العدالة: الرحلة الطويلة نحو الإصلاح القضائي!

علاء لؤي حسن

أنباء الشباب

يقول أحد كبار القانونيين: “العدالة المتأخرة تشبه اللاعدالة”.. نعم فما الفائدة إذا بلغ المظلوم ظلامته بعد وقت متأخر، كأن يصل للدائن قيمة سنده من المدين بعد سنوات من استحقاقه بما قد يحمله هذا من ضرر أو خسارة بالحد الأدنى جراء التضخم المالي الذي به تفقد العملة قوتها الشرائية التي كانت عليها تاريخ استحقاق السند. هذا مثال، والأمثلة كثيرة في عدة قضايا لا سيما قضايا القتل، إذ لطالما كان التأخير في الأقتصاص من المجرم سبباً في جريمة أخرى يرتكبها اهل المجني عليه من باب الأخذ بالثأر.

هنا تبرز اهمية إعادة النظر في إجراءات التقاضي، الأمر الذي ينضوي تحته تحسين خدمات مرفق العدالة عبر الارتقاء بالإدارة القضائية، على صعيد الأداء والفاعلية وتبسيط الاجراءات القضائية لتصل العدالة إلى مبتغاها، كلها أمور تعطي الثقة بالدولة كمرجع وحيد لطلب العدالة بعيداً عن اللجوء إلى الحلقات الإجتماعية الدنيا طلبا للحماية كالعائلة  او المذهب أو المرجعيات على انواعها.

المحكمة-العسكرية

يصدمنا الواقع بأن الدعاوى في قضائنا اللبناني تأخذ سنوات عديدة للفصل بها وعلى ما يبدو فإن الملفات ستكسوها المزيد من الغبار حيث لا تلوح في الأفق حلول جدية! هذه المشاكل وغيرها تحتاج الى حلول، ولكن أي يكمن الحل؟. السؤال متشعب ويحتاج إلى مسحٍ دقيق للمشكلة من إجراءات التقاضي حتى اسباب تأخرالبت في الدعاوى. وكمثال فإن مهلة تبادل اللوائح في القضايا المدنية بين الفريقين تأخذ وقتا طويلا علما بأن قانون  أصول المحاكمات المدنية حدد مهلة لتبادل اللوائح في المادتين 449 و452.

وحيث ان المشرع ترك للقاضي الحرية في تمديد المهل المنصوص عليها او تقصيرها، فقد بات هذا التمديد في أغلب الأحيان هو السائد، وهذا خلق باباً للمماطلة لا سيما عند الجناة للتهرب من يد العدالة! كما ونجد في القضايا الجزائية ان قانون اصول المحاكمات الخاص بها قد حدد مهلة التوقيف في الجنايات (6 اشهر) وفي الجنح (شهرين)، ولكن للاسف يبدو أن هاتين المهلتين هما حبر على ورق بدليل قضية الموقوفين لسنوات في السجون.

Liban - prison

من جهة أخرى، ثمة جنايات كبيرة كالمتاجرة بالمخدرات قد امتهنها أصحابها جراء الأحتكاك بمجرمين محترفين في السجون خلال توقيفهم مدة طويلة في جناية صغيرة، أو أحياناً جنحة تأخر البت فيها! حيث يتولى إفساد هؤلاء عتات المجرمين في السجون متذكرين بالحال السيئ بل والمأساوي لسجوننا. فإلى الإصلاح القضائي حتى لا يصبح التأخير في إحقاق الحق جريمة أخرى.

—————————

(ماجستير في الحقوق – جامعة الحكمة)