لماذ تخاف القوى السياسية من فريق عمل العماد عون؟

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

 

الخطوات المُتسارعة التي تسبق جلسة مجلس النواب المُخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية في 31 اوكتوبر/ تشرين الاول؛ طرحت مجموعة من التساؤلات، واثارت بعض المخاوف عند قوى سياسية عديدة في لبنان من الكيفية التي سيتم التعاطي فيها من قبل فريق عمل العماد ميشال عون، حيث اصبح شبه مؤكد وصول عون الى قصر بعبدا بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري المؤيدة لترشيحه.

اوساط سياسية متابعة؛ تُعيد الى الاذهان الطريقة التي يتعاطى بها اغلبية الاشخاص الذين يشكلون فريق عمل العماد عون، من وزراء ونواب وقيادات أُخرى. وترى هذه الاوساط في اسلوب التخاطب الذي يعتمده معظمهم بعض الخشونة، كما انهم يتعاطون بإسلوب فيه شيء من التشكيك بالآخر مع بعض الاستعلاء، او ” الإتهامية” التي لا يجوز ان تكون عند فريق يُساعد رئيس الجمهورية في قيادة البلاد.

وتُظيف هذه الاوساط؛ ان تجربة اغلبية فريق عمل العماد عون في إدارة الملفات الحكومية وغير الحكومية التي تولوا مسؤوليتها في الحقبة الماضي؛ لم تكُن تجربة موفقة، وقد شابت الإخفاقات معظم القطاعات التي تولُّوا ادارتها، لاسيما منها قطاع المياه وقطاع الكهرباء، وقطاع الهاتف، ناهيك عن قطاع النفط، حيث فشلت وزارة الطاقة – التي يتولاها التيار الوطني الحر منذ زمنٍ بعيد – فشلاً ذريعاً في إخراج هذا الملف من الكبوة التي أصابته وأجَّلت عملية الاستثمار لثروات البلاد الدفينة الى زمنٍ غير معروف، بينما بدأت الدول المجاورة ومنها العدو ” الاسرائيلي ” بإستخراج الثروة من المياه الاقليمية.

ومن المخاوف التي تخشاها مجموعة كبيرة من القوى السياسية التي ستشارك الرئيس العتيد المسؤوليات، او من القوى التي ستكون في الصفوف المعارضة له؛ نقص الحِرفية والامتهان عند غالبية فريق العمل، ومُعظم هؤلاء وصل الى الموقع كونه اكثر تطرُّفاً من غيره، او انه يبالغ في إعتماد الشعبوية الفئوية التي تصنع جمهور ذاتي، ولكنها تُضرُّ بالوحدة الوطنية.

اما منسوب الحماسة الحزبية عند العديد من الاشخاص المقرَّبين من العماد عون؛ فلا تتحملها مساحة المهمة الواسعة التي يُفترض ان يتولاها الرئيس العتيد، لكونه بعد الطائف؛ اصبح حَكَماً بين الاطراف اللبنانية كافة، وهو رئيس كُل المؤسسات التي تُدارُ بواسطة اشخاص آخرين، تفرض الميثاقية اللبنانية ان يتشكلوا من تنوع مؤلف من ابناء الطوائف اللبنانية كافة.

رئيس الجمهورية اللبنانية بعد اتفاق الطائف الذي جرى في العام 1989؛ يختلف عن رئيس الجمهورية قبل ذلك التاريخ. فإذا كان الدستور اللبناني أناط السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية قبل الطائف؛ فهذا الدستور ذاته اصبح يُعطي هذه الصلاحية لمجلس الوزراء مجتمعاً بعد الطائف، وهذا يعني ان الرئيس مُلزم بأن يُشارك الآخرين في قيادة الدولة، ولا يستطيع بإي حالٍ من الاحوال الإستفراد بأي موقف، وبعض من فريق العماد ميشال عون اصبح يتصرف على غير هذه الشاكلة، بحيث يُؤخذ عليهم إغداق الوعود للموالين من الحزبيين، كما في الوعود للقوى السياسية الأُخرى بتحقيق مكاسب، ومِثال على ذلك ما يُحكى عن “سلَّة” مُلئت بالحصص التي وزعتها تفاهمات الوزير جبران باسيل من نادر الحريري.

تقول اوساط عربية متابعة لما يجري في لبنان، وواكبت التحضير لإتفاق الطائف؛ ان الرئيس اللبناني بعد هذا الاتفاق لا يجوز ان يكون فئوياً، ذلك لأنه مُلزم بالتعاطي مع الفرقاء اللبنانيين جميعاً بعيداً عن الاصطفافات الحزبية. كما ان الرئيس مع فريق عمله يُفترض ان يكونوا رجال دولة من الطراز الرفيع، وهذا شرط من شروط نجاح الرئيس في مهمته، كما انه شرط لتوفير استقرار للبلاد، فالرئيس حَكَم بين الجميع، ولكنه يتحكَّم بمفاصل الدولة وحركيتها في الوقت ذاته. مهمته دقيقة وحساسة، تتطلب إبداعاً ومهارة، كما تتطلب فريق عمل مَرِن، وغير فئوي. فهل يتحضَّر الرئيس العتيد الى مثل هذه المقاربة، ام ان لديه تصورٌ آخر، يمكن ان يُصيب، ويمكن ان لا يُصيب؟

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية