الحكومة اللبنانية: إتفاق وإختلاف تحت سقفٍ واحد

د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

يقول وزير التربية إلياس أبو صعب: “إذا لم يراع الأطراف الآخرون في الحكومة كوننا شركاء في تجسيد صلاحية رئيس الجمهورية – المُناطة حالياً بمجلس الوزراء مُجتمعاً – فلن نكون شركاء معهم في الحكومة الواحدة”، ويعتبر أن هناك إتفاقاً حصل على إعتماد الإجماع في كل ما يتعلق بالقرارات التي تصدر عن الحكومة.

النائب السابق والخبير الدستوري د. صلاح حنين يقول إن “صلاحية رئيس الجمهورية واضحة في الدستور، وهي لا تنص على بنود تعطيلية، لا سيما في مسألة نشر المراسيم والقرارات الصادرة عن الحكومة، وفي وضع جدول أعمال مجلس الوزراء. ففي الحالة الاولى: إذا إنقضى 15 يوماً ولم يوقِّع الرئيس، أو يرد المرسوم، يُنشر المرسوم فوراً في الجريدة الرسمية ويصبح نافذاً من دون توقيعه. وفي موضوع جدول الأعمال؛ النص الدستوري يتحدث عن تشاور رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية، والتشاور في اللغة الدستورية ليست عبارة قاطعة، أو لاغية، أو يمكن أن تتطلَّب إجماعاً في مجلس الوزراء لتمارس الحكومة هذا التشاور نيابةً عن الرئيس، بل يمكن الاكتفاء بموافقة النصف زائد واحد من الوزراء”.

أمَّا الوزير الإشتراكي وائل أبو فاعور فيرى أن “الاختلاف على بعض المقاربات التي تتعلق بالتفسيرات الدستورية، والتي تتناول أولويات جدول الاعمال، واضحة، وهناك تبايُن ليس خافياً على أحد، ولكن الجميع محكومون بالاتفاق من ضمن مسيرة الاختلاف السياسي الكبير بين مكونات الحكومة، لكي لا يضيع البلد بين أيدينا، ونحن نتبارى ونتشاطر حول العبارات والألفاظ، أو حول ما هو المهم، وما هو الأكثر أهمية، فمصالح الناس لا تنتظر إلى حين الإنتهاء من الخلافات، لأن الاستحقاقات المعيشية والإقتصادية الداهمة همٌّ مُشترك، يُفترض أن يتنبَّه له الجميع”. وأشار أبو فاعور إلى أن اللقاء الديمقراطي إعترض على صيغة الإجماع التي طُرِحت لممارسة صلاحية الرئيس، ولو كان اللقاء يُشجع على التوافق.

رئيس مجلس النواب نبيه بري وعد رئيس الحكومة تمام سلام أن يكون إلى جانبه في إعادة الحياة إلى مجلس الوزراء، ووزراء بري لن يقاطعوا، أو ينسحبوا من الجلسات في حال أقدم وزراء التيار الوطني الحر على هذه الخطوة، وبري يأمل أن توافق الحكومة على فتح دورة تشريعية إستثنائية، تسمح بإقرار الملفات المُلحة على جدول أعمال المجلس النيابي، ومنها خصوصاً تصديق الاتفاقيات الخارجية التي تسمح باستخدام مبالغ طائلة من البنك الدولي والهيئات العربية المانحة، تتجاوز قيمتها 1200 مليون دولار، منها هبات، ومنها قروض مُيسَّرة لإقامة مشاريع حيوية، ولكن القرار لم يؤخذ من قبل الحكومة، حتى على قاعدة النصف + واحد. وحده قرار دعم الصادرات عن طريق البحر مرَّ بموافقة الأكثرية، رُغم إعتراض وزراء تكتُل التغيير والإصلاح عليه.

من نافل القول أن الأطراف المختلفة لا ترغب في فرط العقد الحكومي، ولدى هذه الاطراف قناعة بأن فرط العقد الحكومي، قد يكون الرصاصة الاخيرة التي تُهدد حياة الوطن، لذلك فإن سقف الحكومة السلامية القائمة مُلزم بأن يتحمل الإختلاف والإنفاق تحت جناحيه، وفي حظيرةٍ واحدة، ولا يوجد خيار آخر أمام الافرقاء اللبنانيين وسط هذا الجو المُخِيف الذي يحيط بلبنان من كلِ حدبٍ وصوب.

واضحٌ أن هناك أطراف سياسية تحاول إستغلال المناخ المشدود لتحسين مستوى مشاركتها في مؤسسات الدولة، لا سيما في المواقع الرئاسية والعسكرية، وهناك أطراف أُخرى تشتري الوقت والانتظار بأيِ ثمن، لأنها لا ترغب في إرساء معادلات جديدة في لبنان قبل أن تتوضَّح معالم الهيجان السياسي والأمني في المنطقة، وهناك أفرقاء عديدين، بين هؤلاء وأُولئك، خائفون على البلاد من الرياح الحمراء العاتية، لأن تجاوز الاشتباك السياسي، أو الأمني في لبنان للحدود المعقولة، يُهدد الكيان برُمته، كما قد يقضي على الشراكة الوطنية من أساسها.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

التوازن السياسي في لبنان

قراءة مختلفة لأحداث الأسبوع اللبناني الطويل

انفلات التخاطب السياسي في لبنان: أسبابه ونتائجه

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة؟

الرأي العام اللبناني لا يريد التصعيد السياسي

هل انقلبت صفحة التفاؤل.. أم أن التعقيدات غيمة خريف وستنجلي؟

استحقاقات لبنانية داهمة

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

عن خطورة وخلفيات ما حصل في المطار

لقاء بكركي الذي حرّك السواكن الحكومية

ماذا تقول أوساط معارضة عن الأحجام السياسية؟

مصالح لبنان في سورية ومصالح سورية في لبنان

مواقف في خطاب عيد الجيش

ما مبررات مواقف «الاشتراكي» و«القوات» من تشكيل الحكومة؟

عن الانعكاسات الخطيرة لتوقف القروض السكنية

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية

عوامل التفاؤل والتشاؤم

مرحلة ما بعد الانتخابات والأحلاف السياسية

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

لبنان: الحسابات السياسية تختلف عن الحسابات المالية