نظرية الرئيس الأقوى مسيحياً تأتي بجعجع بعد عون… فهل يقبل حزب الله؟

وسام القاضي

لم يساند حزب الله ترشيح ميشال عون للرئاسة لو لم يدرك مسبقا أن طريق عون إلى بعبدا دونها صعوبات وعراقيل جمة، فمشكلة القبول بميشال عون رئيسا للجمهوربة تتشعب داخليا وخارجيا، وهي لا تقتصر على بعض القيادات والزعامات في لبنان بل تمتد إلى رأي عام شريحة واسعة من اللبنانيين الذين لا يرون فيه الرجل المؤهل لهذا المنصب، وهذا يعود جزء منه إلى تاريخه السابق والجزء الثاني إلى كيفية تعاطيه بالشأن العام، وأسلوب تخاطبه مع الإعلام وغير الإعلام، إضافة للتفاهم مع حزب الله، هذا التفاهم الثنائي والذي كان من المفترض أن يكون وفاقا وطنيا جامعا بين كافة الأطراف بدل أن يكون ثنائيأ. وفيما خص الصعيد الخارجي وعلاقاته الدولية فسجله لا يجعله في موقع رضى دولي على إنتخابه. من هنا فإن حزب الله المدرك تماما لهذا الواقع خطى خطوات للأمام داعما حليفه ميشال عون مدركا أن حلم الرئاسة بعيدة المنال.

وفي المقلب الآخر وبعد حسابات دقيقة وعميقة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إتخذ قراره الثابت بدعم العماد عون للرئاسة وهذا القرار ليس مناورة بل قناعة على عكس ما يظن البعض، فقد أدرك جعجع أن عون أصبح متقدما في السن ولا بد من وريث سياسي للساحة المسيحية، هذه الساحة التي كان يتحكم فيها عبر التاريخ من يشد العصب المسيحي ويتشدد في مواقفه المتطرفة، وتحت شعار أن الرئاسة المارونية هي حق لمن هو الأقوى في الشارع المسيحي، فإن وريث ميشال عون في الشارع المسيحي وليس طبعا في الشارع العوني هو سمير جعجع، وإذا أعطى الله ميشال عون عمرا مديدا ليكمل ولايته الرئاسية في حال إنتخابه فإن سمير جعجع سيكون الرئيس التالي بتأييد الشارع المسيحي نفسه الذي إستقوى به ميشال عون، وهنا تكمن خلفيات إتفاق معراب ما بين القوات والعونيين.

عون-جعجع

فهل سيكمل حزب الله تبني شعار الرئيس الأقوى مسيحيا بعد إنتهاء ولاية عون في حال إنتخابه؟ وهل سيقبل بسمير جعجع رئيسا للجمهورية؟ بالطبع لا؟ وبالتالي سينفرط عقد التفاهم الحاصل مع العونيين، لأنه من الطبيعي أن يدعم عون ترشيح جعجع للرئاسة بعد ان يصل هو لقصر بعبدا، وفق معطيات إتفاق معراب.

إن خطة حزب الله الذي يحصد نتائجها إيجابيا لصالحه حاليا ستنعكس سلبا عليه لاحقا، إذ إضافة لمأزق مواجهة ترشح سمير جعجع للرئاسة، سيزداد التطرف في الشارع السني وسيضعف الإعتدال رويدا رويدا، لأن طريقة تعاطي حزب الله مع سعد الحريري والشروط والضغوطات التي يحاول ممارستها عليه، تقوي منطق الصقور في تيار المستقبل وتزيد من خط التطرف في الشارع السني على حساب خط الإعتدال الذي يمثله الحريري.

عون-نصرالله

وفي نهاية المطاف فإن الحسابات الداخلية تتقاطع احيانا مع الحسابات الخارجية، والكر والفر على الساحة السورية له إرتداداته عل الساحة اللبنانية، لكن الخطورة الحالية تكمن في تبني منطق التطرف من قبل كل مجموعة متقوقعة داخل مذهبها وبيئتها، وهذا نتاج لما يدور في المنطقة، والإنسان بطبيعته يحتاج إلى الحماية، وللأسف فإن حزب الله، بإدراكه او عدم إدراكه، دفع من خلال مواقفه وسلوكه العديد من شرائح الشعب اللبناني إلى الإنكماش والتعاطف مع التطرف إن لم يكن تبنيه، ومنطق الإعتدال في ضعف مستمر، فهل بإختيار ميشال عون للرئاسة يذهب لبنان إلى التطرف أم إلى الإعتدال، والإجابة طبعا ليست بمتناول أحد، وسمير جعجع يبقى في غرفة الإنتظار.

  (*) رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار