الحِراك المدَني وخطى النجاح المتلاشية والمهدورة!!!..

هيثم عربيد 

بدأ الحِراك المدني منذ مدةٍ طويلةٍ، وكان يقتصر على بعض الجمعيّات والهيئات التنسيقيّة بشبابِها وشاباتِها، وهم ينتمون للتنوّعِ الفكريّ المتجدّد، حتى نادى هذا الحِراك الوطن برؤى الصواب والتصويب، للتغيير والتنوير والإصلاح، في الملفاتِ الوطنيّة الحسّاسة والمهمّة، على المستوى الحياتيّ والإجتماعيّ والإداريّ.. فرويداً رويداً..، توسّع الحِراك المدني كنتيجةٍ حتميّةٍ للإهمالِ على كافةِ المستويات المعيشيّة والخدماتيّة!.. ليشرقَ نبضُ الحِراك بأوجهِ في 29/08/2015 بحركةٍ وصرخةٍ رائدةٍ، أعطت الصدى اللازم على مستوى الوطن، وعبّرت عن هواجس وألم الشعب ومعضلاته الحياتيّة المتوسعة!!!…

فما كان من المسؤولين، إلاّ وتنادوا لحِراكٍ مقابل، وهو حِراك المؤسسات، ضمن القدرات الممكنة والمتاحة والمسموحة للأسف..!!، في هذا الزمن الرديء، الذي أضحى مترابطاً ومتشابكاً بمحاورِ الإنقسام والمصالح الكبرى والهدّامة!!.. فكانت طاولة الحوار ببرنامجٍ ارتدى الضرورات المرحليّة وأطرها، وبَعدَها تكاملت بالموافقةِ على خطّةِ معالجة ملفّ النفايات التي أطلقها الوزير الأستاذ أكرم شهيّب، بتكليفٍ من مجلس الوزراء، لتحاكي الحِراك المدني، والوطن أجمع، بالمسؤولية الحقّة، كي لا ننزلق نحو المجهول والمحظور!!!… بعد ذلك استمرَّ الحِراك، ولم نرَ فيه العقل الرؤيوي لملاقاةِ القرارات الصائبة بالمتابعةِ وأخذ العِبر، والإستمرار بالمنحى السلمي السليم، ليُنتجَ عوامل جديدةٍ تساعد على إكمال وتقويّة ما بدأوا به، بخطى النجاح وتحقيق المبتغى!!… فما كان من أربابِ الحِراك إلاّ رفع سقف المطالب، دون إعتماد المدّ والجزر لغمر المسؤوليات بهذا الشأن، والبناء بالممكن والمقبول، للإنطلاق نحو الأسمى والأفضل، ضمن القدرات الوطنيّة المتاحة، في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الوطن وما يحيط به…!

إضافةً الى ما تقدّم، لم يتلقّف الحِراك الايجابيات وأولويّاتها على كافة المستويات، وعدم التلاقي بالرؤى المشتركة داخل الحِراك ومجموعاته المدنيّة المتنوّعه الأفكار والتطلّعات، بهدفِ وضع صيغةٍ وطنيةٍ مقبولةٍ لسقفِ المطالب المحقّة، للإشراقِ في المدى الأوسع، الذي يحاكي الشرائح اللبنانية بتنوّعِها السياسيّ وغير السياسي..، والحزبي وغير الحزبي..، ضمن منهجيةٍ واضحة المعالم، ترتدي ثوب الوطن وليس ثوب التعميم للفساد..!!، كي يتلاقى الحِراك مع القوى الوطنيّة الفاعلة والجامعة بقواسمٍ مشتركةٍ، لاستقطابِ الشباب الناشط بتنوّعهِ ضمن هيكليّة إستدراجٍ متكاملةٍ للتفاعلِ مع الأحزابِ وجماهيرها الرائدة في هذا المضمار، والتي يمكن للحِراك استقطاب شبابها المرتكز على المبادئ الإنسانيّة الحقيقيّة، لإنتاج مفاهيمٍ تأخذنا إلى صوابية وحقيقة الممارسة بالأطر والمناهج التفاعلية مع كافة القوى الوطنيّة، لحمايةِ الوطن وما تبقى من مؤسساتٍ، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه في معتركِ تحرير لبنان من الفسادِ والمفسدين!!…

تخريب  فى  وسط بيروت (2)

