إسمع تفرح.. جرّب تحزن

د. صلاح ابو الحسن

مصيبة المصائب عندما تسمع النواب في “مهرجان” او “سوق عكاظ” مناقشة البيان الوزاري.. ان معظم  “الزجّالين” كانوا “كورس” مرجعياتهم الفاسدة.. اليست من “الكبائر” في هذا البلد ان تسمع الفاسدين يحاضرون في العفة وفي مكافحة الفساد.. ومتى كان الفاسدون هم روّاد الاصلاح والتغيير..

اليست من الكبائر ان نسمع ممثلي “الشعب” يبجّلون ويمجّدون بيانا وزاريا فيما الشعب الذي انتخبهم لا يصدقهم ولا يثق بكلمة من صفحات البيان الوزاري الاربعة.. العبرة والتباهي ليس في اختصار الصفحات.. بل في اختصار “التنظير” والمزايدة والخداع والكذب السياسي.. فالكذب بات ملح النواب والوزراء والساسة.. كان كمال جنبلاط يقول: “من يُكثر في المزايدة يكون دائما مستعدا الى القبول بأرخص التسويات”.. ويقول ايضا: “السياسة يفترض فيها أن تكون أشرف الآداب إطلاقًا”.

اليست من الكبائر ان يصدّق الوزراء – خاصة الجدد منهم – انفسهم ان الحلول لكل ازمات البلد ملك اياديهم.. “الطاهرة”.. مهلا.. مهلا .. يا سادة.. يا تكنوقراط.. “الآدامية والجامعة”  شيء، والثقافة السياسة شيء آخر في لبنان!!

سمعت وزيرا مكلفا بوزارة شؤون مكافخة الفساد يعد اللبنانيين بالقضاء على جرثومة الفساد واستئصالها من جذورها بمساعدة “متطوعين” لان لا مكتب ولا موظفين لديه.. مسكين وزير “الشرف” هذا.. انه خارج الزمان والمكان وخارج السياسة ومنفصل عن الواقع.. على كل حال تسميات هذا العدد الكبير من “وزراء الدولة” مدعاة استهجان وسخرية.. هذه الوزارات ليست الا جوائز ترضية للاحزاب والقوى السياسية.. نعم، ثماني وزارات دولة لا قيمة ولا معنى لها.. فقط انها جوائز ترضية مكلفة على خزينة الدولة.. وما على وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد الا البدء بنفسها اولا وبنظرائها..

أُطلق على هذه الوزارة شعار “استعادة الثقة”.. وفهمنا ان هذا العنوان يعني استعادة ثقة الشعب.. فلو لم تكن الثقة مفقودة لما كان المطلوب استعادتها.. لكن “كذبة” البيان الوزاري زادت من فقدان الثقة.. “جرّبوا يكحلوها عموها”.. اضافة الى وزارات الدولة وهي عنوان الفساد..

untitled

فلو عدّدنا ما ورد في البيان الوزاري.. حل ازمة الكهرباء.. حل مشكلة المياه.. حل ازمة السير.. حل ازمة الاستشفاء والطبابة والضمان.. حل عقدة الرواتب والاجور.. عودة الثقة بالدولة ومؤسساتها، وتعزيز الثقة بالاستقلال والسيادة وبسط سلطة الدولة.. حل ازمة الانترنت والاتصالات.. معالجة ازمة النفايات.. التنقيب عن النفط واستخراجه.. رفع اليد السياسية عن الأجهزة الرقابية.. اقرار الاستراتيجية الدفاعية.. قانون عصري للانتخابات.. النأي بلبنان عن الصراعات الخارجية.. مواجهة أعباء النزوح السوري.. والأهم، معالجة القضايا التي تعني المناطق الأكثر حرماناً والفئات الأكثر تهميشاً.. ممارسة الرقابة والمساءلة.. و..

طبعا، لا نحمّل الحكومة الحالية مسؤولية تحقيق كل ما ورد في البيان الوزاري.. لأن العناوين المطروحة هي حصيلة تقاعس وتقصير حكومات سابقة منذ ربع قرن وربما أكثر.. لكننا نحمّل النواب ومرجعياتهم.. مسؤولية “استهبال” اللبنانيين.. بطرح هذا البيان “الفضفاض”..

اللبنانيون ما عادوا يثقون بالوعود “الخلبية”.. وباتوا من النضج والوعي بحيث يرون ان الوعود الفضفاضة هي وعود كاذبة.. فمن “يُكبّر الحجر” فهو حتما يكذب ولن يضرب به هدفه.. لذلك، فان الوعود الكاذبة لا تؤدي الى “استعادة الثقة”.. بل على العكس.. اللبنانيون حجبوا الثقة فور سماعهم البيان الوزاري.. ولا تعنيهم ثقة النواب..

اللبنانيون، يفضلون تنفيذ وعد واحد على عشرات الوعود الكاذبة.. “القناعة كنز لا يفنى”.. مثلا حل ازمة الكهرباء.. وكانت ايام الحرب افضل حالا.. وقد حُلّت في العراق المدمّر والذي لا يزال يُدمّر وبكلفة أقل مما هدرناه حتى اليوم.. او حل ازمة سلسلة الرتب والرواتب من وفر فساد ادارة من الادارات الرسمية.. او حل ازمة السير.. حل ازمة واحدة مما ذكرنا، واللبنانيون عندها سيمنحون الحكومة الثقة.. والا فالانتخابات النيابية قادمة بصرف النظر عن قانون الانتخابات..

الملاحظ ان رئيس الجمهورية اعلن موقفا “استباقيا” عندما رفض تسمية الحكومة بحكومة العهد الاولى.. لأنه كان على يقين انها لن تُفلح في انجاز ما وعدت به.. وعند فشلها سيتبرأ منها.. اما القول انها حكومة حزب الله.. فهو قول يسهل على “الحزب” التبروء منه، سواء لجهة عدد وزرائه او لجهة الافراج عن الرئاسة او لجهة القبول بتكليف الرئيس سعد الحريري ومنحه الثقة للحكومة.. ولكنه حتما لن يتبنى وعود الحكومة.. وربما يكون “تنازله” عن “ثلاثية” الجيش والشعب والمقاومة، رغم امكانية فرضها في البيان الوزاري، ليس صدفة.. وان كان التنازل وعدم التبني، لا يعفينا من القول، ان حزب الله ليس اللاعب السياسي الاول في لبنان.. بل ربما يكون اللاعب الوحيد والحصري لإدارة الحكومة والدولة والمؤسسات الامنية وباقي المؤسسات والادارات وكل البلد..

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!