امتياز بشار انه “اسد” على شعبه..

د. صلاح ابو الحسن

 

صحيح ان الابن سرّ أبيه.. الأب أزهق ارواح أكثر من أربعين ألف روح في “حماة” في شباط 1982، قصفا بالطائرات الحربية السوفياتية وبغض النظر الاميركية.. التي كانت قد فوضته قبل ست سنوات من المجزرة، بالوصاية على لبنان وقتل قادته وصحافييه ومفكريه.. على مدى ربع قرن.. كان الشعب السوري يقول فيه “همسا”: أسد في “حماة” وأرنب في الجولان المحتل.. ويمكن القول: أسد على شعبه و”حمل” مع اسرائيل..

الإبن أزهق أرواح ربع مليون سوري وهجّر أكثر من نصف شعبه بعد ان دمّر بيوتهم بالكيماوي والبراميل المتفجّرة حتى الآن.. بمساندة مباشرة من الطيران الروسي.. وبتخاذل اميركي وغربي وغياب عربي عن السمع.. اضافة الى خلافة والده في الوصاية على لبنان بتفويض اميركي ايضا.. وأيضا، قتل قادة انتفاضته التي أدّت الى اخراجهم من لبنان اثر اغتيال شهيد الاعتدال والانفتاح رفيق الحريري..

hama_9

بعد انتفاضة الشعب السوري قي آذار 2011، خرج السوريون عن صمتهم وهدموا جدران الخوف من بطش المخابرات وهدموا أصنام الأب والابن..

منذ البداية وقفت “الامبريالية الروسية” ضدّ ثورة الشعب السوري.. بدءا بـ”الفيتوات” المتكررة وصولا الى التدخل بحرا وبرا وجوا في ايلول 2015.. بعد ان عجز جيش النظام وجيوش ايران وحزب الله والحرس الثوري الايراني وشبيحة النظام من كل أصقاع الارض، من حماية بشار الاسد من السقوط..

ولولا المظلة الإيرانية والروسية المدعومة بمقاتلي حزب الله والحرس الثوري الايراني، ولولا تخاذل الأميركي والأوروبي لكان بقاء نظام الاسد مستحيلا وفي “خبر كان”..

واكتملت المؤامرة على الشعب السوري أخيرا بالتحالف العسكري الأميركي – الروسي.. الذي بدأت فصوله يوم دخل باراك اوباما وادارته في صفقة انقاذ “الأرنب” السوري من المحاسبة في الموضوع الكيماوي.. وتدرجت الصفقات التي لم تنته فصولها بعد.. من غض النظر عن التدخل الايراني وحزبه اللبناني.. الى التراجع عن مقررات جنيف.. الى تخلي البيت الأبيض عن فرض “الخط الأحمر” على النظام السوري في عام 2012؟ الى تجاهل الهيئة الانتقالية والتراجع عن دعم الثورة السورية وجيشها الحر، الى التخلي عن الموقف المبدئي برحيل “الارنب” السوري وصولا الى تنازلات جون كيري المتتالية والتي لا زالت مستمرة امام الروسي سيرغي لافروف.. لكأن الأميركي بات ذيلا للروسي.. وكأننا بتنا امام أرنب أميركي ودب روسي.. او امام كاذب اميركي وثعلب روسي..

يتهم كيري لافروف بالكذب وسامنثا باور اتهمت الروس بـ”الكذب والوحشية” لكن الحقيقة ان الثلاثة يكذبون..

قال الرئيس اوباما أوباما في تصريح للتلفزيون الأمريكي “بي بي إس” في 18 حزيران 2013: “انا اعارض الوقوف إلى جانب السنّة في النزاع السوري كما يطالب بعض الأطراف في المنطقة، وذلك لن يخدم المصالح الأميركية”.

A picture taken on July 3, 2016 from the UNESCO-listed citadel shows collapsed and damaged buildings, including the famed Carlton Citadel Hotel (L), in the government-controlled side of the divided northern Syrian city of Aleppo / AFP / GEORGE OURFALIAN

وقال اوباما في مؤتمر صحافي آخر في 18 كانون الأول 2015: “لقد ناقشت تكرارًا منذ 5 سنوات اقتراح الرئيس بوتين وأعتقد أن بعض الجمهوريين يتبنون الآن الاقتراح نفسه، بأن الأسد ليس سيئًا للغاية ولنسمح له بأن يمارس الوحشية والقمع قدر ما يستطيع، لكنه على الأقل سوف يُبقي على النظام.. وها أنا بعد 5 سنوات أثبت صحة رأيي”.

