2016: زمن الاعتدال ونوافذ الانفراج

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

قد تكون حلقة التعصُّب والتطرُّف والإجرام إقتربت من الاكتمال، وبالتالي الانغلاق على ذاتها والاختناق. تلك وقائع عاشتها المنطقة العربية بغالبية ساحاتها، خصوصاً الساحة اللبنانية، والأُفق بدأ بالإنطباق أمام المُتهورين، وتبدو تباشير زمن الصحوة السياسية والشعبية واضحة في زوايا الانغلاق القاتل.

تلك هي المُعطيات الموضوعية، وهذا ما يتوقعه بعض “المنجمين” أيضاً.
يستفيق الوعي الشعبي اللبناني من خدر الغرائز الطائفية والمذهبية، ويتكاثر الحديث عن الحاجة إلى الاستقرار السياسي في مندرجاته الدستورية والاجتماعية والإقتصادية والامنية والحياتية.

فاللبنانيون تعبوا من الجريان نزولاً خلف المتطرفين، ووصلوا إلى قعر الوادي فنظروا إلى الخلف، فرأوا جدران البساتين الخضراء قد انهارت، والحياة في قعر الوادي لا تُطاق، ولا بُدَ من العودة إلى المشارف التي تُطِلُّ على المُستقبل.

يرى مرجع ديني كبير أنه لا بُد من وضعِ حدٍ للإستغلال الذي يمارسه بعض رجال السياسة من أجل توفير الاستمرارية لذاتهم، أو لتحقيق مصالح حزبية، أو شخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطنين. والجميع متضررون من هذه المُقاربة. فالمسلمون منغمسون في مُشكلات ناتجة عن تفاعلات بعض قشور الخلاف الطفيف بين مذاهبهم، وقد دفعوا ثمناً غالياً لهذا الخلاف. والمسيحيون يكادوا يخسرون كل شيء، عندما طلبوا كُل شيء في زمنٍ قاسٍ، يكفي فيه التمسُّك بالمكانة والحفاظ على الوجود المُهدَّد، بإنتظار مرور العاصفة.

وعلى ضفتي التركيبة اللبنانية، يسرح المُتطرفون ويمرحون، تحت حجَجٍ فئوية، تدَّعي الحِرص على مصالح الجماعة، بينما حقيقة أهدافهم تنفيذ أجندات شخصية، أو تأدية دور مدفوع الثمن لحساب قوىً خارجية غايتها زيادة نفوذها الإقليمي، والتحكُّم بمفاصل الحياة السياسية لشعوب المنطقة، وتقديمها قرابين على طاولة مفاوضاتها مع القوى الدولية.

ويُجمِع عدد من الاكاديميين على رؤية بصيص ضوء في نهاية النفق القاتم، إستناداً إلى تشخيصٍ واقعي لدورة الحياة التي لا يمكن أن تتوقف، وانطلاقاً من مشاعر الوعي الشعبي الذي ضاق ذرعاً من الاختناق الذي سببته بعض القوى والشخصيات السياسية، وأدى إلى تنكيل سُبُل العيش وفُقدان الثقة بالوطن.

وإنطلاقاً من كُل ذلك؛ فإن المزاج الشعبي العام تغير وأخذ منحاً مؤيداً للمبادرات التوفيقية للوصول إلى مخارج مقبولة، تؤدي إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتحافظ على مؤسسات الدولة قبل الانهيار.

وتستخفُ النُخب الأكاديمية والطلابية اللبنانية من إستمرار مشاهد الانفِعال والتحريض عند فئة من الذين يتعاطون الشأن السياسي لحسابات شخصية، أو بتكليفٍ من قوى وصاية خارجية، وهؤلاء لا يعرفون من السياسة إلا نقل الرسائل التي تشحن الاجواء الطائفية او المذهبية. وعملية شحن الاجواء وإثارة الغرائز بدورها؛ تُعطِلُ إنتظام الحياة العامة، وتُربِك المؤسسات التي تعمل على تطبيق القانون، لأنها تخلق نوعاً من العمى السياسي الذي يتحرك بالغريزة بعيداً عن المنطق والعلم والحِكمة.

وتُعطي هذه النُخب نماذج عن هؤلاء الاشخاص المتواجدين في كل الطوائف… مثل الوزير السابق وئام وهاب والنائب خالد الظاهر والنائب إيلي اسود والصحافي سالم زهران، وهؤلاء على سبيل المِثال؛ لا يتحدثون إلا اذا كان هناك قضايا تُثير النعرات، ويمتلكون مهارات واسعة في إثارة التشنُّج – ودائماً وفقاً لرأي النُخب الاكاديمية – تبدو ملامح العام 2016 واعدة في تبنِّي مقاربات واقعية تُخرج لبنان من المأزق الذي يعيش فيه، وفي الملامح نوافذ مفتوحة على الانفراج، والمُعطيات التي يمتلكها بعض المتابعين تؤكد على ذلك.

وهذا التشخيص يتطابق مع معلومات جدية عن نوايا عربية ودولية واضحة لمساعدة لبنان، لا سيما من خلال التحرك الفرنسي مع ايران، والإتصالات التي يُجريها الفاتيكان والمملكة العربية السعودية.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية