حكاية فنجان القهوة عند تيمور جنبلاط

بقلم د. ناصر زيدان

قال المدير العام للإستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات اللبنانية ومدير عام “اوجيرو” عبد المنعم يوسف لعدد من الوسائل الاعلامية إن إمتناعه عن الحضور لتناول فنجان قهوة عند السيد تيمور وليد جنبلاط، أشعل الأزمة بين الحزب التقدمي الإشتراكي واوجيرو، وفتحت الأبواب على مصراعيها في الاتهامات التي تتناوله.

إن تنوُّع، وتشعُّب الملفات في أوجيرو، وفي قطاع الإنترنت الذي يعود الإشراف عليه ليوسف، لم يعُد محصوراً بالدعوة التي قدمتها منظمة الشباب التقدمي ضده لدى النيابة العامة المالية، أو بالمواقف التي يُطلقها قادة الحزب التقدمي الإشتراكي ووزرائه. فالقضية تكاد تكون من أكثر المواضيع تداولاً في الإعلام، وفي مجلس الوزراء، وفي اللجان النيابية، ولدى المراجع القضائية والجنائية المُختصَّة، نظراً لحجم الاختلاسات التي تبيَّن أن مجموعة من الأشخاص يستفيدون منها على حساب خزينة الدولة، وفقاً لتصريح وزير المالية علي حسن خليل.

يروي مسؤول معني بشكل مباشر بحكاية فنجان القهوة التي تحدث عنها عبد المنعم يوسف امام الاعلام، فيقول:

نهار الثلاثاء في 8 أيلول/سبتمبر 2015 ، وبينما كان السيد تيمور جنبلاط يستقبل المراجعين من المواطنين – كما في كل نهار ثلاثاء ونهار سبت من كل أسبوع – إتصل مدير مكتبه بالسيد عبد المنعم يوسف لسؤاله عن طلب أحد المواطنين التعاقد مع مركز أوجيرو في بيت الدين في الشوف، في الوظيفة الشاغرة بسبب سفر أحد الموظفين وتركه لعملهِ.

وحصلت مجاملات عادية متبادلة على الهاتف بين تيمور جنبلاط وعبد المنعم يوسف بالمناسبة، وطلب خلاله يوسف زيارة جنبلاط للتعارُف وشرب فنجان قهوة، وكان أن أُعطي موعداً في يوم الثلاثاء الذي يلي، وهو يوم الاستقبالات المفتوحة عند جنبلاط.

في يوم الثلاثاء المذكور أعلاه، لم يحضر عبد المنعم يوسف في الموعد المُحدد، فتمَّ الإتصال بمكتبه الذي أفاد بأن يوسف خارج البلاد. ولم يكُن قد إتصل لطلب تغيير الموعد، ولا إتصل مكتبه للإعتذار عن الحضور.

إنتهت الحكاية عند هذا الحد – كما يقول مدير مكتب تيمور جنبلاط – ولم يُعلق جنبلاط، ولا معاونيه على الحادثة إطلاقاً، إلى أن فوجئوا بإثارة الموضوع في الإعلام بعد إنعقاد مؤتمر عن الإصلاح ومكافحة الفساد الذي دعت إليه منظمة الشباب التقدمي بالتعاون مع وكالة “فريدريش إيبرت” الألمانية في فندق ريفييرا في 27 نوفمبر الماضي في بيروت، علماً أن المؤتمر المذكور تناول ملفات الهدر في أكثر من دائرة عامة، وما قاله الوزير وائل أبو فاعور عن الفوضى العارمة في أوجيرو؛ كان على سبيل المثال، لكون الملف أُثير في المؤتمر المذكور، وتناوله أكثر من مُتحدِّث.

ربما يكون مؤتمر “الريفييرا” حول الفساد؛ قد ساهم في إخراج ملفات الفساد إلى حيِّز المُتابعة والمُلاحقة. إلا أن ملف أوجيرو؛ لم يُفتح على خلفية كيدية سياسية – كما يؤكِد المسؤول ذاته، فالحزب التقدمي الاشتراكي عادة ما يتناول مثل هذه القضايا في أدبياته السياسية، وهو يتحدث عن عدد كبير من المؤسسات الأُخرى – كما أشار رئيسه وليد جنبلاط في مقابلته التلفزيونية الأخيرة في 21/4/2016 –  ولم يوفر، أو يُغطي أحداً، بما في ذلك مراجع أمنية وقضائية.

يختم المسؤول المعني ذاته بالقول: إن تيمور جنبلاط لا يتعاطى بالطريقة الفوقية التي تحدث عنها يوسف إطلاقاً، وهو المعروف عنه تعاليه عن الصغائر وتحليهِ بإلاخلاقية والهدوء، ويحترم الجميع من دون تكلُّف. ولم يسبق له أن إستدعى أحداً من المسؤولين؛ كما حاول عبد المنعم يوسف الايحاء بهِ، وهو لم يُعط موضوع عدم حضور يوسف أي أهمية، ولم يتحدث بالأمر على الإطلاق.

في لبنان نمط غريب في تعمية الحقائق للهروب من الارتكبات والاختلاسات. فنرى أن مُتهم بالعمالة والتبعية والاختلاس (وزير سابق من أيام الوصاية) يحاضر عن النزاهة والعِفة، وهو بنى قصراً في بلدة شوفية، وإشترى عقارات وأراضٍ، ومصاريفه كبيرة جداً؛ بينما تعرف الناس انه لم يَكُن يملك أي شيء قبل تعيينه وزيراً في حكومة الوصاية!