أي حلّ سياسي يفرضه حلّ عسكري؟
رفيق خوري (الانوار)
30 أبريل 2015
الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يوسّع مروحة المشاورات بمقدار ما تضيق الخيارات أمامه. فالفشل على مدى شهور في تحقيق فكرة جزئية هي تجميد القتال في حلب دفعه الى تكبير الهدف: البحث في إمكان التوصل الى تسوية تنهي حرب سوريا. والقراءة في المقاربات الماضية، بعد جولاته في دمشق والعواصم المعنية، قادته الى البقاء في جنيف والدعوة الى محادثات منفصلة مع كل الأطراف المؤثرة داخلياً وخارجياً.
وليس لدى دي ميستورا سوى واحد من خيارين: إما الايحاء أن هناك حركة تحت عنوان الحل السياسي، ولو لتعبئة الوقت خلال أيار وحزيران. وإما الاستقالة من المهمة المستحيلة، كما فعل كوفي أنان والأخضر الابراهيمي. وهو اختار الايحاء بالحركة لعلّ وعسى. لكن العقبات أمامه أكبر من العقبات التي اصطدم بها أنان والابراهيمي، فلا المشهد في سوريا اليوم هو ما كان عليه وقت نجاح أنان في إقناع الكبار بالتوافق على خارطة طريق وإطار لحل سياسي عبر بيان جنيف في ٣٠ حزيران ٢٠١٢، ثم عندما خذله مجلس الأمن المنقسم ليقول: رأيت الذين أرسلوني يتقاتلون. ولا هو بقي حتى كما كان عليه أيام جنيف – ٢، والفشل المدوي للمؤتمر بعد الافتتاح المسرحي له.
ذلك ان الخلاف على تفسير هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عنها بالاتفاق في بيان جنيف كان اسماً مستعاراً لنوعية الرهانات لدى النظام والمعارضة وحلفاء كل منهما. فالرهانات لدى الجميع، منذ قمع التظاهر السلمي ودفع الأمور نحو العسكرة، كانت على الخيار العسكري. ولم يكن الحديث عن حلّ سياسي سوى رهان على الحلّ السياسي الذي يفرضه الحلّ العسكري. وكل ذلك قبل عامل داعش واعلان دولة الخلافة والتوجه نحو امارة النصرة، وسط أوسع تدخّل اقليمي ودولي بالمال والسلاح والرجال، وظهور آلاف الفصائل التي تحمل أسماء دينية وتقاتل فصائل لها طابع مذهبي تحارب الى جانب النظام.
والمسألة الآن تتجاوز ما سيسمعه دي ميستورا من كل الذين يشاورهم، وما يمكن أن يضعه على الورق كمشروع حلّ. ولا أحد يعرف كيف يكون الوضع العسكري المتحرّك الذي شهد خلال السنوات الماضية ويشهد حالياً متغيرات. لكن السؤال هو: كيف يمكن تطبيق أي حل سياسي واستلام السلطة، على افتراض الاتفاق بين النظام والمعارضة، ما دام الوضع على الأرض تحت سيطرة تنظيمات ارهابية تكفيرية ترفض حتى الديمقراطية؟ كيف يمكن النجاح في محاربة الارهاب، باعتبارها أولوية، من دون حلّ سياسي؟ وهل بقيت التسوية ممكنة بين السوريين وحدهم بعدما لم تعد الحرب بين السوريين وحدهم؟
المأساة ان يصبح وطن وشعب ثمن حرب سوريا.