في مسرحية أخرجها برج فازليان، وكتب موسيقاها زياد الرحباني عن نصّ التركي خلدون ثائر بعنوان “أبو علي الأسمراني” (1974). كما وضع بنفسه نصوصاً أخرجها، وجال بها على المناطق خلال السبعينيات، وصولاً إلى القرى الجنوبيّة، منها “الموظف الكبير”، و”مصيبتي ابني”، و”استشهد غصب عنو”.

لم يعر سليمان الباشا السينما الكثير من الاهتمام، مع أنّه شارك في فيلم “القناص” (1980) للمخرج العراقي فيصل الياسري، وفيلم «شبح الماضي» (1985) لجورج فياض.

من موقعه النقابي والإنساني، انحاز سليمان الباشا دوماً إلى حقوق زملائه الفنانين، وحلحلة مشاكلهم الوظيفية والإدارية. لهذا، كان من الساعين إلى ولادة نقابة تحضنهم، فأسهم في تأسيس نقابة الفنانين وفي تنظيم أمورها. وتمكن مع العديد من زملائه من تأسيس “صندوق التعاضد” للفنانين المنتسبين إليها عام 1999، وكان برئاسة إحسان صادق، فيما تولّى سليمان الباشا مسؤولية نائب الرئيس.

%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%b4%d8%a7

رغم تقاعده عن التمثيل منذ عام 2007 بعد مروره في مسلسل “شيء من القوة» لإيلي معلوف، إلا أنّه ما زال يداوم كلّ ثلاثاء في نقابة الفنانين في سنّ الفيل (شمالي بيروت) “لمتابعة أمور نقابية وصحية عالقة”.

*أسرة تحرير جريدة “الأنباء” تتقدم من أهالي بلدة دميت وأسرة المناضل والفنان الكبير بالتعازي الحارة.

(جريدة الأخبار، الأنباء)

0156