مؤتمر الرياض وإنجاحه!

فايز سارة (الشرق الاوسط)

فيما تستعد الرياض لعقد مؤتمر المعارضة السورية بعد أيام، تسود في الواقع تقديرات مختلفة حول احتمالات مؤتمر الرياض. بعض هذه الاحتمالات يقوم على معطيات ووقائع، سواء في تقدير إمكانيات نجاح المؤتمر، أو من عدمها، وبعض الاحتمالات الأخرى، يقوم على الرغبات والآمال في الاتجاهين. وبالنتيجة النهائية، يتوزع المهتمون والمتابعون لمؤتمر الرياض بين آملين وراغبين في نجاحه، وآخرين يرغبون ويأملون في غير ذلك بغض النظر عما يستندون إليه.

وبطبيعة الحال، فإن أغلب المنتمين للمعارضة ومؤيدي الثورة وأنصار الشعب السوري، يسعون نحو إنجاح المؤتمر، والقليل منهم يرى إمكانية الفشل، لكن أغلب خصوم ثورة السوريين من نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس، يريدون ويرغبون في فشل المؤتمر، من أجل إعادة تأهيل نظام مستبد، خلفه نحو خمس سنوات من مسيرة قتل وتدمير وتهجير لملايين السوريين، تركت تداعيات خطيرة على المحيطين الإقليمي والدولي.
وسط تلك الحالة، يبدو السؤال الجدي والطبيعي المتعلق بنجاح أو فشل المؤتمر مطروحًا، ليس فقط على المعارضة، وهي المعنية أساسًا بالإجابة عنه، وإنما هو مطروح على عموم السوريين، كما هو مطروح على المعنيين بالقضية السورية، ولا سيما أصدقاء الشعب السوري، لأن نجاح المؤتمر إنما يعني وضع لبنة أخرى، قد تكون الأهم في مسار حل القضية السورية، حيث من المفترض الوصول إلى ثلاث نتائج مرجوة، أولاها تشكيل منصة تجمع المعارضة السورية بتلاوينها التنظيمية والسياسية والمدنية والعسكرية، بما فيها من تحالفات وتنظيمات وشخصيات، في مرة هي الأولى، والثانية إصدار وثيقة واحدة ومكثفة حول توجهات المعارضة ومسارها في التعامل مع القضية السورية، ولا سيما في موضوع الحل السياسي، والثالثة، تشكيل وفد تفاوضي له مرجعية واحدة، ليمثل المعارضة في المفاوضات المنتظرة، عندما يحين وقت المفاوضات، وهذه أمور حاسمة لا غنى عنها، وهذا لا يعني تضييع الفرصة الراهنة، إنما يعني جعل القضية السورية تدخل في متاهة تصعيد الحرب، واستمرارها لفترة أطول، سوف يخسر فيها السوريون مزيدا من الدماء، وتزداد معاناتهم، ويصيب مزيد من الدمار بلادهم، حتى يحين الوقت مجددًا لفرصة حل سياسي، قد لا تكون أفضل من الفرصة الراهنة.

وسط تلك الوقائع يبدو، أن نجاح مؤتمر الرياض ضرورة، ولعله السبب الذي جعل الرياض تتبنى عقد المؤتمر، وهي المعروفة بالتحفظ في سياساتها والتدقيق في خطواتها، وكلاهما عامل مساعد يشد أزر المعارضة السورية وعموم السوريين لإنجاح المؤتمر، والذي لا شك أنه يحتاج إلى بيئة دولية وإقليمية مساعدة، تتجاوز فكرة الدعوة للمؤتمر وعقده، ولعل الأهم في ذلك الضغط على حلفاء نظام الأسد المشاركين في فيينا، إذا كانت مشاركتهم جادة للقيام بخطوات وإجراءات من جانبهم ومن جانب حليفهم بشار الأسد، لتشجيع توجه المعارضة نحو الحل السياسي، منها وقف الحملات على المؤتمر ومهاجمته، والطلب من الروس لوقف غاراتهم على المدنيين السوريين وعلى التشكيلات المعتدلة في المعارضة المسلحة، والطلب من النظام رفع الحصار عن المناطق المحاصرة، ولا سيما في غوطة دمشق، وإفساح المجال لمرور المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء إليها، ومطالبته بإطلاق النساء والأطفال والمرضى من المعتقلات.

ورغم أنه من غير المنتظر استجابة حلفاء النظام، والنظام ذاته، لضغوطات ومطالب المجتمع الدولي على نحو ما هي عادتهم المقرونة بتجريم المعارضة، واتهامها بـ«الإرهاب» وغيره، فإن القيام بذلك يبدو ضروريًا وبصورة علنية لطمأنة السوريين، وتأكيد وقوف المجتمع الدولي معهم.
إن الجهد الأكبر في إنجاح مؤتمر الرياض ملقى على عاتق السوريين أنفسهم، لأنهم أصحاب القضية، وهذا يتطلب رغم آلامهم ومعاناتهم، دعم مساعي معارضتهم في مؤتمرها، الذي يكاد يكون جامعًا.

والأهم في الدور السوري، مطلوب من المعارضة، وينصب في ثلاث نقاط، أولاها تبريد الصراعات وتهدئة الخلافات الداخلية، وإشاعة أجواء إيجابية للتعاون والتفاهم حول القضايا المطروحة في المؤتمر، والثانية التوصل إلى توافقات واضحة ومختصرة، تشمل جعل الرياض منصة لإجماع المعارضة في المرحلة المقبلة، وإقرار وثيقة سياسية حول مهمات المرحلة وآليات تحقيقها والحل السياسي، ثم تشكيل وفد للتفاوض بمرجعية مشتركة حول حل مرتقب للقضية السورية على أساس جنيف1 وتوابعه، والنقطة الثالثة توفير إرادة سياسية، واتخاذ خطوات عملية للسير بنتائج مؤتمر الرياض ومخرجاته للتطبيق المؤكد والحازم في المرحلة المقبلة.