عهد بالواقعية السياسية تستقيم قناته

فيصل مرعي

من الصعوبة بمكان معرفة ما ستؤول اليه الايام القادمة بعد انتخاب رئيس للجمهورية؛ اذ من حق اللبنانيين ان يتساءلوا عما بعد بعد هذه المرحلة، وان يُسروا في الوقت نفسه، باعتلاء رئيس جديد سدة الرئاسة بعد فراغ طال أمده قرابة سبعين شهراً ونيِّف، وتعطّلت فيه الحياة السياسية، وكل مرافق الدولة، فكان ان دفع لبنان اثماناً باهظة على كل الاصعدة والمستويات، ما استوجب اعادة النظر بكل الملفات، لا سيما منها السياسية والاقتصادية.. فالمعاناة هي معاناة سياسية قبل اي معاناة منذ نشأته، بانت فيها معايب النظام القائم، ادت الى استجرار الازمة تلو الازمة، والى هذه الفوارق، والى هذا التفاوت الاجتماعي.

في كل الاحوال، ما يهمنا الآن، من العهد الجديد، اراحة الناس امنياً واجتماعياً، تأميناً لحياة عيش كريم يضرب الاحتكار، وتخفيض الاسعار، والحد من البطالة، والهجرة اولاً، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ثانياً. وذلك لن يتحقق، الا بالقبول بالواقعية السياسية، وردفها باستقرار سياسي ومالي، بما يمكن العهد الجديد بالاستمرار والنجاح. ساعتئذ، إما أن يُلعن العهد، وإما ان يُخصب. إلا ان هذا الواقعية السياسية تتطلب اكثر ما تتطلب البدء بالعلمنة السياسية والادارية، بعيداً في الوقت الحاضر عن العلمنة الاجتماعية.. ترافقاً مع تحقيق العدالة الاجتماعية، الآنفة الذكر،ناهيك عن حماية الحدود، واتباع سياسة النأي بالنفس، اي ابعاد لبنان عن نار حرب ضروس تدور رحاها بمحاذاته، وإقامة علاقات دبلوماسية مع جميع الدول ضمن سياسة الاحترام المتبادل.

هذه الواقعية السياسية التي رفعها الرئيس وليد جنيلاط شعاراً، وثابتة من الثوابت الاساسية في مسيرته السياسية حدت به الى عدم وضع عراقيل امام انتخاب رئيس للبلاد، وبالتالي تسهيل توليف حكومة يكون فيها الجميع سواسية، وعدم حرمان احد من حقوقه السياسية، طالباً المشاركة بالحد الادنى، ولكن دون غبن واجحاف.

aoun-hariri

واليوم، لبنان بأمس الحاجة الى هذه الواقعية، خصوصاً لجهة ، تثبيت السلم الاهلي، وتعزيز الوحدة الوطنية، قياماً لدولة عادلة تحترم الجميع، ويطمئن اليها الجميع، والعكس صحيح، كما تتطلب توليف حكومة على مستوى المرحلة، قادرة على معالجة ازمات عمرها عمر لبنان، نابعة من خلل سياسي واقتصادي منذ قيامة لبنان. فلا استقرار امنياً دون استقرار سياسي. فما هو مطلوب بإلحاح احترام اتفاق الطائف وتنفيذه بحذافيره وصولاً ال هذه الاستقرار السياسي والامني، تقوية للشراكة الوطنية التي هي في اساس نهضته وتميّزه في هذا الشرق الكبير.

ذلك ان اتفاق الطائف والدستور صنوان لا يفترقان، علماً انه يجب تطوير منطق الطائف حسبما تتطلب المرحلة، أما التغني بفرادة لبنان، وتعدديته، وتنوعه، فلن يقوم لها قائم، ما لم يكن هنالك مناصفة حقيقية ذات حياة سياسية جديدة، تتمثل بقانون انتخابي يراعي حقوق الجميع، ويعزز العيش المشترك، بما يحقق عدالة التمثيل الشعبي، تحقيقاً لوحدة وطنية صحيحة وسليمة، خصوصاً وان لبنان عانى دُهم الليالي وجورها. فلن تستقيم قناته دون استقرار سياسي وأمني، تصدياً لما قد يهب عليه من صعاب وأيام حوالك.

هذا، وقد يطول بنا الحديث اذا ما اتينا على ذكر الصراع العربي- الإسرائيلي، وعلى الارهاب، والعناوين المتعلقة بالقضية والمصير.

بكلمة، نريد لبنان في مصاف الدول الراقية والمتقدمة، لبنان الرسالة والقيم، لبنان العدالة، لا لبنان العسْف والجلْد. هذا ما نأمله من العهد الجديد لا غير. فلْنلتقط الفرصة.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…