بدولة عادلة نستعيد لبنان

فيصل مرعي

الجميع كان ينتظر الأمل المنشورد، وها هو الامل قد تحقق بانتخاب رئيس للبلاد. واليوم، وبعد انتظار طويل، تحلق اللبنانيون حول الدولة، اقتناعاً منهم بأن لا مرجعية إلا مرجعية الدولة، الحاضنة لكل ابنائها دون استثناء. والمأمول اكثر فأكثر، ان تقوم دولة عادلة، لا ميزة فيها لامرئ على آخر، الا ميزة المعرفة والنشاط. ذلك ان التّغني بفرادة لبنان، لا يُجدي نفعاً، اذا لم يكن الجميع دولة وشعربً سواسية أمام القانون والدستور، لا سيما لجهة احترام المناصفة التي نصّت عليها وثيقة الوفاق الوطني، والتي اكدّت على إقرار قانون انتخابي عادل، يبني وطناً، لا مزرعة، ولا فدراليات طوائف، أي قانون يُريح الجميع.

ولقيام دولة عادلة ومستوية، فمن أولى اولوياتها تثبيت السلم الأهلي، والذي من أهم أسس نجاحه، الانصهار الوطني، في زمن كل فاغر فاهه لالتقامه، وجعله وقوداً، ومنصّة لاغراضه واهدافه. زد على ذلك ان عملية الانصهار الوطني تتطلب المزيد من الحوار، والانفتاح، والتفاهم، والتعاطي على قاعدة الاعتراف بالآخر، ولو بالحد الأدنى، بما يؤدي الى مزيد من التماسك والتلاحم. بهذا، يشتد ساعد الشعب كل الشعب. وبهذا ننفتح على بعضنا البعض على قاعدة القضية والمصير، ونرمم كل فسُد في الايام الخوالي، فنكون بذلك سداً منيعاً بوجه رياح عاتية قد تهب علينا حاملةً – لا سمح الله- سُحب المحن، والفتن، والتفتت والدوران في فلك الآخرين، حيث ان لبنان لا يزال في دائرة الحظر، سيما وان حرباَ ضروس تدور رحاها محاذية لترابه، مستبيحة الضمير والقيم الانسانية. وهنا نُشير الى ان من المهمات الاساسية للدولة حالياً عدم امتداد نيران هذه الحرب، التي قد تذهب بفرادته، وصيغته، ونموذجيته في هذا الشرق الكبير، ناهيك عن الالتزام بالقرارات والمواثيق العربية والدولية، وانتهاج سياسة النأي بالنفس، حفاظاً على لبنان من شر أطماع دول تعمل جاهدة على الاستئثارية، تارة بالضم، وتارة بالوصاية عليه، فيبقى أرض رسالات، والتقاء، وقيم، وسلام.

أما ما يبني دولة فعلية، فهو استعادة الاراضي المحتلة، وتحريرها من الغاصب الاسرائيلي، كان ولا يزال يسعى الى الاستيلاء على ترابنا، ومقدراتنا، وخيراتنا، وتدمير ثقافتنا، وحضارتنا، ونموذجيتنا في هذا المقلب الثاني من الكرة الارضية. كذلك من أسس قيام دولة قوية، مواجهة الارهاب قبل تفشِّيه، وضربه في المهد حتى انهائه. وهذا، لا يكون فقط باشهار السلاح بوجهه، بل بمحاربة الفكر الذي يعتنقه، علماً ان بعض الانظمة الديكتاتورية ساهمت في إيلاد بؤر الارهاب من خلال ممارساتها من خلال اذلال، وكبت حريات الشعب، فضلاً عن هذا الظلم الاجتماعي، حيث ان احزمة الفقر والبؤس راحت تلفه من كل حدب وصوب دون الالتفات الى مفاعيله وعواقبه.

ان ما يقيم دولة عادلة، وما يُبعد الارهاب، وما يعيد لبنان الى الاستقرار تفعيل المؤسسات، وفي مقدمها الامنية والقضائية، خاصة وانهما صنوان لا ينفصلان، بحيث ان كلاً منهما متممان لبعضهما البعض، زائد الاحتفاظ باستقلالية كل منهما، فيرتاح الشعب الى حسن ادائهما فتقوم ساعتئذ دولة الحق والقانون التي وجدت اصلاً لحماية ولخدمة الناس، وتلبية وتسهيل حاجاتهم.

ولقيام دولة، مستقرة، ومتعافية، اقتصادياً، واجتماعياً… على طراز بعض الديمقراطيات الغربية، يجب اطلاق مشروع اللامركزية الادارية، كما نصّ عليه اتفاق الطائف، علماً ان هنالك من يرغب في الجنوح نحو المزيد من المركزية. وتجاهله يعني تجاهل عملية الاصلاح، على ان عملية الاصلاح، يجب ان تترافق مع الانماء المتوازن الذي من شأنه حماية لبنان. والحفاظ على وحدته.

بهذا، تقوم دولة الحق والعدالة، وبهذا نستكمل الوحدة الوطنية، ونُنجز الاستقلال التام، فتستقيم قناة لبنان.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…