الاساس في عدم التدخل الاميركي الى جانب المعارضة السورية ليس سببه عدم أهليتها، بل هو عدم اغضاب ايران مما قد يؤدي الى فشل “صفقة النووي”.. واوباما يعترف بذالك بقوله صراحة: “لو تدخلت الولايات المتحدة عسكريا في سوريا لما تمت الصفقة مع إيران.. وفي الواقع، إن الدعم الأميركي للتدخل الإيراني في سوريا كان الشرط المسبق للصفقة”.

وقالها جاي سولومون في كتابه “حروب إيران”: “بعث أوباما برسالة إلى المرشد خامنئي يبلغه فيها بأنه لن يستهدف الأسد.. وتبلغنا من وزارة الدفاع بأنها قلقة من أن العمليات في سوريا يمكن أن تقوّض المفاوضات النووية مع إيران”.

ويضيف سولومون: “باختصار فإن الصفقة النووية مع إيران لم تكن لتحديد كمية اليورانيوم المخصب، أو تفتيش المنشآت النووية فقط بل كانت أيضًا حول الحرب في سوريا حيث وافقت الولايات المتحدة على عدم التدخل وسمحت لإيران بأن تحمي (أسهمها) في سوريا بأي وسيلة بشعة تراها مناسبة”.

المطلوب اليوم، أن يبدأ كيري ولافروف مؤامرتهما على الشعب السوري من آخر فصولها.. بعد ان بدا واضحا انهما شريكان أصيلان في التآمر على هذا الشعب.. وتدمير حلب وادلب وحمص ودير الزور وداريا ودرعا و.. كل تاريخ وآثار وحضارة سوريا شاهد على ذالك..

وليعلم كيري ان كل المعارضة المعتدلة او المتطرفة وكل الشعب السوري “ارهاب” بنظر الروس والنظام.. فـ”الشيشانية” القيصرية و”البعثية” الاسدية واحدة..

اذا خُير الاسد بين نظام العائلة والشعب السوري لاختار النظام وأباد الشعب وهو ما فعله.. واذا خًير “القيصر” بين دولة القانون والشيشانية.. فانه سيختار حتما الثانية.. وهو ما يتلذذ به القيصر في كروزني، والاسد في حلب وادلب وكل سوريا.. المدرسة واحدة..

بشار وحافط

كان الجنرال الاميركي جورج كاستر، يُطلق جنوده لإبادة الهنود وهو يعزف على “الهارمونيكا” متلذِّذاً بالمشهد.. وعندما أراد الجنرال الأميركي كاستر أن يعزف أكثر، امر جنوده بقَتل أكبر عدد من الهنود كي يمتِّعوه بالموسيقى.. والنازية القيصرية والبعثية الأسدية الجديدة لا تبرع إلا في “فن” الخبث والمكر والقتل والتوحُّش والتدمير..

ما هذا التشابه بين الجنرال كاستر وبين “الجنرالين” بوتين والاسد!! كلاهما يتلذذ بتدمير حلب وقتل اهلها.. وكل منهما مصاب بمرض “السلطة” وهو مرض نفسي لا علاج له.. وقريبا ينضم اليهما مريض جديد  و”زميل” من عندنا..!!

اليس ما قاله الجنرال الأميركي “وليم ويستمور لاند” لدى سؤاله ماذا يفعل 600 ألف عسكري أميركي في فيتنام: “اننا نجرّب أسلحتنا الجديدة”!.. ينطبق اليوم على القيصر الروسي؟؟.. نعم الشعب السوري أضحى اليوم مختبرا ميدانيا للسلاح الروسي..

putin-001

الرئيس بوتين يطلب من الشعب السوري اليوم، ما طلبه وليم ويستمورلاند من الشعب الفيتنامي قبل نصف قرن، بأن “يتوخّوا الحذر ويوقفوا اعتداءاتهم وإلا فسننهال عليهم بالقنابل لإعادتهم إلى العصر الحجري.. وسنرجعهم إلى العصر الحجري باستخدام قواتنا الجوية والبحرية لا قواتنا البرية”.. الفارق بين الامس واليوم، ان الاميركي كان يومها يقتل الفيتنامي “الشيوعي”..

اما اليوم فان “المخضرم” الشيوعي بوتين.. يتبادل الادوار مع “الامبريالي” الأميركي، ويحاول ارجاع الشعب السوري الى العصر الحجري.. باستخدام قواته الجوية والبحرية.. ولكنه سيفشل وسيجر أذيال الخيبة كما خرج الاميركي من فيتنام..

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!