هل نحن امام جمهورية من طراز آخر؟

فيصل مرعي

منذ سبعين سنة ونيِّف، ولينان ما زال يعاني، سياسياً، واقتصادياً وحتى أمنياً. وما يؤرقه اليوم ليس بجديد. إذ ان ما يحصل الآن بالذات، هو امتداد لأزمات متراكمة طوال عهود وعهود، بحيث انه لم يكن همها سوى تأمين مصالحها، ومصالح بطانتها وحاشيتها، واصهرتها. نتيجة هذا السلوك دفع لبنان أثماناً باهظة، أدت الى هذا الانقسام العامودي بين اللبنانيين، والى تعميق الطائفية، وصولاً الى المذهبية المقيتة، التي راحت تنخر في الاذهان والعقول، ما سبب الازمة تلو الأزمة، والمشكلة تلو المشكلة، فأضحى الوطن على قاب قوسين او ادنى من الانهيار على كل الصعد، لولا ان الله قيّض للبنان رجالات كباراً كبر الزمان، لكنّا في عداد الدول المارقة، والضاربة في بطون جاهلية جديدة. في هذا المجال، ما يهمنا اليوم الخروج من الماضي الأليم، واصلاح ما فسُد سابقاً، والاقلاع عن الحروب، والتعطيل، والفوضى، واصلاح ما بين ذات البين بصحوة ضمير، لان ما نتجاهله اليوم، لن نستطيع القيام به غداً.

فاليوم نحن، امام جمهورية جديدة، حاملة بارقة امل، مبشرة بعهد جديد، وفجر جديد، اذا صح قول بعض أهل السياسة، والمتفائلين بهذا الخيار، دِرءاً لما هو آت، ولما لم يكن بالحسبان.

فلا يعتقدن احد ان ما مضى من احداث سيُمحى بليلة وضحاها. نقول عفا الله عما مضى، اذا تخلّت الجمهورية الجديدة عما تركه الماضي لنا من احمال واثقال مليء بالكوارث والارتهانات للخارج، وانتهاج مفاهيم جديدة تقود البلد الى الشاطئ الامين، تعزيزاً للوحدة الوطنية، وتثبيت السلم الاهلي، وبالتالي النهوض به، اقتصادياً، واجتماعياً، وأمنياً… وعلى هذا، لن يكون هنالك جمهورية دون استراداد لبنان القيمة والرسالة، صحيح ان انتخاب رئيس للبلاد من أسس قيام الدولة، ولكن ذلك لن يكون مجدياً ما لم نقم بالتسوية العادلة والشاملة قياماً لدولة القانون والمؤسسات…

بعبدا

الا أنه لتستقيم قناتنا، اكثر فأكثر يجب الاتيان بقانون انتخابي، يمهد ويؤسس لقانون نسبي، علماً ان النسبية، حالياً قد يعود بنا الى الوراء في ظل أزمات شائكة ومصيرية، وفي ظل حرب ضروس تدور رحاها في سوريا، وفي ظل وضع اقتصادي، ناهيك عن هذه التجاذبات السياسية التي ما ان تهدأ يوماُ، سرعان ما تطفو ثانية، فضلاً عما يريده كل لنفسه، وحرمان الشعب من حقوقه الاجتماعية…

أما الميثاقية، فهي كل مكونات الشعب، ولا تقتصر على فئة دون اخرى. وهذا ما يجب ان يتنبه اليه العهد الجديد. فما يدّعيه البعض من اجحاف وحرمان، مجافٍ وموارب للحقيقة، خاصة وأن الطائف أقر المناصفة والمشاركة، الا ان العبرة تكمن في تطبيق بنوده. ولو كانت الكفاءة وحدها هي الحكم والمستند، لكنّا بغنى عن هذه المهاترات والاستفزازات، ولم تكن لتطير على الالسن بين الفينة والفينة. بمطلق الاحوال، نحن بحاجة الى نظام يعتمد الكفاءة، وتكافؤ الفرص اساساً، لا كأفراد، تارة بالانتقاء، وطوراً بالولاء.

نهاية، إننا ننتظر اداء الجمهورية الجديدة، خصوصاً وان امامها استحقاقات كبيرة، ومفصلية، لا سيما لجهة الاتيان بقانون انتخابي مغاير للقانون الحالي، وبرمجة الغاء الطائفية السياسية، وتفعيل المؤسسات، والنهوض بالاقتصاد، والنأي بالنفس، وتحييد لبنان عن حرب قد تتطاير شرارتها لتطال لبنان…

فهل نحن امام جمهورية جديدة من طراز آخر؟

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…