بعد تجاوز قطوع ترشيح عون… ماذا عن التكليف والتأليف؟!

ناجي مصطفى (الأنباء)

 أما وقد دعم الرئيس سعد الحريري الجنرال ميشال عون كمرشح لرئاسة الجمهورية فانه بات من قبيل المؤكد ان جلسة الحادي والثلاثين من الشهر الجاري ستوصل رئيس التيار الوطني الحر الى قصر بعبدا كخاتمة “سعيدة” لحلم راوده ذات صيف من العام 1988 وظل ملازما اياه في منفاه الباريسي وبعد عودته الى لبنان عام 2005 حتى اليوم.

 غير ان العبرة ليست في بلوغ سدة الرئاسة الاولى بل في ما ستحمله الايام الاولى من الحكم لا سيما مع بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة ومن ثم تأليف حكومة بداية العهد الجديد ومن بعدها في وضع البيان الوزاري لها ، ففي هذه  المحطات الثلاثة تكمن العقدة ويبرز الاستعصاء.

   واذا كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اوحى بامكان سير الحزب بحكومة يرأسها الحريري رغم امتعاضه مما تضمنه خطاب الحريري بدعم ترشيح عون من مواقف عالية النبرة ازاءه، غير ان المشكلة ستبقى في التأليف لا سيما مع اصرار الرئيس بري على عدم التصويت لعون وبالتالي بقاؤه في المعارضة من خارج الحكومة مع ما يعنيه ذلك من ان حقيبة المالية، وهي التي جرى التفاهم عليها في الطائف على انها من حصة الطائفة الشيعية لتمكين الممثل الشيعي في السلطة التنفيذية من التوقيع على جميع المراسيم الى جانب توقيعي رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني، ستؤول الى حزب الله، الامر الذي يطرح التساؤل حول ما اذا كان بالامكان اسناد مثل هذه الحقيبة الى وزير من الحزب في الوقت الذي يتعرض فيها حزب الله  الى ضغوطات وعقوبات مالية دولية من اكثر من جهة خارجية.

   قد يقول قائل ان حكومات ما بعد الطائف اتت بالشهيد رفيق الحريري وزيرا للمالية في اكثر من حكومة فما الذي يمنع من ان تستعاد التجربة ذاتها مع الحكومة الحالية؟ ان التدقيق في حكومات ما بعد الطائف بينت ان حقيبة المالية اسندت في حكومتي الرئيسين سليم الحص وعمر كرامي الى الوزير علي الخليل المقرب من الرئيس بري وذلك ما بين العامين 1990-1992، غير ان سوريا التي كانت متحكمة بالاوضاع اللبنانية، وفي اطار تفاهمها مع السعودية وبالتنسيق مع الاميركيين اطاحت بما كان متفاهما عليه في الطائف لناحية اسناد حقيبة المالية الى الطائفة الشيعية، بحيث اوكلت الملف الاقتصادي والمالي بكامله الى الحريري القادم من خارج نادي رؤساء الحكومة التقليديين فيما اوكلت مهمة المقاومة حصرياً الى حزب الله بعد تفاهمها مع ايران والذي جرى التعبير عنه من خلال اتفاق دمشق1 ودمشق2  فيما أوكل الى حركة امل شأن تمثيل الشيعة من داخل الدولة كتعويض عن حصر المقاومة بيد حزب الله كحاصل تنسيق عسكري سوري ايراني مشترك.

   بعد خروج سوريا من لبنان وتمكن فريق الثامن من اذار من الامساك مجدداً باللعبة السياسية لا سيما في اعقاب اتفاق الدوحة عادت حقيبة المالية مجددا الى حركة امل، فكيف سيكون حل هذه العقدة عند تأليف الحكومة الحالية لا سيما اذا استمر الرئيس بري على موقفه بالبقاء خارج الحكومة؟ وهل سيتفرد حزب الله في كل الحقائب الشيعية؟ وهل سيكون ذلك ممكنا في ضوء الحصار الدولي المفروض على حزب الله؟

انها اسئلة مشروعة يجب على الرئيس العتيد تقديم اجابات عليها قبل غيره، لا سيما وانه مرشح حزب الله اولا واخيراً. ولو سلمنا انه بطر يقة او بأخرى جرى حل هذه الاشكالية فانه ستنهض بلا شك اشكالية اخرى اكثر استعصاء تتعلق بالبيان الوزاري الذي ستقدمه الحكومة للبرلمان والذي على اساسه ستنال الثقة من عدمها، كيف ستكون صيغة هذا البيان؟ وهل سيرضى حزب الله بأقل من ان تدرج معادلته “الذهبية” الشهيرة المتعلقة بالشعب والجيش والمقاومة في صلبها؟ وكيف سيتصدى البيان العتيد لمسألة مشاركة حزب الله في القتال في سوريا؟ وغيرها وغيرها من الالغام العائمة منها والمستترة.

   من هنا تبرز مجددا أهمية سلة الرئيس بري كأساس ضروري سابق على هذه المازق المتتالية، والمرشحة للاسف لان تؤخر التأليف وصياغة البيان الوزاري، ولنا في تجارب تأليف الحكومات الاخيرة الكثير من العبر والدروس غير المشجعة فهل من يرعوي؟!

اقرأ أيضاً بقلم ناجي مصطفى (الأنباء)

اعتماد النسبية… مدخل الى الاخلال بالتوازنات الداخلية في لحظة احتدام طائفي على مستوى الاقليم

بين موسكو وطهران: اختلاف استراتيجيات في سوريا… أم أكثر؟!

غياب المشروع العربي فتح قابليات القوى الاقليمية للتوسع والسيطرة

لماذا شيطنة قانون الستين وتقديس النسبية؟

سقوط تدمر بيد “داعش” يكشف زيف ادعاء نظام الاسد بقتال الارهاب!

حرب الفيتوات المتقابلة تهدر فرص تأليف الحكومة وتعوق انطلاقة العهد!

وليد جنبلاط المسكون بهاجس التاريخ… قلق من لعبة الأمم!

بعد الانتخاب والتكليف ومساعي التأليف: حكومة الفرصة الأخيرة ما قبل الانهيار والفشل!

سيناريو إفتراضي لما بعد إنتخاب عون!

الاستحقاق الرئاسي: بين سلة بري واستعجال عون!

الاستحقاق الرئاسي: بين ارتباك المستقبل ومناورات حزب الله!

عام على التدخل الروسي في سوريا: اي حصيلة واي نتائج؟

سوريا: قوى تتقدم وأخرى تنكفىء وأشلاء وطن تنزف دما وهجرة!

وليد جنبلاط داعية الوحدة في زمن الانقسام الطائفي والمذهبي

بعد ثورات الربيع… أليس لهذا الليل العربي من أخر؟!

عن الميثاقية المظلومة… ما لها وما عليها!

مستقبل سوريا: اخر محاولات للتسوية والا التقسيم

في ذكرى مصالحة الجبل: تأكيد الاصرار على العيش الواحد

لبنان في ثلاجة الانتظار… الى متى؟

زيارة وليد جنبلاط الى الصرح البطريركي… اي ابعاد؟