نسمات محبتك الدائمة.. لم ترحل يا أمّي!.

هيثم عربيد

 أتى العيد ولم تأتِ، وكأنَّها رَحَلَتْ ولنْ تعودَ أمّي!!.. علماً أنَّ عيد الأم أطلَّ بروعةِ ربيعهُ، وانساب بلونهِ الزمنيّ والمكانيّ ليثمرَ العيد بغمرِ معانيه السامية، والعيد والربيع هو أنتِ يا أمّي، وهو الزهور والزنابق وابتساماتها المشرقة بفضلِ إشراقاتكِ يا قلبَ المحبَّة.. ولكن، لِماذا الإصرار على رفضِ العودةِ والربيع أزهر لأجلكِ!!؟؟.. يا جميلةَ روحي، وصديقة فكري وقلبي، ونبض حبّي يا أمّي.. مع إنَّني أناديكِ مع كلِّ بزوغ فجرٍ للعودةِ!..، وأهتدي بأنوارِ حكمتكِ مع كلِّ هُنيهةَ حياةٍ للرؤية..، وأرتقي بصفاءِ روحكِ مع كلِّ ضحكةِ طفلٍ كي نتلاقى..، وأرتدي ثوبكِ بالمعرفةِ والرقيّ مع كلِّ عِبرة عجوزٍ حتَى أرى وجهكِ الباسم بخطوطِ وتجاعيدِ العناءِ والجهدِ والتّضحيةِ الخلاَّقة..، وألاقي يراعكِ بيراعي مع كلِّ تخاطرٍ للفكرِ، لأمعنَ في هدأة مساحات ونسمات تجلِّيات جهدكِ المستنير بالخالق الخلاّق..، وأناشد الشِعرَ والأدبَ والإحساس والكلمات والجمَل بنبضاتِ مداد إنتمائكِ للعِلم والمعرفة، يا سيدةَ التربيةِ والأخلاق يا أمّي، لأنتظرَ الجواب من شفتاكِ الصامتة صمتَ الحكمة، والناطقة بأريج العقل والعاطفة، وأنتِ تتشبثين بالرحيل!!!.. لِماذا ولِماذا يا أماه!!!؟؟؟.. وأنتِ كنتِ ولم تزلِ على هدى الإيمان والإحسان والإتقان، لمنطقِ الحكمةِ والعقلِ والعطاءِ للإنسان، ولِمن كنتِ لهم الحضن الحاضن لمنعِ الخوف وزرعِ بسمةِ الإطمئنان…

     لا!!… وألف لا!!… لنْ ولم ترحلِ!!!… فأنتِ الخفاقة في ولوجِ الإنعتاق بالجمالِ الربَّاني، ومتكلِّلَةِ بالعذابِ في منحى البداية والنهاية لمنعِ الظمأ عن شفاه وشرايين الأحبَّة المنبثقين من فلذاتِ روحكِ وغيرهم، ولكسرِ لغة الأضداد للوعي والمحبَّةَ وسلامةِ العيش والإستمرار.. وللإهتداء بالهداية القائمة على مسالك الألم والعمل والعناء، لإبقاء وجدانيَّة الحياة بالضميرِ والمحبةِ ورداءِ التسامحِ والوفاء…، أماه!!!.. كمْ أنتِ أصيلة ولغتكِ الأصالة.. وكبيرة ورؤيتك الكِبَر.. ومتسامية وحكمتكِ بالسمو.. ومشرقة بتجاعيد وجهكِ العابرة والمعبِّرة عن صورتكِ الإشراقية المتغلغلة في القلوب.. وصلبة بإعتناق الصلابة في نهجِ وانتهاج الحق.. وجميلة في غَمْرِ الجمال.. ومتسامحة بهدوءِ التسامح.. ووادعة بين سطور التواضع والقناعة والتَّسليم، لِما أعطانا الله في تدرُّجات حقول الخير والنِعَم والحياة.. وباسمة رغم توحّدكِ بالعناءِ والجهدِ والعذابِ في بحرِ صبركِ المتوسّع، حتَى تحقيقَ مبتغى النجاح والسعادة المنشودة في التربيَّة وما بعدها من قيمٍ لا تنتهي، مع الترابط المحبب بالنسيج الأخلاقي والإنفتاحي، ضمن الكرامةِ المتجذِّرة بعزةِ النفس الباقية والمتمرِّدة في جوهر الوفاء الإنسانيّ…

