مؤتمر مراكش 2016 لتغيّر المناخ: هل يرفع التحدي لإنقاذ البشرية؟

محمود الاحمدية

«هذه الأرض لم نرثها من جدودنا بل اقترضناها من أحفادنا» (شعار مؤتمر الأرض في الريو دي جينيرو)

بين 7 و18 تشرين الثاني 2016 على مدى 21 يوماً ينعقد مؤتمر المناخ العالمي في مدينة مراكش المغربية العربية ورمز عنوانه بالأجنبية (COP22 Marrakech Maroc) وهو مؤتمر سنوي برعاية الأمم المتحدة وموضوعه الرئيسي التغيرات المناخية ومن أهم عناوين هذه المؤتمرات مناقشة ومتابعة وتحليل التغيرات المناخية ومن أهداف مؤتمر مراكش الحالي أن يشكل تتويجاً لآخر مؤتمرين شبيهين بين 2014 و2016 في كل من مدينة ليما ومدينة باريس.

 وزيرة البيئة المغربية أطلقت شعاراً جميلاً ورائعاً ورؤية إبداعية في المؤتمر الصحافي الذي عقدته عندما قالت: “أن الهدف الرئيسي للمؤتمر دراسة آثار التغيّر المناخي والبحث بشكل جدّي وفعّال عن الطاقة البديلة وأردفت قائلة: في ليما كانت المناقشات وفي باريس كانت القرارات وفي مراكش سيكون مؤتمر العمل والتطبيق على الأرض…”

وكنظرة تاريخية وفي ضوء الإهتمام العالمي بقضية حدوث تغيّرات في المناخ نتيجة للإحتباس الحراري أو التّدفئة العالمية التي تنتج عن زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، المسبّبَة لهذا الاحتباس ولارتفاع حرارة الأرض عقدت الأمم المتّحدة مؤتمراً سُمّي (قمة الأرض) في ريو دي جينيرو عام 1992، وكان الهدف الرئيسي: «تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستوى لا يحدث تداخلاً مع نظم المناخ، وأن يتحقق ذلك خلال فترة زمنية تسمح للنظم الإيكولوجية بالتأقلم مع تغيّر المناخ».

ثم توالت المؤتمرات من الريو إلى برلين عام 1995 حيث جرى اتفاق التزام دول جديدة للحدّ من انبعاث غازات الاحتباس الحراري وفي كيوتو اليابان عام 1997 تمّ إقرار «بروتوكول كيوتو» الذي يلزم الدول الصناعية بخفض إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري منها بنسبة 5 بالمئة على الأقل تحت مستويات 1995 بحلول 2012.

air-pollution

وبدأ الصراع بين الدول منذ عام 1998 حيث تستأثر الدول الغنية بحصة الأسد في تلويث الكون وانبعاث الغازات المسببة الدفيئة ومن ثم ارتفاع حرارة الأرض وكان الموقف المفاجئ عام 2001 في 28 آذار عندما أعلنت الإدارة الأميركية انسحابها من مؤتمر كيوتو وعام 2002 أعلنت أميركا استراتيجيتها الخاصة لخفض انبعاثات الغازات بنحو 18 بالمئة ومما يجدر ذكره أن كلاً من مصر والأرددن والمغرب وتونس وقّعت على مؤتمر كيوتو وتوالت المؤتمرات وصولاً إلى مراكش حيث يشارك حوالي ثلاثين ألفاً منهم ثلاثة عشر ألفاً مرتبطون مباشرة بالمباشرة والباقون جزءٌ من هذه التظاهرة البيئية الكونية، وهناك 1500 صحافي و8000 مندوب عن القطاع الأهلي البيئي يؤكدون أهميّة وقيمة هذا المؤتمر بحضورهم وعلى مدى 21 يوماً كلّ التفاصيل…

