إحياء ذكرى كلوفيس مقصود في “AUB”: كلمات استذكرت الرجل ورسالته المستمرة

أمسية شعر ونثر من القلب استعادت ذكرى كلوفيس مقصود مع عائلته ومع الأصدقاء والزملاء الذين اجتمعوا جنباً إلى جنب مع دبلوماسيين وباحثين وممثلين لمنظمات لدولية في إحياء لميراثه، في قاعة “الأسمبلي هول” في الجامعة الأميركية في بيروت.(AUB)

كلوفيس مقصود، المفكر العربي الشهير، الدبلوماسي، الصحافي، أستاذ العلاقات الدولية، ترك وراءه ميراثاً لامعاً في جميع أنحاء العالم بعدما رحل في منتصف أيار من العام الحالي. ولد كلوفيس مقصود في العام 1926، ودرس العلوم السياسية والاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت التي كان يُنظر إليها على نطاق واسع كمركز للأفكار الليبرالية العربية. تخرج مقصود من الجامعة في العام 1948، مطبوعاَ بأفكار قسطنطين زريق النهضوية ومُثُله العليا العروبية. بعد ذلك درس القانون في جامعة جورج واشنطن حيث حاز الدكتوراه، ثم تابع الدراسات العليا في جامعة أكسفورد.

بدايةً تحدث رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري فقال: “تراث كلوفيس مقصود الهائل سيبقى من بعده ومن بعد الكثيرين منا، وسيستمر مذكّراً به، مفكراً عميقاً ومسالماً أدخل دائما المبادئ وتفهّم الآخر في  كل حوار خاضه”.

وقد تحدّث أيضاً في الاحتفال تسعة من أصدقاء الدكتور مقصود عرفوه مباشرة كمثقف شغوف بقي حتى عامه التسعين يجمع العلماء وصنّاع السياسات لمناقشة هموم العالم العربي.

الدكتورة ريما خلف، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، والعضو في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، عادت بالذاكرة إلى واحد من التجمعات التي عقدها الدكتور مقصود في المصح في أواخر عمره. فقالت: “متوكئا على عصاه، ظل كلوفيس مقصود يحمل بين أضلاعه قلب الشاب المتحمس الذين احتج ضد الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة الشويفات وظلّ يحمل عزيمة الأستاذ الذي دافع عن المقاومة الفلسطينية أمام العالم. كما بقي يملك الحنكة الدبلوماسية التي مكّنته من جمع العرب مع نظرائهم الداعين أيضاً للحرية والعدالة في القارات الخمسة”.

رئيس الوزراء السابق الجمهورية العربية اليمنية محسن العيني استعاد الحكايات التي تعكس شغف الدكتور مقصود بالحوار وإبداعه فيه. فوصفه بالبروفسور العربي الذي ظهر على شاشات التلفزة الأميركية ليخبر الأميركيين عن القضية الفلسطينية. كما وصفه بالدبلوماسي المفوّه الذي ساعد رؤساء مثل جمال عبد الناصر، وجواهر لال نهرو، وجوزيف بروز تيتو، وأقام علاقات قوية معهم. كما وصفه بالمثقف الطليعي الذي عمل مع رؤساء المنظمات الدولية وجعلهم  يعطون الأولوية للبشر قبل  الاقتصاد في السعي إلى إلتنمية.

وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال أكرم شهيب، ممثلاً رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، قال: “اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى أمثال كلوفيس مقصود، المعارض الصلب للانقسامات في لبنان، وفلسطين، و في العالم العربي”. وأضاف: “نحتاج إلى أمثاله ، بنزاهته وإبداعه في الحوار، وديموقراطيته، وتقبّله للجميع، وإنسانيته، وعقلانيته، ورفضه العنف والإرهاب والقمع”. وأضاف: “لقد آمن مثلنا بأن أي انتصار للسلاح على صوت الحرية هو انتصار مؤقت.  وصوت الحرية سيعود دائماً، أقوى مما كان”.

الكاتبة وأستاذة العلوم السياسية، الدكتورة بيان نويهض تحدثت عن شغف الدكتور مقصود ببناء أمّة عربية علمانية ديمقراطية وذكّرت الحضور بتأثير زوجته الراحلة، الدكتورة هالة سلام مقصود، على المجتمع العربي الأميريكي. كما ذكّرت بدورها كواحدة من أكثر القادة تأثيراً في تاريخ لجنة مكافحة التمييز الأميركية العربية.

أستاذ علوم الاقتصاد ورئيس شركة أبحاث الاقتصاد المقياسية المحدودة الدكتور عاطف قبرصي قال أن مقصود تحدى الافتراضات المسبقة وأن مساهمته في القومية العربية، حولت اسمه الغربي “كلوفيس” إلى اسم عربي حقيقي. وأضاف: “يبقى كلوفيس  مقصود حياً  في كل موقف وطني وفي كل موقف فخر وحب. وهو سيبقى حيّاً فينا، طالما بفينا على اخلاصنا للقضايا التي آمن بها”.

الدكتور أسامة سلام شقيق الراحلة الدكتورة هالة مقصود، زوجة كلوفيس مقصود، تكلّم عن الظروف الوطنية والإقليمية والعالمية التي عمل فيها كلوفيس مقصود وعن العمل الذي لا يزال من الواجب إكماله. وقال: “كلوفيس مقصود توفي في 15 أيار، اليوم الذي شهد النكبة، وتشريد الفلسطينيين في العام 1948. وقد كافح مقصود بقوة ضد النكبة. وهذا الموقف سيستمر مع بقاء الكفاح للقضية الفلسطينية”.

خريج الجامعة الأميركية في بيروت طبيب الأطفال الدكتور جورج سالم، قريب الدكتور مقصود، تكلم عن رؤيته، ودعوته الصارخة لاشتراكية عربية، ولوحدة وقوة لبنان والمنطقة العربية . وختم قائلاً: “كلوفيس مقصود لم يستسلم أبدا وكان يعلم جيدا أن قضايا الشعوب لا يمكن تغطيتها بقمم سياسية أو إلغائها بقرار دبلوماسي. كن يعلم أن رحلته صعبة، وتتطلب المثابرة، والنضال. وقد عمل بجهد، وثابر وناضل.

أما رئيس تحرير جريدة السفير طلال سلمان فقال: “خسرنا رجلاً عظيماً وابناً مخلصاً لوطنه. كلوفيس مقصود عُرف بأنه صوت الوطن. ويستمر اليوم رمزاً للوطنية العربية. فلترقد بسلام يا كلوفيس مقصود”.