ماذا بعد التصويت البريطاني للخروج من الاتحاد الاوروبي؟

عمر ملاعب

حسم البريطانيون خيارهم بالخروج من الاتحاد الاوروبي في استفتاء شعبي هو الابرز في تاريخ هذا الاتحاد. ويشكل هذا الاستفتاء نقطة مفصلية في استقرار الاتحاد الاوروبي خاصة مع تفاقم ازمة المهاجرين والازمات المالية التي تعصف بعدد من دول الاتحاد خاصة اليونان ومخاوف من الوضع الاقتصادي المتأرجح في إيطاليا والذي يشي ببوادر أزمة حادة، وما يرتبه ذلك من ضغوطات على دول الاتحاد الاوروبي وبخاصة على فرنسا والمانيا.

وقد بدأت النتائج الاولية لهذا الخيار بالظهور على مستوى بريطانيا والعالم، حيث سجل الجنيه الاسترليني هبوطاً حاداً مقابل الدولار 9 بالمئة و13 بالمئة مقابل الين، بالإضافة الى قلق المستثمرين حيال هذا الامر وهو ما انعكس في هبوط البورصة اليابانية بمعدل 8 بالمئة صباح إعلان نتائج الاستفتاء.

لندن

وسينعكس الخروج سلباً على الاقتصاد البريطاني خاصة وبآنه في حال الخروج النهائي ستفرض قيود على الصادرات البريطانية بما تنص عليه قواعد منظمة التجارة الدولية حيث ستعامل الصادرات البريطانية الى الاتحاد الاوروبي معاملة الصادرات الاجنبية، مما سيضر بقطاعات الزراعة والصناعة البريطانية وسينعكس سلبا على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عصب الاقتصاد البريطاني وتعتمد بشكل اساسي على السوق الاوروبية، وبالتالي لن تستطيع المنافسة في ظل القيود التجارية التي قد تفرض بحسب معاهدات منظمة التجارة العالمية.

ue_UK

وفي هذا الإطار من الافضل لبريطانيا ان تحذو حذو النرويج، حيث ان النرويج عضو في المنطقة الاقتصادية الاوروبية (EEA) وليست عضواً في الاتحاد الاوروبي، وبذلك قد تُحصر بعض الارتدادات الاقتصادية السلبية التي قد تنجم عن الخروج النهائي.

في المقابل، خروج بريطانيا رسميا من المعاهدات التي تربطها بالاتحاد الاوروبي لن يحدث بسرعة، حيث من المتوقع أن تستغرق عملية الخروج والمفاوضات المعقدة ما يزيد عن العامين بحسب تقديرات الخبراء. وسينتظر رئيس الوزراء البريطاني الجديد والذي من المتوقع أن يكون من المؤيدين لخيار الخروج العديد من العوائق أبرزها محاولة تفعيّل المادة ٥٠ من معاهدة لشبونة والتي تحدد مهلة سنتين للاتفاق على شروط الخروج، وتنص المادة أيضاً على ضرورة موافقة جميع الدول الأعضاء البالغ عددهم ٢٧ دولة على هذه الشروط.

وكان رئيس الوزراء البريطاني المستقيل دايفيد كامرون قد وعد بتفعيل المادة 50 فور اعلان انتصار خيار الخروج. هذا ويتوقع ان تحاول بريطانيا المفاوضة على خروجها بدون العودة للمادة ٥٠ من اتفاق لشبونة الامر الذي من المستبعد أن توافق عليه دول الاتحاد الاوروبي مما سيزيد مفاوضات وترتيبات الخروج تعقيداً.

لشبونة

ستُظهر الاسابيع والاشهر والاعوام القادمة فداحة هذا الخيار وتأثيراته السلبية على أجواء الوحدة والاستقرار الذي اوجده هذا الاتحاد في أوروبا خلال السنوات السبعين المنصرمة.

————————–

(*) ماذا تعني المادة 50 من معاهدة لشبونة؟

نصت معاهدات الاتحاد الأوروبي على آلية قانونية تنظم انسحاب أعضائه منه، وأدرجتها في “بند الانسحاب” من “المادة 50” في “معاهدة لشبونة” التي وقع عليها قادة الاتحاد الأوروبي يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2007 بالعاصمة البرتغالية لشبونة، ودخلت حيز التنفيذ يوم 1 ديسمبر/كانون الأول 2009.

وتحدد “المادة 50” من معاهدة لشبونة سبل انسحاب إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل طوعي ومن طرف واحد “وفقا للمتطلبات الدستورية الخاصة بها”. وهو حق للأعضاء لا يتطلب استخدامه تقديم أي تبرير له، كما هو الحال بالنسبة لبريطانيا التي قررت -بناء على استفتاء شعبي نظمته يوم 23 يونيو/حزيران 2016- الانسحاب من الاتحاد.

مضامين المادة 50

بموجب “المادة 50” في معاهدة لشبونة؛ يترتب على الدولة التي تنحسب من الاتحاد الأوروبي ما يلي:

1- التفاوض بشأن “اتفاق انسحاب” يقره مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الأعضاء الـ28) بـ”الأغلبية المؤهلة” (تحددها المادة 238/3- ب من “معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي”) بعد موافقة البرلمان الأوروبي، وذلك بعد إخطار الدولة المنسحبة للاتحاد بعزمها مغادرته.

2- ينتهي مفعول تطبيق المعاهدات الأوروبية على الدولة المنسحبة اعتبارا من تاريخ دخول “اتفاق الانسحاب” حيز التنفيذ، أو بعد سنتين من تسلم الاتحاد رسميا قرار الانسحاب إذا لم يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق في هذه الأثناء. وبوسع الاتحاد والدولة المنسحبة منه أن يقررا تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما، بشرط تصويت دول الاتحاد على ذلك بـ”الإجماع”.

3- يجب أن يتفاوض الاتحاد مع الدولة المنسحبة للتوصل إلى اتفاق يحدد ترتيبات انسحابها، مع الوضع في الاعتبار البحث عن “إطار” لعلاقتها المستقبلية بالاتحاد. ويُجرى هذا التفاوض وفقا للمادة 218 (3) من “معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي”.

4- لا يحق للدولة المنسحبة المشاركة في المناقشات أو القرارات المتصلة بها والتي يجريها الاتحاد بشأن انسحابها.

5- إذا أرادت الدولة المنسحبة من الاتحاد الانضمام مجددا إليه؛ فإن طلبها يخضع لنفس الإجراءات المنصوص عليها في “المادة 49” من معاهدة لشبونة.