من هنا، نرى أنَّ وتيرة التصعيد في الشارع بدأت برداءِ النفايات، واتخذت منحى مغايراً، وهو إسقاط النظام!..، ونسج الثورة!..، ومحاسبة المسؤولين!..، وغير ذلك من العناوين الكبيرة!!.. لإقصاءِ من أوصل البلاد إلى ما نحن عليه اليوم، وكل ذلـك دون وضع الأهداف الواضحة والمُمكِنة أمام الرأي العام، حتى تحديد المطلوب في مضمـار النظام الجديـد الذي ينادى لـه، ضمن الرؤيـة المقنِعة وكيفيّة ولـوج ذاك النظـام المنشود!!!…، إن أمكن!!!…، وبعدها ترتقي الثورة المتحرّكة لبناءِ الأُسس الوطنيّة، ومنع استمرار استشراء الفساد في المؤسساتِ، بمنطلقاتٍ جديرةٍ بالإهتمام، ومندرجةٍ بالموافقة والقبول من الرأي العام، كي تنشـد وترسي التغيير المطلوب في معترك بناء لبنان الحلم المقصود، والهدف المنشود!!!.. فما كان من الحِراك ومواكبته الإعلامية الفائضة في التغطية..!!، إلا إبراز الأخطاء المرتكبة من قبل ذوي الشأن في عمليّة مواكبة التحركات كراً وفراً، وتداعياتها المكلفة!..، دون رؤية الإنحراف الكبير للحِراكِ في الأداءِ والنهجِ والأسلوبِ، وكلّ مجريات التحركات المحقة!!.. حتى أتى العقاب للحِراكِ من داخلهِ عبر عدم مجاراة ومواكبة ” التحرك لأجلِ التحرك فقط “..!!، ودون جدوى في استغلالِ وكسبِ الإنجازات بشكلٍ لولبي، لتحقيق المبتغى المراد من هذه الصرخة الهادفة.. حتى تفـاقمت كل تلك النقاط الغير مجدية، والتي جعلت الإنفصال التدريجي بين قوى 29/08/2015 يزداد بشكلٍ بارزٍ وكبيرٍ، لتأخذ الحركة المدنيّة شكلاً جديداً، لا يمكن له أن يثمر في وطن التسويات والتوافق والإرضاء وما شابه!!… إنَّ الحراك المعوّل عليه الكثير الكثير من قِبل النمط الإنساني والشعبي الحقيقي، الذي يعاني الألم الإجتماعيّ الممزوج بالمعاناة المتزايدة، ضمن الحقوق المهدورة للشعبِ بمجملهِ، لا يمكن لهُ الإستمرار وتجسيد النجاح إلاّ بخطى الشعب الجامعة والمستقطبة لكلِّ قوى المجتمع المدني وغير المدني!!.. من هنا، بدأ السؤال للرأي العام اللبناني بكلِّ تلاوينه: إلى أين هذا الحراك!!؟ وما هي أهدافه الحقيقيّة!!؟… ومن ورائه في زواريب الإخفاق!!؟… وماذا يريد عندما يرفض الحلول على مستوى خطّة الوزير الأستاذ أكرم شهيّب لمعالجة النفايات!!!؟؟؟… وإلى متى دون إدراك وحماية وتحقيق بعض النتائج التي بدأت تتبلور!!؟… ولِماذا التعميم لمفهومِ الفساد والإفساد!!!؟؟؟… الخ…

الحراك المدني11

 لذا، إزداد التساؤل لدى الرأي العام الذي يدرك أهميّة بعض الإنجازات والنجاحات على المستوى المؤسساتي بالقول: هل يعقل أن يتساوى الوزير الخلاّق والمنتج وائل أبو فاعور بغيره!!؟؟… تحت عنوان ” كِلُّن يعني كِلُّن” وهو صاحب الثورة الغذائية التي أنتجت الكثير الكثير في معترك الحياة ولم تزل..، وأسفرت عن منطلقاتٍ جديدةٍ ومفاهيمٍ غذائيةٍ وصحيّةٍ ووزاريةٍ رائدةٍ ومتجددةٍ، وحاكت هذه الثورة المؤسساتيّة الدواء والغذاء والصحّة والسلامة العامة بالإنصافِ في الأسعارِ وفي شتّى الحقول الإنسانيّة، وأنتجت أيضاً الحماية الصحيّة للعقولِ الفنيّة المبدعة بالإلتزام وقوننة الحقوق لهم، في منحى الطبابة، ونسجت مسالك مشتركة بالتعاون والتضامن بين الوزارات في معظم الميادين المشتركة، وأدخلت المؤسسات في خضمّ ومعترك الإصلاح الحقيقي ضمن القوانين المرعيّة الإجراء، رغم كلّ الآفاق المسدودة على مستوى الرئاسة والبرلمان وغيرهم!!…

