من “المقاومة” الى “المقاولة”..

د. صلاح ابو الحسن

منذ زمن بعيد أعلن المسؤلون الايرانيون ان حدود الدولة الفارسية يصل الى البحر المتوسط.. هذا من حيث الاعلان الرسمي الإيراني.. لكن من حيث الواقع والممارسة الفعلية.. فان حدودهم تصل الى سيناء مصر والى اليمن والبحرين والعراق وسوريا.. الم تعلن ايران ان عاصمة الدولة الفارسية بغداد؟؟!!

بالطبع، تبقى الحدود الجديدة للجمهورية الإسلامية الايرانية على البحر المتوسط من خلال الجنوب اللبناني، للتأكيد أن حدودهم الفعلية هي مع “العدو” الصهيوني بقصد إعادة إحياء “كذبة الممانعة”.. بعد أن شبعت موتا و”طلعت ريحتها”.. ونسوا أن الضرب بالميت حرام..

ونسوا أيضا، ان جوهر الإتفاق النووي هو الاقلاع عن الأوهام التي زرعوها على مدى عقود طويلة.. خدعوا عبرها العرب والمسلمين وخاصة الفلسطينيين.. فسقط شعار “محو اسرائيل” و”الموت لاميركا” الشيطان الأكبر في مزبلة التاريخ.. الاتفاق النووي اسقط الشعارات الخمينية.. ولذلك، فمنذ توقيع الاتفاق غابت شعارات “المحو والموت”.. وأبقوا على “كذبة الممانعة”!!..

اما لماذا ما زالت ايران متمسكة بالجنوب اللبناني من خلال “وكيلها” الشرعي حزب الله؟؟.. فالجواب واضح والقصد منه أعطاء الحزب اطول فرصة ممكنة للتحكم بمفاصل الدولة اللبنانية.. التي تتبلور بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل المؤسسات الشرعية.. اضافة الى إعطاء أطول فرصة للحزب.. لحماية النظام الإستبدادي الاسدي..

الأهم من كل ذلك، ان نسأل ما يُسمّى بـ”الممانعة”، هل هم حقا يريدون قتال اسرائيل ومحوها عن خريطة الشرق الاوسط؟؟!! وهل هم مستعجلون لإنهاء داعش؟؟.. الذي اخترعوه!!..

ونسأل، هل اسرائيل تريد حقا ضرب ايران او اسقاط نظام الاسد او القضاء على داعش؟؟!!..

مراجعة الأحداث منذ قيام دولة اسرائيل.. تُثبت بما لا يرقى لأي شك، انها كانت دائما مستفيدة من التطرف والتعصب ومن غلواء المذهبية والطائفية ومن الأنظمة الديكتاتورية والمخابراتية والمستبدة في العالم العربي وخاصة في الدول المسماة “الممانعة” على حدودها.. وها هو نتانياهو يعلن اليوم ضم الجولان الى اسرائيل الى الأبد!!.. شاء المقاومون والممانعون والشيطان الأكبر “سابقا” والقيصر الحليف لإسرائيل الى الأبد وللنظام السوري  “حاليا” أم ابوا..

ومراجعة الأحداث منذ “انبعاث” حزب “البعث” الممانع وجبهات الصمود والتصدّي وكل الشعارات الفارغة والكاذبة.. تثبت ان وجود اسرائيل ضرورة ملحّة و”بديهية”.. لاستمرار الأنظمة الديكتاتورية والمخابراتية.. تحت شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.. ولاستمرار السجن العربي الكبير من “المحيط الى الخليج”..

المصالح متبادلة بين “العدو” الاسرائيلي والديكتاتوريات العربية والإسلامية.. وبين الارهاب امثال “داعش” و”القاعدة”.. يشكلون القاسم المشترك بين الصديقين “اللدودين”..

وكذلك، فإن وجود ايران وممثليها على حدود اسرائيل، حتما لا يزعجها.. فهم يشكلون أفضل وأجود “بضاعة” يمكن ترويجها وتسويقها في الغرب وفي العالم.. خاصة بعد ان تحول النظام السوري وحزب الله من الممانعة والمقاومة الى “المقاولة” لصالح ايران..

حزب الله

وبالنتيجة، فإن اسرائيل هي المستفيد الاول من انهيار الجيشين العراقي والسوري، كما كانت  مستفيدة من الخلاص من صدّام حسين لصالح ايران، والمستفيدة اليوم من غرق حزب الله في الوحول السورية.. بعد ان اصبح افضل مقاول غب الطلب من سوريا الى البوسنه..

ولذلك فان المصلحة تقتضي إطالة المحنة السورية لأمد بعيد.. خاصة ان ايران واسرائيل والغرب واميركا وروسيا مستفيدون من استمرار وطول عمر “داعش” والارهاب..

من هنا، فان مفاوضات “جنيف” لن تأتي باي حل سياسي للأزمة السورية.. ولا تعدو كونها تسلية واسلثمار بالدم ولعب في الوقت الضائع.. بانتظار المزيد من الإستنزاف في دول العالم العربي..

وهل تؤشّر الإنتخابات “المسخرة” و”الكذبة” التي أجراها النظام السوري بمباركة روسية وايرانية وربما بمباركة اسرائيلية.. وبانتقاد اميركي “خجول”.. ووسيط دولي “منحاز” وضائع بين المباركة الروسية والخجل الأميركي.. وربما ينتظر انتصارات جديدة للنظام السوري في الرقة وحلب لقلب المعادلة على ارض المعركة لصالح النظام..

ومن عادة النظام السوري ان ينتخب بالإنابة عن الشعب السوري.. فالنظام أعرف بالمصلحة الوطنية والقومية من الشعب السوري.. الذي يجهل مصلحته.. ومن الطبيعيي اليوم ان يقترع النظام نيابة عن عن اربعة ملايين ونصف مليون لاجىء حسب الاحصاءات الدولية، ونصف مليون مسجون ومخفي..

للأسف، اوراق التفاههم اللبنانية التي عطّلت الدولة ومؤسساتها وحسن النيات التي عطلت انتخابات رئاسة الجمهورية.. يبدو انها تجاوزت لبنان الى ورقة تفاهم بين اميركا وروسيا.. وحسن النيات وصلت الى اسرائيل وايران.. ويبدو ان الشعب السوري واقع بين “التفاهم” و”حسن النيات” لسنوات طويلة.. خاصة بعد ان تحولت المقاومة والممانعة الى اضطهاد الشعب السوري وتدمير قلب العروبة النابض.. وتحول “المقاولون” من شعارات حق تقرير المصير ومن الحرية والعدالة.. الى دعم نظام فاشل قاتل ظالم ومستبد على حساب شعب، شاء أن “يحلم” بالحرية والكرامة حُرم منها منذ نصف قرن..

 

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!