اي حوار وميثاقية ومجلس شيوخ وحكومة؟

رفيق خوري (الأنوار)

ما حدث كان مكتوباً على الجدار: لا مهرب في وقت ما من تعليق جلسات الحوار. وما يحدث هو المزيد من الشيء نفسه: الانتقال من البحث في بنود الحوار الى الانشغال بما يتطلبه ترتيب المسرح لمعاودة الحوار. ولا أحد يعرف المدى الذي يصل اليه التصعيد وسجال ما بعد الحوار. لكن الكل يعرف ان الحوار كان أقرب الى السجال، بحيث بدا ميتاً يهرب كل طرف من تحمّل المسؤولية عن دفنه. فليس في الأنظمة الديمقراطية مؤسسة للحوار خارج المؤسسات الرسمية وأهمها المجلس النيابي الذي هو مركز الحوار الدائم حسب الأدبيات اللبنانية. وليس في هذه الأنظمة أيضاً حلول للأزمات من خارج الدستور والمؤسسات، على عكس النظام اللبناني حيث كل أزمة تقود الى شلّ المؤسسات والبحث عن حلّ من خارجها وخارج الدستور وحتى خارج البلد.

والثابت، بعد عشر سنين من الحوار، ان تغيير الاطار ليس ضماناً للنجاح. فالمتحاورون هم أصحاب التمثيل في المجلس النيابي. والعاجزون عن التفاهم على قانون انتخاب كما على انتخاب رئيس للجمهورية وحتى عن حلّ مشكلة الزبالة لن يصبحوا قادرين على أقلّ من ذلك حين يلتقون حول طاولة في عين التينة.
إذ هم، مع استثناءات محددة، أسرى الارتباط بقوى ومحاور خارجية أو أقله أسرى ذهنية الربط الدائم بين أبسط الأمور في لبنان وأكثر القضايا والتطورات تعقيداً في المنطقة والعالم. وهم يزيدون في منسوب القلق حين يقال ان لبنان لم يعد على شاشات الرادار في العواصم المؤثرة، مع ان ذلك خبر جيّد. أما الخبر السيئ، فهو ان هموم اللبنانيين المتعددة والأخطار العاصفة بلبنان ليست عملياً على شاشات الرادار لمعظم التركيبة السياسية الحاكمة أو المتحكمة.
والكل يعرف انه لا معنى حالياً للبحث في انشاء مجلس شيوخ، ولا جدوى من النقاش في الميثاقية. فنحن في الاتجاه المعاكس: مجلس الشيوخ، حسب وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والتي صارت دستوراً، هو محطة لا مجال للوصول اليها إلاّ على طريق الانتقال من الطائفية السياسية الى تجاوز الطائفية نحو المواطنة. ونحن، مع الأسف على الطريق الانحداري: من الطائفية الباردة الى المذهبية الحارة. والميثاقية هي اكتمال المشاركة في تنظيم العيش المشترك بالمعنى الوطني والسياسي عبر المناصفة الآن والمواطنة غداً. ونحن، مع الأسف أيضاً، نكاد ننحدر الى العيش المشترك بالمعنى البيولوجي في شرق أوسط تضربه رياح التعصب ورفض الآخر والتعبير عن الرفض بقطع الرؤوس والتهجير.
اذا بقي انتخاب الرئيس مهمة مستحيلة، فان الحكومة والحوار والميثاقية ليست أسماء على مسمّى.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب