عن المنظمات الامنية الرديفة في لبنان

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

يقوم الجيش اللبناني بجهود جبارة للحفاظ على الامن ومنع البلاد من الإنزلاق الى معموديات وهمية، معظمها من نسجِ الخيال. ومع الجيش تجهد القوى الامنية الأُخرى لسحب المُعطى الامني من التدخُلات السياسية، او الشخصية، او الجهوية، كي لا نقول من يَدِ ” توليفة الخوف على المصير ” المُندرجة في مُخيلة مُعظم المكونات الطائفية والمذهبية في لبنان.
ورغم الحِرَفية العالية التي يتعاطى بها الجيش فيما يتعلَّق بالمُعطى الامني؛ يبقى لكل مجموعة لبنانية دائرة خاصة بها، تتدارس المؤشرات الامنية، والمُعطيات الحربية، لكي تبني على الشيء مُقتضاه، وذلك من خلال مقارباتٍ لبنانية، تكان تكون جزء من الفلكلور الشعبوي اللبناني لإثبات الوجود السياسي عند هذه المجموعة او تلك. ومع هذه المُقاربة يُصبح الجميع أسرى هذه التحليلات الامنية، ويبنوا مواقفهم إنطلاقاً من المُعطيات التي غالباً ما تكون تحليلات غير واقعية، حتى عند حزب الله الذي يملُك منظومة امنية متطورة، تعيشُ عنوةً في كنف مؤسسات الدولة الجريحة.

وعلى ضفاف المكونات السياسية اللبنانية؛ يعيش مجموعة من الاستراتيجيين أثبتت الاحداث انهم يحللون الاوهام، اكثر مما يُحللون الوقائع، وغالباً ما تستند تحليلاتهم على “نظرية المؤامرة” والتي هي في نهاية المطاف جزء من ادوات تحصين المواقع، او تعزيز السلطات في الدوائر الرسمية وفي الاحزاب. وفقاً لتوصيف مرجع امني – سياسي مُتابع.

وقد بيَّنت التجارُب الماضية والاحداث التي مرَّت؛ ان اغلبية المنظومات الرديفة للإحزاب والجمعيات – والتي تتعاطى في الشؤون الامنية والمصيرية – مرتبِطة بأجهزة خارجية، او انها مُترابِطة مع بعضها البعض احياناً بهدف ضمان الاستمرارية. ولا فرق في هذه الحالة – مثلاً – بين سرايا المقاومة وحُماة الديار، او بين عصبة الانصار وجند الشام، فكلها منظمات وهمية تأتمر بأجهزة خارجية تملك مهارة التضليل العقائدي، وقدرة عالية في التمويه وإخفاء الصورة الاساسية، كما لديها قدرة خارقة على تضليل معلومات الخصم إذا ما وُجِد.

تقول اوساط مًتابعة لهذا الملف؛ ان حزب الله يتحمَّل مسؤولية اكثر من غيره في مجال تعميم الافكار الامنية الرديفة، فهو احتضن بعض المجموعات الغير مُنظبطة، ويحمل اغلبية افراد هذه المجموعات سجلات شخصية سوداء.. من تعاطي المخدرات الى الاعمال الاحتيالية والتشبيح… وهؤلاء كانوا يتعاملون مع المخابرات السورية، وهم على إستعداد للتعامل مع اي جهة استخباراتية أُخرى،لأن هدفهم حماية وضعيتهم المُخالفة، وليس لدى اغلبيتهم حسّ وطني او قومي او إسلامي على الإطلاق، ودائماً وفقاً لرأي الاوساط ذاتها.
وترى هذه الاوساط المُتابعة: ان هذه المجموعات التي تعيش في كنف الجناح العسكري لحزب الله؛ سببت في إنتاج مجموعات مُشابهة عند الجهات المُقابلة، احتمت بشعارات “الحفاظ على الارض والكرامة ومصلحة الطائفة” ولكن اغلبية اهدافها تتعلق بمصالح شخصية، وبِرغبات ” داعشية ” بعيدة كُل البُعد عن الروحية القتالية الشريفة، ذلك ان حروب الدفاع عن الكرامة وعن الوطن وعن الحُرية؛ غالباً ما يخوضها اشخاص طيبين بعيدين عن بيئة التشبيح او البلطجة.

بعض من الحركية السياسية اللبنانية؛ تعتمِدُ في سياستها الشعبوية على اساليب التشبيح السياسي، وعلى تنظيم مجموعات يكون لها قدرة على النزول الى الشارع بهدف إسكات اصوات المُعتدلين او ( المُتثفين ) لأن بعضاً من الطبقة السياسية ترى في هؤلاء عبئً عليها، وبالتالي يجب اسكاتهم بأدوات يخافون منها. وما نشاهده في اغلبية المناطق اللبناني من تفلُّت لمجموعات تكتُب شعارات على الحيطات، او ترمي القنابل، او تُطلق الرصاص في الهواء؛ إلا خير دليل على وجود مثل هذه الظاهرة.

وترى الاوساط المُتابعة ذاتها؛ ان مسؤولية الحفاظ على تماسُك الدولة اللبنانية وسط هذه الغابة من الفوضى والفراغ، تقتضي إعادة النظر بإلاساليب الميليشياوية والتشبيحية، وتسليم كامل ملفات الامن للقوى الشرعية التي تُشكِلُ وحدها الضمانة للجميع. وحزب الله مُطالبٌ أكثر من غيرهِ بالإنخراط في هذه المُقاربة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية