جلسة الانتخاب الرئاسية والشرشحة الموصوفة!

محمود الاحمدية

«ومن الناس مَن يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين… يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» (البقرة 8، 9).

يوم 31/10/2016 سيبقى في ذاكرة كل لبناني، الأنظار شاخصة على شاشات الفضائيات، وبدأ المشاركون في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بالتوافد… مواكب سيارات إذا جمعت أثمانها لقارب المليار دولار أميركي.. في مناسبات مماثلة في أوروبا والعالم المتحضر يأتون في سياراتهم المتواضعة التي يعتبرونها وسيلة وليست فرصة للفخفخة وشوفة الحال وتعريض الزنانير…

عودة إلى موضوعنا الأساسي، بقيت الأنظار شاخصة على الشاشات من كل أنحاء العالم وخاصة المهاجرين بشكل عام ومن اللبنانيين بشكل خاص، وخاصة أن وزير التربية وبطريقة غير مقبولة يعطي المدارس فرصة لا علاقة لـ 90 بالمئة منها في لبنان بهذه المناسبة ومجرد أي تبرير يقع خارج العقلانية…

واكتمل النصاب وبدأت عملية الاقتراع التي انتظرها اللنبانيون متأخرة سنتين ونصف السنة وكانت المفاجأة الأولى، وفي الدورة الأولى والتي تحدّدت بوعود فوق الـ 90 نائب سقطت ولم تستطع استقطاب الثلثين، وجاء بين الأسماء مريم كلينك نموذج التزليط والتعرية في عالم التواصل الاجتماعي وأسماء زوربا اليوناني وورقة (مجلس شرعي أو مش شرعي) وعدة أوراق (ثورة الأرز).

LEBANON-PARLIAMENT-SPEAKER

وجاء دور الانتخاب الثاني حيث يفوز بالرئاسة من يحوز على الأغلبية المطلقة أي 65 نائباً، وهنا وقعت الواقعة وبانت بعض الحركات التي شرشحتنا أمام العالم أجمع وأمام ملايين المشاهدين وأمام السلك الدبلوماسي الأجنبي والعربي الحاضر… مسرحية سمجة بكل ما للكلمة من معنى، فأي عاقل يتقبل الخطأ بعدد الظروف 127 ولمرتين متتاليتين العدد الموجود، كان 128 ظرف حتى كان الاقتراح المذل لكل نائب ولكل لبناني أن يوضع الصندوق أمام الرئيس تمام سلام ويأتي النواب بأنفسهم لوضع الورقة في قلب الصندوق ويعودوا إلى أماكنهم (مثل الشاطرين)!

وأسمح لنفسي وبعد نضال بيئي في الحقل الأهلي وعلى مدى ثلاثين عاماً أكثر من عشرين مناسبة انتخابية لم تمر بمثل هذه المهزلة المسخرة والتي عرّتنا أمام العالم أجمع…

والحمدلله وبعد الدورة الرابعة تمّ انتخاب الجنرال ميشال عون بأغلبية 83 صوتاً و36 ورقة بيضاء…

يبقى الملاحظة الأساسية لكل المراقبين جميل جداً أن يحتفل التيار الوطني الحر بفوز الجنرال عون وأن تمتلئ الساحات بالبرتقالي وبشعور كبير بأن كرسي الرئاسة لم يعد فارغاً ويشارك بعض من القوات في هذه الاحتفالات ولكن العقل والرزانة، وأقولها بكل خلفية نظيفة، يفرضان الهدوء وإشعار شريك الوطن بأن الفرح عام وأنه لولا دعم حزب الله وتسمية جعجع وترشيح الرئيس الحريري والأستاذ وليد جنبلاط لما استطاع الجنرال عون الوصول، فجلّ المقابلات إن لم نقل كلّها لم تعط مساحة ولو صغيرة لأهمية ترشيح الآخرين للجنرال عون وخاصة عندما يلاحظ كل متابع موضوعي أنّ مَن حرّك وجه البحيرة الجامد هو الشيخ سعد الحريري، والبراغماتية تقضي بالإقرار أنه لولا شجاعة قرار الحريري لما حلم الجنرال عون بالرئاسة…

untitled-3_1_

أملنا وبعد قول مبروك للجنرال عون أن ينهض الوطن من سباته ويكون على مستوى كلمة القسم وعلى مستوى حلحلة جبال المشاكل التي تواجهه…

وتبقى قصة الظرف رقم 128 الفضيحة، ومجيء النواب إلى الصندوقة، حديث يختصر وطناً معرض للانهيار إذا لم يستطع الجنرال لعب دوره التاريخي!

 (*) رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

(*) عضو اللجنة البيئية في نقابة المهندسين في بيروت

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة