لماذا توقف اتفاق خروج المسلحين من حلب؟

بقلم منير محمود

من الظاهر حتى الآن، أن الإتفاق الذي حصل في مدينة حلب غير واضح خصوصاً من جهة النظام وحلفائه ما عدا الروس. فالروس هم من دبروا هذا الاتفاق لاعتقادهم بأنهم سيحققون فصل المتشددين عن الثوار، وبذلك سيكون بمقدورهم كما يعتقدون إنهاء الوضع بالقضاء على المتشددين، والاتفاق على انهاء الحرب بالتعاون مع بعض الوسطيين من الثوار.

هذه الفكرة، لاقت إستحساناً من أطراف كثيرين من الجهة الأخرى. فأعداد المسلحين داخل المربعات الأخيرة في حلب قد أصبح ضخماً بالنسبة الى تلك المساحة الصغيرة، ولا توجد ملاجئ لتأويهم. فأقل قصف سوف يطيح بعشرات من المقاتلين والمدنيين على حد سواء، وهذا لا يناسب الفريقين.

لذلك، كان الخروج حلاً يناسب جميع الأطراف المشاركين في الاتفاق. فتركيا بحاجة الى دم جديد لرفد قوات درع الفرات بالمقاتلين السوريين، وخصوصاً هؤلاء الذين خبروا العمل العسكري في حلب. والمتشددون من داعش والنصرة، سيتخلصون من عبء تلك الأعداد الضخمة المحشورة تحت النار، وهم بحاجة أيضاً الى دعم جبهة تدمر، التي لو تم إيصال هؤلاء المقاتلين إليها، لأصبحت تشكل خطراً على دمشق وحتى منطقة القلمون أي في عقر دار حزب الله. وهم استغلّوا ذلك في إخراج غنائمهم وأسلحتهم المتطورة وحتى أسراهم. أما الروس، فلهم مصلحة في الجزرة التي سيقدمونها الى الجميع لقبولهم بالاتفاق الذي لهم مصلحة فيه عند حساباتهم مع الأميركيين.

لذلك، وعند اكتشاف الطرف السوري بأنه الخاسر الأكبر من هذا الاتفاق، فقد أوقف هذا الخروج لأنه سيعني له تهديداً في أمكنة أخرى مع بقاء الكمية الكافية من المقاتلين التي ستشغل جيشه في حلب، ورأينا أن داخل حلب الشرقية مؤونة تكفي المقاتلين لفترات طويلة. وليس صدفة إبقاء الفوعة وكفريا، البلدتين التابعتين للنظام، والمحاصرتين من قبل المتشددين، الى ما بعد انتهاء الخروج من حلب، وذلك لضمان عدم تخريب هذا الخروج من قبل المتضررين.

ولكن، يظهر أن النظام، لم تزعجه فكرة خروج الأسرى ولا الأسلحة المتطورة حتى يفكر في تعليق الاتفاق، إنما في الحقيقة قد أخافته فكرة وصول تلك الأعداد الى خاصرته في تدمر، مع عدم قدرته على تحرير قواته وقوات حلفائه العاملة في حلب، مما سيشكل بالنسبة إليه خسارة كبيرة، وليس كما اعتقد بأنه على قاب قوسين من احتفال النصر الذي كان يفكر بالقيام به على أنقاض شوارع المدينة المدمَّرة.

(الأنباء)