النسبية الجامدة مصدرها العقول المحنطة!
منير بركات
31 يوليو 2016
إذا كانت الصيغ النسبية هادفة لتمثيل الأقليات وإعطاء الحق لتمثيل القوى والفئات حسب أحجامها وهي التي تشكل أساساً لتكوين المجالس التنفيذية والتشريعية ليصبح إتخاذ القرار بالأكثرية عادلا على قاعدة صحة التمثيل داخل هذه المؤسسات، لكن علينا أن نعلم بأن النظام النسبي المعتمد في عدد من الدول ليس موحداً كما الأكثري وخاضع للاجتهادات أخذت فيه بعين الإعتبار التشكيلات الإجتماعية، والعرقية، والطائفية لكي لا ينقلب أحيانا هدف التمثيل للجميع، بإقصاء أو تحجيم البعض، مما يجعل القانون مجحفا بحق بعض الفئات.
إذن النسبية ليست مطلقة والتعاطي معها يجب أن لا يكون مجردا عن الواقع ليصبح طرحه بهذا الشكل كمن يهرب إلى الأمام ويعرقل إمكانية التوافق على صيغة انتخابية معتدلة ترضي الجميع كالقانون المختلط بمزيج بين النسبي والاكثري الذي تعتمده بعض الدول والتخلص من سلبيات كلا النظامين وبمعزل عن التبسيط والتعقيد في أشكالهما أو الدخول في آلية التطبيق التقنية، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية تساوي الصيغتين في تقسيم الدوائر أو الترجيح البسيط لأحدهما على الآخر .
إن من يحاول إسقاط النظريات المقولبة خارج الجدل والواقع يحكم عليه بالممارسة الجامدة والعقل المحنط، والمفترض الأخذ بعين الإعتبار بأن أفضل نظرية هي التي تنتجها الحياة من خلال نهل الصيغ والمواقف والخطط من الطبيعة الملموسة وظروف كل مجتمع وبلد على حدا وليس إستنساخاً مثالياً لقوانين ونظم وفرضها وتجريعها للمجتمعات خارج المنطق ودون توفر شروط تطبيقها.
يأتينا من يحرك القانون النسبي على أساس دائرة إنتخابية واحدة ويقدم نفسه علمانيا ليلتقي مع من يطرح القانون الكانتوني”الاورثوذكسي” اي كل مذهب ينتخب ممثليه والذي تم التراجع عنه لمصلحة القانون المختلط، والمفارقة بينهما بأن الأول يهرب إلى الأمام والآخر يهرب إلى الوراء وكلاهما يقوم بدور المعطل للصيغة المشتركة اي اقرار القانون المختلطً.
وكل رفض لهذا المشروع سوف يعيدنا إلى القانون الأكثري، على المجتمع المدني أن يضغط لترجيح واقرار القانون المختلط والخروج من دور التعطيل والعرقلة، وتصويب الاهداف لمصلحة لبنان بخطوة انقاذية من الشلل والفراغ والتحلل للوطن والدولة.
(*) رئيس الحركة اليسارية اللبنانية