ومما يجدر ذكره، أن الطاقة البديلة ستشكّل المادّة الرئيسية لهذا المؤتمر ولتبسيط الأمور، الطاقة البديلة هي الطاقة الهوائية التي تستند على الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة التس تستند إلى مياه السدّود المولّدة للكهرباء والطاقة المستندة على حرارة المياه في أعماق الأرض وكلّ هذه المجالات في استخدام الطاقة البديلة تخفف عن الكون والأرض والإنسانية ارتفاع الحرارة والاحتباس الحراري لسبب بسيط أنه ليس هناك أي مؤثرات أو غازات ملوثة ومسببة في هذه الطاقات البديلة لأنه وفي وضعنا الحاضر نسبة ضخمة في أغلبية الدول تستند إلى الطاقة الأحفورية من الفحم إلى المواد البترولية إلى كل مشتقاتها التي تنتج عند استعمالها غازات مسبّبة الدفيئة وعلى رأسها ثاني أوكسيد الكربون Co2.

%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%b4

لن نغوص أكثر في الموضوع حتى لا يدخل الملل إلى القارئ الكريم ولكن ليس عَبَثاً أن تُختار للمرة الثانية مدينة مراكش لاجتماع 175 دولة في أسمى وأهم قضية إنسانية بعقد مؤتمر فيها وعنوانه الإنساني إنقاذ الأرض والإنسان عن طريق التطوّر باستعمال الطاقة البديلة، ويكفي أن نعلم أن المغرب يشكل بجانب ثلاث دول هي كوستاريكا بوتان وأثيوبيا الدول الأهم في العالم أجمع على صعيد الحفاظ على البيئة ببرامج عملاقة بحيث يسير المغرب بخطى حثيثة نحو استعمال 42 بالمئة من طاقته كطاقة بديلة بحلول عام 2020 وخاصة في إنتاج الكهرباء و52% من الطاقة البديلة بحلول عام 2030 ومن ضمن برامجه ومشاريعه البيئية العملاقة المركز الإنتاجي الشمسي في (أورزازات) حيث وبحلول عام 2020 سينتج 20000 ميغاوات من الطاقة الشمسية غير الملوثة ويُعدّ وباعتراف الدول المتقدمة أعظم مشروع منتج للطاقة الشمسية على الكرة الأرضية… ومن دواعي فخرنا أن يصل المغرب إلى هذا الارتقاء الدولي، وعندما يتم هذا المشروع سيكون بإمكانه إيصال الكهرباء لأكثر من مليون عائلة مغربية وذلك من خلال مساحة 450 هكتار و500,000 مرآة علو كل منها 12 متراً وموزعة على 800 صف طولي… هو مشروع الألفية الثالثة وبداية التغيير الحقيقي في النظرة إلى الطاقة غير المؤذية وغير المسببة لارتفاع حرارة الأرض هي الطاقة الشمسية…

نتمنى لهذا المؤتمر الكوني أن ينجح ويرتقي لإرساء قواعد جديدة في استعمال الطاقة الجديدة وأن يشكل المستوى العملي التطبيقي لما اتفق عليه في مدينتَيْ ليما وباريس…

وكل القلوب على سطح الكرة الأرضية وخاصة المتابعين لهذا الملف الكوني البيئي، كل القلوب تتابع ما سيقوم به الرئيس الأميركي ترامب لأنه هدد بالانسحاب من هذه المؤتمرات أثناء حملته الانتخابية قبل انتخابه رئيساً! والسؤال يبقى: هل المؤسسة الأميركية ستنزلق إلى حد تدمير كل ما قامت به المؤتمرات المناخية منذ عام 1992… الجواب عند الرئيس ترامب…

يبقى سؤالين: الأول، على أي أساس أو مواصفات أو مرتكزات تشكّل الوفد اللبناني المشارك لعلّ الأسباب واضحة وتعودنا عليها. والثاني، أين لبنان من كل هذا التطور الحضاري البيئي العالمي في احتضان تجربة الطاقة البديلة.

(*) رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

عضو اللجنة البيئية في نقابة المهندسين في بيروت

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة