عفوك حلب!

جاد دلال

أنباء الشباب

مسلوبَ الأرادةِ، تجدُ نفسك مشدوداً بخيطٍ من الرغبة والألم والاهتمام لمتابعة جرائم العصر الحديث في حلب.

لتشهد كيف يقتل الأخ أخاه، وكيف ينحرُ الإنسان نفسه.

عفوك حلب، فنحن جميعاً عربُ المجدِ ما قبل سقوطك، وعربُ الهوانِ ما بعد السقوط. منذ أن انهارت آخر معاقلنا الأخلاقية، وفي كل يوم نفتح في جلودنا ثغرة متجددة. تسقط مدننا من الداخل قبل أن تنطلق مدافع الفرس، أو الروس، أو عرب الردة.

تسقط مدننا قبل أن يفكر العدو أو “الصديق” في اقتحامها. إستباح الجميع أسوارنا فأصبحنا نعيشُ في أوطانٍ جاهزةٍ للسقوط!.

عفوك حلب، فإن حقد اليوم يحاكي بوحشيته ظلامية مغول الأمس، وكم من “تيمورلنك” يتوالد في ربوعك الطيبة.

9timur
كل يوم تستصرخنا أطفالك، ومعتصماه! ترنو الى أعيننا مظلومية شيوخك يفتشون عن صلاح دين جديد، تستنجدنا نساؤك علّهن تجدن فينا بقايا شهامة هاربة أو متهربة.

ولكن لا معتصم اليوم، ولا صلاح دينٍ موجود، أما الشهامة فقد صادرها بعض شيوخ الأمة وزعمائها تحت عباءآتهم أو تحت أقدامهم.

بعد عام، أو عشرين، سيخرج مغرور سياسي هنا، ومعتوه هناك، واحد يدّعي النصر بإسم الوطنية والقومية والعروبة، وذاك يصنع نصراً بإسم حقه الإلهي على الأرض.

يومها، لن يجد هذا المنتصر منصةً يقف فوقها سوى أجساد قتلاه وركام أفكاره، لكنه سيجد جمهوراً من الأحياء الموتى يصفقون له قبل كل فاصلة وبعدها، ويُطربون لنظريات السياسية أو الدينية الساذجة.

وفي النهاية، سيعود جمهور الغباء كلٌ إلى ذاته، فلن يجد سوى تاريخٍ مجيدٍ يبكيه، ومستقبلٍ مختومٍ بالدم الأحمر.

(أنباء الشباب، الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم جاد دلال

وتبقى الحاضر الدائم

إختناق العمل الوطني في لبنان!

سرّ المحبة