IMG-20160321-WA0039

    الدموع تلاقي الدموع بإتجاهين متعاكسين، أي للداخلِ والخارجِ، فبعضها يسلِّم للغصَّةَ الداخليَّة ويتسللُ بالأحشاءِ ويترابط بألمٍ لا ينتهي، والبعضُ الآخر يتدفقُ من مقلتيّ كالينابيعِ الصارخة صرخة المحبَّة والشوق لملاقاةِ وجه الحبيبة أمّي، وهي بِصَمْتِها الدهريّ تنشدُ الخير والصحة والنجاح بالدعاءِ تلو الدعاء لِمن سَكَنَتْ بهم أبدا..!!! وهذا الإنعكاس المتجدَد بالمحبَّة ما بين الأم وأبنائها ومحيطها الإنسانيّ المستمر، يبقى مدى الدهر كوشوشاتِ الجداول، وزقزقاتِ الطيورِ، ودغدغاتِ السنابل، ومشهديَّةِ الحياة ككلّ، ليتوحّدَ بوجهِ وسلامِ الحقيقة المنثورة بالأمومة، وهي مشهدٌ حقيقي من مشاهدِ الحقيقة ِالكليَّةِ الساطعة بالحريَّة الحياتيَّة وما خلفها من متَّسعاتٍ لا حدود لها في التجدد التكويني للإنسان وفضائه اللامتناهي!…

    أمّي صورة واثقة وباسمة لوجهِ الحبيب، وهي القدِّيسة والقداسة!!، لأنَّها حوَّلت الألمَ إلى فرحٍ.. والحاجة إلى نجاحٍ.. والعوز إلى صبرٍ وأخلاقٍ ومتعةٍ بالتسليم للواقع الربَّاني والإيماني… وحوَّلت أيضاً وأيضاً الكره والبغض إلى حبٍ ومحبةٍ.. والتكبّر إلى تواضعٍ.. والأنانيَّة إلى كرمٍ وعطاءٍ.. والضجيج الفارغ إلى سكونٍ يتَّسم بالصفاء العقلاني لمقاربة الحقائق.. وإلى ما لهذه المرأة الراقية من أجنحةٍ حلَّقَت وتحلِّق في فضاء الجمال التنويري، وستبقى الأم المؤمنة والصالحة والهادية بما زرعت في عرين الأحباء والأصدقاء وكل من تعرَّف على شخصكِ الإنسانيّ المتدفق بالحكمة…

IMG-20160321-WA0038

    إشتاقَ لكِ زهر الليمون يا أمّي ليعيدَ لنسماتِهِ العطرة نغم التنشّق بأنفساكِ المتمادية بالإحسان..، وأشتاقت أشجار الزيتون للمساتكِ الهادئة لتعيدَ لزهرهِ العطاء العطاء بالخير والألوان..، واشتاقَ لكِ منزلكِ ليتنشقَ أريج السعادة والمحبة المبنيّةَ بالإيمان..، واشتاقَ لكِ صدى الزمان والمكان لأنَّكِ الحنان وزهر البيلسان في الحقلِ والمنزلِ وكلِّ مكان..، واشتاق لكِ أبي وإخوتي وأخواتي وكل من عايشكِ الفرحَ والألمَ بعمركِ العابر والعابق بالأمومةِ، ومنابع المحبَّة الكامنة بشخصكِ الذي يجسّد الإنسانيّة بعطاءٍ ووفاءٍ للإنسان… إشتقتُ اليكِ يا أمّي وأنا بإنتظاركِ ليل نهار، كي أبقى ألامس وجهكِ في ورودِ الإلتصاق بجماليَّة الأسرار التربويَّة التي أرست النجاح كل النجاح!!!…

وداعاً… ولكِ من القلب كلّ الشكر والمحبَّة والسلام.. وإلى اللقاء يا أمّي!!!… إلى اللقاء!!!…

************

اقرأ أيضاً بقلم هيثم عربيد

نكتبها بالنّور كما تكتِبُنا!؟

 المرأة الإنسان!..

ثقافة السلام الحواريّ.. لا الإستسلام الفئويّ!

الزمان والمكان عانقـا الحقيقة برداء الكمال الإنساني!

متحف ومكتبة الموسيقى العربيّة، حلم الإرادة التصميم المنتصر!

أيّها الشريف! أنت الوعد الأخلاقي للنضال الإنسانيِّ!

الرفيق طارق يأبى الرحيل، وهو باق بأسرة العمر الجميل!

التهديد للوليد لم ينه حلمَهُ البتّه، بوطن السّلام والحياة

 المربي سليم ربح على عرشِ التَّربيةِ والمحبَّةِ والخلود

صرخاتُ الألمِ!!.. بدايةٌ لإدراكِ عالم معلمي الشهيد!!!…

الإنتخابات البلديَّة هي المنطلق لكسرِ حلقة الفساد والإفساد

كيف نعملُ يا كمال؟!.

كمال جنبلاط لم يرحل!

وداعاً نبيل السوقي .. والفكر التقدّميّ سيتوّج حلمكَ بالإنتصار!!!…

الرئاسة بلغة الممانعة وديمقراطية الإقصاء…

معلمي.. ثورة للإنسان والإنسانية.. والحقيقة والحريه…

سمير القنطار… شهيد الوطن المقاوم…

كمال الولادة والشهادة، رسالة فجرٍ دائمة، للحريّة والسعادة!!!…

فؤاد ذبيان.. أرزةُ عشق تربويّةٍ

الحِراك المدَني وخطى النجاح المتلاشية والمهدورة!!!..