يوم البيئة العالمي والمانيا النموذج في انتاج الطاقة البديلة

محمود الاحمدية

مرّ حتى الآن خمسة وعشرون سنة تقريباً على تحقيق أول خطوة رسمية في مجال انتاج الطاقة المتجددة وظلت لسنوات طويلة حلم الكثيرين في نفس الوقت شكلت قلقاً لمصانع انتاج الكهرباء من المصادر التقليدية منها المفاعلات النووية لأن ذلك يعني بداية نهاية سلطتها ونفوذها.

إلا أن الحوادث التي وقعت في المفاعل النووي لمدينة كرشكربسلوفينيا وسبقه كارثة تشارنوبيل، دعمت موقف المطالبين في المانيا بوقف كل المفاعلات النووية والتحول إلى الطاقة المتجددة، مذكرين بالحادثة التي وقعت أيضاً قبل عام ونصف في أحد المفاعلات النووية الألمانية ومخاطرها التي لا تحصر، كما أنهم ذكروا بأن ذلك لن يؤثر على الخطط الموضوعة لمواجهة الأزمة الإقتصادية في المانيا، بل بالعكس، إذ أن الاكثار من الاعتماد على الطاقة المتجددة سوف يحدث الآلاف من أماكن العمل الجديدة لسد موجة التسريح المتوقعة  في الفترة القادمة نتيجة تداعيات هذه الأزمة التي ضخت برلين حتى الآن أكثر من 450 مليار يورو من أجل مواجهتها.

وتشير دراسة  تزايد مصانع انتاج الطاقة المتجددة مع نمو قطاع صناعة المعدات المولدة للطاقة المتجددة أي من الشمس أو الرياح في السنوات الماضية بشكل ملحوظ ليس في المانيا فقط أو في العالم الغربي بل في الدول النامية والعربية أيضاً.

والسبب في ذلك أن المصادر المعتمدة لانتاج الطاقة الكهربائية تزيد من تلوث البيئة في الوقت الذي يكافح فيه العالم من أجل خفض نسبته، إضافة إلى انخفاض تكاليف تجهيزات بناء مولدات للطاقة المتجددة حيث تراجعت مقارنة مع أسعار مطلع الثمانينيات إلى حوالي 35 في المائة،  لذا ليس غريباً عند التجول في مناطق كثيرة في ألمانيا خاصة في الشمال، حيث كثرة الرياح مشاهدة المئات من المراوح ذات الشفرات الطويلة لانتاج الطاقة من الرياح، وتنصب سنوياً في المانيا لوحدها في مساحات شاسعة مئات من هذه المراوح إضافة إلى الصفائح المخزنة للطاقة الشمسية التي تبنى أمام المنازل أو على الأسطح.

ويمكن القول أن ألمانيا من الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة حيث شجعت في منتصف الثمانينيات كل عالم أو مهندس يطور أو يبني محطات تجريبية جيدة، بمساهمتها بـ 50 في المائة من التكاليف. وبعد فترة قامت شركات برنامج المائة “خاصة بدعم من الحكومة ببناء حقلين من المراوح على ساحل بحر الشمال, وبعدها قانون جديد ينص على تقديم دعم لكل مستثمر في استغلال طاقة الرياح قدره ثمانية فنك (حوالي 4 سنت حالياً) عن كل كيلواط ساعة مولّداً من طاقة الرياح. ونظراً للنجاح الذي ظهر في منتصف التسعينيات طورت الحكومة الإتحادية برنامجها ورفعت سقف انتاجه إلى 250 ميغاواط، وبعد تسلم شركات المانيا خاصة معظم مشاريع بناء محطات انتاج الطاقة المتجددة رفعت قدرة المحطات العاملة من 50 إلى 600 كيلو واط ثم إلى ألف كيلواط ثم ألفي كيلواط.

smix

وواكب هذا التطور تطوير مجال انتاج الطاقة المتجددة من الشمس حيث يباع سنوياً ما مساحته 240 ألف متر مربع تقريباً من المجمعات الشمسية وتبلغ مساحة هذه المجمعات المركبة حتى الآن أكثر من خمسة ملايين، ومع أن تكاليف انتاج الطاقة المتجددة ما زالت غير منخفضة رغم تراجع اسعارها مقارنة من قبل 15 عاماً، إلا أن نسبة الاعتماد عليها حسب لوائح الرابطة الاتحادية لصناعة الأجهزة المنتجة للطاقة المتجددة تتجاوز إلى عشرين في المائة من مجموع احتياجات الطاقة الأولوية، وهناك أكثر من مليون منزل في المانيا يعتمد على المجتمعات الشمسية التي تبنى على أسطح المنازل يصل انتاجها الاجمالي حتى 240 ميغواط من اجل سد الحاجات اليومية من التدفئة وحتى تسخين المياه والإضاءة وتشغيل الأجهزة الكهربائية.

وتعتبر مدينة فرايبورغ من المدن الرائدة حالياً في الإعتماد على الطاقة المتجددة من الشمس في المانيا، فهي تضيئ عدة منشآت فيها منها برج محطات القطارات الرئيسية، وتعتمد مدرسة ثانوية على ثمان شرائح لتخزين الطاقة الشمسية تنتج 1.035 كيلواط وفيها محطة قدرتها السنوية 56 ألف كيلواط ساعة.

وفي هولشتيان على الطاقة المتجددة- وبهدف تخفيض غاز ثاني اكسيد الكربون يعتمد عدد كبير من سكان ولاية شلزفيغ فعلى سواحل الشمالية المعروفة بكثرة الرياح توجد أكثر من عشرة آلاف مروحة هوائية يصل ارتفاعها إلى 90 متراً ويزيد طول مروحتها عن 30 متراً.

وبناءا عليه لاقت قضية انتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس في المانيا استحسانا لدى بعض الدول العربية، لانه من المتوقع حسب دراسة للوكالة الدولية للطاقة ارتفاع حجم استهلاك الطاقة في العالم العربي حتى عام 2020 الى أكثر من ضعف المعدل الحالي. هذا الوضع شجع العديد من المعاهد والمؤسسات العلمية وزارات الانماء والتعاون الاقتصادي على اقامة تعاون لاستغلال الشمس وهي وفيرة لديها من اجل انتاج هذه الطاقة.

دراسة احببت أن القي الضوء فيها على نموذج عالم رائد هي دولة المانيا.. السؤال متى يفيق مسؤولونا ويتحركون في هذا المجال؟؟؟ تبعاً لتوصيات آخر مؤتمر في باريس.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة