من رحم المعاناة: يكسر التّفوق رتابة الموقف

عبدالله ملاعب

أنباء الشباب

إنّه الاصرار على الحياة في زمنٍ سُلبت منه كل مقومات العيش الكريم. إنّه مقاومة الموت وسفك الدماء في زمن باتت فيه ضحايا الحرب أرقاماً لا أكثر. إنّه خطة نهوض بعيدة عن الخطط العسكرية التي فتكت بوطنه فأبعدته، أقهرته، أرعبته. فشبح الموت رافق محمد كوشك في كل زاوية من وطنه وبات هذا البلد الكبير لا يتّسع للحلم النبيل، من هنا بات لابدّ من الرحيل! فمن هو محمد كوشك وما أبعاد قصته؟

كغيره من الأطفال السوريين إنتقل محمد كوشك من داريا السورية، منذ أن حلّت وطأة الدمار، نحو مدينة شحيم الشّوفية حاملاً معه طموحاته وآماله وأحلامه بإعادة إحياء ما جرفته شلالات الإجرام ولو بعد حين. فمنذ أنّ نزح وأهله الى لبنان دخل محمد في السلك الدراسي اللبناني محارباً بذلك كل التغيّرات والعقبات التي تحول دون إندماج الطفل السوري في المدارس اللبنانية.

أما بعد أربع سنوات من التعلّم في لبنان، خاض محمد غمار إمتحانات الشهادة المتوسطة هذا العام كغيره من التلاميذ اللبنانيين. فكانت النتيجة المفاجئة والمتوقعة في الآن عينه. النتيجة المتمثلة بتصدره المرتبة الثانية في الامتحانات. بذلك تميّز ذاك الطفل السوري وميّز معه مدرسته الرسمية التي استقبلته وفتحت أمامه مقاعدها الدراسية فحمته من الضياع في الشوارع اللبنانية التي باتت ملجأً لمعظم الاطفال السوريين المشردين.

إنّ محمد كوشك قد حالفه الحظ وإنضم الى المقاعد الدراسية الموجودة في لبنان. فبات من المؤكد أنّه لن يبخل أبداً لا بعلمه ولا ببراعته لإفادة سورية الجريحة وإعادة إعمارها. ومن المؤكد أن كوشك موجود في شخصية وعقل العديد من الاطفال السوريين الذين لم تسمح لهم الظروف للحصول على التحصيل العلمي في لبنان. هذا البلد الذي إزداده النزوح تشرذماً وتراجعاً إقتصادي.

من هنا، نطالب وزارة التربية والتعليم العالي بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، بالعمل على تأمين فرص التعليم للأطفال السوريين وتفعيل السياسات الحكومية المعنية بشدّ الطفل اللاجئ نحو المقاعد الدراسية. فالتعليم هو وحده جسر عبور اللاجئ نحو وطنه. وغياب الكفاءة هو العائق الذي يبقي اللاجئ في البلد المضيفعليه، نناشد الحكومة للتحرك على قاعدة: “عصفورين بحجرواحد” فسوريا بحاجة لأبناءها عند البناء والترميم، أما الاقتصاد اللبناني فيصرخ “كفى تعطيل”!