الإحتفال بالميلاد 96 لدولة لبنان الكبير

بسام الحلبي

لفتني خبر ورد في كافة وسائل الإعلام، عن إحتفالات نظمت بمناسبة مرور 96 عاماً على إعلان ولادة دولة لبنان الكبير، وهي في حقيقتها ليست ولادة بل فبركة وتركيب أجزاء، من الولايات العثمانية و المدن الساحلية، نتج عنها نشوء دولة مماثلة لكائن الكاتبة البريطانية ماري تشيلي الذي أوجدته في روايتها الشهيرة فرانكنشتاين. فأي دولة سنحتفل بولادتها؟ وهي دولة من تركيب لأجزاء غير متجانسة ومن سلطة وزعامات فاسدة ومن شعب لا مبالي، يسكت على الضيم وتهان كرامته ويُستغفل كل يوم من زعاماته.

ما هي هذه الدولة التي نحتفل بميلادها وقد ماتت سريرياً منذ العام 1975 وما زالت مستمرة على الآلات وأجهزة التنفس والأمصال، وهي بإنتظار من يمارس عليها الموت الرحيم بعد ما ثبت أن من يدعي علاجها في الحقيقة هو من يفاقم وضعها الصحي ويمنعها من العودة الى الحياة.

الحرب الاهلية

ما هذه الدولة التي تبقى سدة رئاستها خالية لأنّ مرشح فريق من الفرقاء لا يستطيع أن يصل اليها، وبإسم الديمقراطية، هو ومن يسانده، يرتكبون ما يعرف بالقانون بإسم جريمة القتل بالإمتناع للدولة.

ما هذه الدولة التي يعيش شعبها بدون كهرباء وبدون مياه ويختنق بالنفايات التي باتت تقطع الطرق، نتيجة خلاف السماسرة على إلتزامات معالجتها.

ما هي هذه الدولة التي يموت فيها الفقير على أبواب المستشفيات ويموت فيها الثري لأنه لا يستطيع الوصول إلى المستشفى من فوضى السير، وتلد المرأة طفلها في السيارات أو على الكورنيش، كما حدث على كورنيش النهر في العام الماضي.

ما هي هذه الدولة التي يعلن من تبقى في مراكز السلطة أن قرارها يأتي من الخارج ويصرح زعماؤها انهم جنود لدى هذا الخارج وان تمويلهم يأتي من الخارج، وأن إستقراراها لا علاقة لمؤسساتها به وما عليها إلى إنتظار القرار الخارجي.

وأكبر التساؤلات، ما هي الدولة التي لا يستطيع قضاؤها أن يلاحق المرتكب إلا إذا رُفع الغطاء السياسي عنه. وبعضهم يصدر أحكامه بعد إتصالات هاتفية ترد في غرفة المذاكرة، كما حصل في قضية الخائن المجرم ميشال سماحة. ورغم ذلك يستمر هؤلاء في مراكزهم قابلين بهذا الخنوع.

ما هي هذه الدولة التي يُصدر قضاؤها قراراً إتهامياً يطلب فيه إدانة مسؤولين في دولة، تزعم أنها شقيقة، والبعض من زعاماتها ومسؤوليها وقادتها يزورون سفارة هذه الشقيقة، التي نكب الله لبنان الكبير والعالم العربي بالحزب الذي يحكمها، مستنكرين الإتهام .

دولة لبنان الكبير

ما هي هذه الدولة التي تعرف السلطات المختصة مكان المجرم ولا تستطيع إلقاء القبض عليه لحمايته من زعيم او حزب، وما ذكرناه هو بعض من كثير اذا اردنا تعداده وجب تخصيص الصفحات له.

هذه بعض مواصفات الدولة التي جرى الإحتفال بما يقارب القرن نبت في جبهتها، ولنتخيل كيف ستكون عندما يكتمل القرن.

أما عن شعب هذه الدولة فهو ليس أحسن حالاً من دولته، فهو قطيع وليس شعب يعرف الفساد ويعرف رؤوسه، ويعرف الزعامات الضالعة به ورغم ذلك يؤيدها وأكبر دليل على ذلك مرشح الرئاسة الذي يطعن بشرعية مجلس النواب ورغم ذلك يستمر في عضويته، ويطلب من هذا المجلس غير الشرعي إنتخابه رئيساً، ويزعم أن كتلته هي أكبر كتلة تمثل طائفته، علماً أنّ عشرة نواب على الأقل من كتلته فازوا بأصوات من غير طائفته.

هذا لا يعني أن غيره من الزعامات صادقة ولكن أن يطال الامر نفايات البلد وإستغلالها لزيادة ثروات الزعامات فهو الامر الذي يؤدي إلى التساؤل هل مثل هذا شعب يكوّن دولة؟

يوم إغتيال المرحوم الرئيس رينيه معوض، نعاه الرئيس الحص الى الشعب اللباني و قال أيها الشعب اللبناني الطيب أنعي… والحقيقة أخطأ الرئيس الحص بهذا الوصف لأنه كان عليه الإنتباه أن ما يفصل الطيبة عن الغباء خيط رفيع و الشعب اللبناني قطع هذا الخيط عندما اختار كل الزعامات التي ترعاه لأنها حولته الى قطيع.

لذلك، بمناسبة شبه إكتمال قرن في جبهة لبنان الكبير نقترح تغيير إسمه بحيث يصبح “دولة لبنان فرانكشتاين الكبير” لأن مخلوق ماري تشيلي قتل من قتله ومات حارقاً نفسه، وهو ما يجري في لبنان الكبير اليوم.