حذار… قبل أن ينفجر بركان مطمر الناعمة من جديد!
محمود الاحمدية
6 مايو 2016
المتابع لملف النفايات لا بد أن يلاحظ وللوهلة الأولى تشابه المراحل التي انتجت في الماضي أزمة اغلاق مطمر الناعمة وانفجار موضوع النفايات على كل الأصعدة…
عود على بدء ومنذ سنة تقريباً وعلى اذاعة صوت لبنان مباشرة على الهواء في برنامجها الصباحي كنت ضيف البرنامج في الستوديو وكان الوزير محمد المشنوق الضيف الآخر وفي مكتبه… الظروف كانت على الشكل التالي: مهلة اعطيت للحكومة من 17/1/ 2015 حتى 17/ 7/ 2015 يفتح فيها مطمر الناعمة وفي هذه الفترة ولمدة ستة أشهر على الحكومة إيجاد الحل البديل قبل اقفاله من جديد في 17/ 7/ 2017 وكان حديثي مع الوزير واضح وقاطع وصريح: بقي من المدة أربعة شهور وما هو حلكم البديل وإلا نحن سائرون بأقدامنا إلى المأساة من جديد وإلى الغرق في مستنقع النفايات من جديد…. فكان جوابه أن الحل على قدم وساق وان كان هناك ضغوطات أمنية ومعيشية واقتصادية تضغط في مختلف الإتجاهات وعلى كل الأصعدة وتأخذ من وقت الوزارة على حساب حل ملف النفايات !! إلى هنا جميل ولكن الذي لم أَستسغه هو شعوري من خلال تجربة ربع قرن من الزمن في مجال البيئة بكل تواضع أن هناك نوعاً من الإتكالية على مفصل تمديد فتح مطمر الناعمة وان الذي صبر عشرين عاماً يستطيع أن يصبرعدة شهور!! والشهور في لبنان بالمعنى الحقيقي سنوات طوال!!
فكنت صريحاً عندما قلت وبأعلى صوت: لا تتكلوا على تمديد فتح مطمر الناعمة فهذه المنطقة باهلها بناسها بارضها بهوائها بمائها بقدرات سكانها امتلأت إلى حدود الإنفجار وأن يمتلىء المطمر بعشرين مليون طن من النفايات بطريقة مشكوك بها وجيوب كثيرة انتفخت من التسويف في حل هذه المعضلة واقفال المطمر، لم يعد أحد يتجرأ ويقول: لنمدد عدة شهور!! التلوث زاد.. الأمراض زادت… السرطان فعل فعله في هذه المنطقة التي تحمّلت حوالي نصف نفايات لبنان لمدة ربع قرن من الزمن… وطفح الكيل…
والآن يعود دولاب الزمن دورته من جديد وما أشبه اليوم بالأمس في الحل الاخير كان الطرح مطمراً في الكوستا برافا ومطمراً في برج حمود ومطمراً ثالثاً لم يُعرف مكانه وكأننا أمام برنامج للفوازير!! ولكن المهلة المعطاة شهران لفتح مطمر الناعمة لاحتضان مئات الاف الأطنان من النفايات التي دمرت بيئة البلد وضج بها لبنان والعالم واصبحت بيروت وعلى لسان TV5 مزبلة البحر الأبيض المتوسط ونهر النفايات الأبيض ظهر للعلن على CNN وجريدة “لوموند” أكملت على الباقي فأصبح لبنان الأخضر رمادياً بامتياز غارقاً في زبالته!!
والآن الصاعق اقترب من جديد وبركان المطمر سينفجر من جديد عند اقفاله ولم يبق إلا عدة أسابيع حتى نصل إلى ساعة الصفر بِعَدٍّ تنازلي متواتر والناس يدها على قلبها!! أين الحل البديل يا جماعة والمطمران المسخان الشاهدان ما يزالان يعانيان سخافة مناقشات “التوك شو” على الفضائيات!! وعدنا إلى (حسبة برما) حسب تعبير المصريين وعدنا إلى الدوران في فراغ قاتل وعندما يتحدثون عن حائط بحري في الكوستا برافا لم يتم الإتفاق حتى الآن على تلزيمه!! متى يا سادة؟؟
لن أغوص في التفاصيل التقنية رحمة بالقارىء الكريم الذي يهمه النتائج ويهمه أن يعيش بعيداً عن الروائح والأمراض والمصائب… الآن وباختصار شديد حذار… حذار… حذار… سنعود إلى نفس الدوامة… أكثرية الناس غارقين في مستنقع الإنتخابات البلدية وفي الرمال المتحركة للعائلة والجب والقرمية والفخاذ وملف النفايات ينتحر على مذبح النسيان كالعادة… أُحذّر يا سادة من طوفان النفايات من جديد… أُحذّر يا سادة من انفجار بركان اغلاق مطمر الناعمة من جديد … ربي اشهد اني بلّغت!
————————-
(*) رئيس جمعية طبيعة بلا حدود