لذا، انطلق واستمرَّ الحِراك لينسفَ عن قصدٍ أو غير قصدٍ بعض الأسس المحقة والمجدية في المؤسسات، من خلال إعتماد مناهج التضليل والتعميم والتعتيم، دون وجه حق، أو عبر خطّةٍ مبرمجةٍ وراء الكواليس، لا يتحمّلها كل الحِراك، ولكن أسفرت عن قاعدةٍ مرفوضةٍ في سلوك الحِراك وهي: ” عنزه ولو طارت “!!!… وكأنّه المطلوب عرقلة الملفات دون تذليل العقبات، تحت عناوين واهية، لا جدوى منها في اجتراح الحلول…

وسط بيروت2

بناءً لِمَ تقدّم، أُناشد كل العقول المدنيّة الرائدة، إعادة النظر في تحرّكاتها، ومحاكـاة الوطن بالمسؤولية، وتلقّف كل الخطط والفرص والقرارات الناجعة، كي تنتج صرخة الحِراك المدني، ما هو ممكن لإعلاءِ الوطن نحو بناء البنى الحياتيّة والإنسانيّة والقانونيّة والمعيشيّة، في مسـار هذا التشرذم العربي المدمّر والخطير الذي أرسى الأساطيل في محيطنا العربي..، والخطورة الأكبر هي في مفهوم إعتماد الشارع بمنحى ” الحِراك لأجل الحِراك فقط “، دون جدوى إدراك حقيقة لبنان وتنوّعه وتركيبته، التي لا يمكن أن تتحمّل الإنحرافات الكبيرة في هذا الزمن العصيب، ضمن المطالب الحسّاسة والمهمّة والموجبة، والتي يمكن لها أن تأخذ الوطن بأسره للفتنةِ التي تحاك في أروقةِ أعداء الوطن بشتّى أشكالهم!!!..، إنْ لم نتدارك الأخطاء المتنقّلة في الشوارع والساحات، وبناء القواعد الواضحة التي تأخذنا الى برِ الأمان، وتجعلنا ننصهر جميعاً في بوطقةِ تحقيق المطلوب والمرتجى من قبل الشعب بمعظمه…

ختاماً.. إنًّ ما شاهدناه في المظاهرة المركزية الأخيرة، لا ينَم وينتمي للعقل الوطني والمدني بصلةٍ.. ولا يأخذ منحى المسؤولية من قبل القيّمين على الحِراك المدني، بل هو حِراكٍ مرفوضٍ ومرفوض وهمجي بكلِّ إخفاقاته، ومقاييسه التي تمظهرت بالتحدّي والإعتداء على القوى الأمنيّة!!..، لأنَّه لا يستدرج الإقتراب من الإصلاح والتصويب والإنتصار بشيء..، بل على العكس، يفاقم الخلل الوطنيّ على كافة المستويات الحياتيّة والأمنيّة والإستثماريّة وغيرها، بمزيدٍ من الإندثار والإنحدار… فهل هناك من يتّعظ لتدارك الأسوأ!؟…

اقرأ أيضاً بقلم هيثم عربيد 

نكتبها بالنّور كما تكتِبُنا!؟

 المرأة الإنسان!..

ثقافة السلام الحواريّ.. لا الإستسلام الفئويّ!

الزمان والمكان عانقـا الحقيقة برداء الكمال الإنساني!

متحف ومكتبة الموسيقى العربيّة، حلم الإرادة التصميم المنتصر!

أيّها الشريف! أنت الوعد الأخلاقي للنضال الإنسانيِّ!

الرفيق طارق يأبى الرحيل، وهو باق بأسرة العمر الجميل!

التهديد للوليد لم ينه حلمَهُ البتّه، بوطن السّلام والحياة

 المربي سليم ربح على عرشِ التَّربيةِ والمحبَّةِ والخلود

صرخاتُ الألمِ!!.. بدايةٌ لإدراكِ عالم معلمي الشهيد!!!…

الإنتخابات البلديَّة هي المنطلق لكسرِ حلقة الفساد والإفساد

كيف نعملُ يا كمال؟!.

نسمات محبتك الدائمة.. لم ترحل يا أمّي!.

كمال جنبلاط لم يرحل!

وداعاً نبيل السوقي .. والفكر التقدّميّ سيتوّج حلمكَ بالإنتصار!!!…

الرئاسة بلغة الممانعة وديمقراطية الإقصاء…

معلمي.. ثورة للإنسان والإنسانية.. والحقيقة والحريه…

سمير القنطار… شهيد الوطن المقاوم…

كمال الولادة والشهادة، رسالة فجرٍ دائمة، للحريّة والسعادة!!!…

فؤاد ذبيان.. أرزةُ عشق تربويّةٍ