كيف نحصّن إستقلال القضاء ونضمن حياده؟

داليا بو عماد

أنباء الشباب

انضم لبنان وصادق على عدد من المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق لحقوق الانسان التي تضمن محاكمة عادلة امام محكمة مستقلة ونزيهة، فهذه النصوص والاحكام ملزمة، تتقدم بتطبيقها عى قواعد التشريع الداخلي.

ولكن المشكلة تكمن في النقص بتدريب القضاة على سبل تطبيق المعايير الدولية المتصلة بحقوق الانسان، لذلك تأثير هذه الصكوك الدولية محدودة للغاية في التطبيق العملي.

في المبدأ لا تواجه المحاكم العادية صعوبة من حيث ضمان استقلالية القضاء وحياده، غير ان المحاكم الاستثنائية “الدينية والعسكرية” هي الى حد ما مخالفة للدستور ولا سيما لمبدأي الاستقلالية والحيادية في اصدارها للاحكام وحقوق الدفاع.

لذلك، تشكل مسألة استقلال القضاء نقاشاً مستمراً في لبنان حيث يواجه الرأي العام أزمة ثقة فعلية بالسلطة القضائية.

فيطرح التنظيم القضائي مشكلة بحد ذاته نظراً لقواعد عملية اختيار القضاة وتدريبهم وتدرّجهم وضمانات عدم جواز، نقلهم بالاضافة للاجراءات التأديبية المتخذة في حقهم لا تضمن حتى استقلالهم الفعلي.

المحكمة-العسكرية

لذلك، يباشر عدد من القضاة اللبنانين التداول في الآونة الأخيرة بشأن امكانية تأسيس جمعية القضاة وهي مبادرة لاقت الاستحسان والدعم من المجتمع المدني.

ولكن التأثيرات الخارجية قد تعيق استقلال القضاء، فتشكل تدخلات السلطات السياسية والدينية تهديداً اضافياً فمثلاً يمكنها عرقلة اجراءات التعيين والنقل، الى جانب إعاقة العمل في المؤسسات القانونية  عدا سوء العلاقة بين السلطة القضائية ووسائل الاعلام.

ويعود ذلك الى قلّة الضمانات الممنوحة للقضاة فيحاول بعض المسؤولين السياسيين استغلال الوضع وتمرير ممارسات مشبوهة وغير مشروعة من خلال رشوة القضاة او التلاعب بشروط تعيينهم وهذا ما يفاقم أزمة الثقة حيال القضاء اللبناني.

وبالإمكان الإقتراح على السلطات اللبنانية تعديل الدستور والقوانين الوطنية التي ترعى تنظيم القضاء واستقلاله بشكل فعلي عن النظام السياسي والديني، بالاضافة الى اصلاح القواعد التى ترعى تأليف مجلس القضاء الاعلى والقواعد التي تحكم عملية اختيار القضاة وتدريبهم وتكريس الاحترام لحقهم بحرية التعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات وتوعيتهم على المسائل المتعلقة بحقوق الانسان بتأمين تدريب مستمر لهم، والاهم إلغاء المحاكم الاستثنائية وإحالة صلاحياتها الى المحاكم العادية وكذلك لمنظمات المجتمع المدني تنسيق عملها وتوعية السكان على مسألة استقلال القضاء وحياده وتشجيع المحامين على الاستناد الى القانون الدولي لحقوق الانسان ووضع استراتيجية ضغط أمام مجلس النواب والحكومة والمؤسسات الوطنية والاوروبية.

فعلى الرغم من هذه الصورة السلبية عن النظام القضائي نظراً للحاجة الشديدة للإصلاح إلا أنه تبرز شجاعة العديد من القضاة اللبنانيين في سبيل ضمان استقلال نزيه وعادل للمواطنين.