عن الصحافة اللبنانية ونقابتها

د.ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

نقاشٌ واسع يدور في الأوساط السياسية اللبنانية، وبين نُخب المُثقفين، حول دور الصحافة اللبنانية ومكانتها، ذلك أن مجموعة من المُستجدات التي تدور حول مصاعب المهنة، حملت بعض المقاربات التي لم تَعتَد عليها السلطة الرابعة في بلدٍ تميَّز برقي صحافته، وبوجود مُبدعين وكتاب أغنوا المكتبة العربية، ومنهم مَن إستشهد بسبب آرائه المُتقدِّمة، ومن أجل القلم الحُر- الموضوعي والمُتجرِّد.

الأوساط السياسية والدبلوماسية تتذاكر في الصالونات المُغلقة ما يتداوله الناس في العلن، وتتحدث هذه الأوساط عن تراجع كبير أصاب جزء يسير من الصحافة اللبنانية، وتحولت المنابر ذاتها التي وقف عليها الكبار أمثال الشهيد نسيب المتني والمغفور لهم غسان تويني ورياض طه وسليم اللوزي، إلى منابر يستخدمها البعض من جيل جديد من الصحافيين يغلُبُ على كتاباتهم  الولاءات السياسية العمياء، على حساب الابداع والموضوعية والتجرُّد.

وتُؤكد العديد من التجارب الشخصية لصحافيين مرموقين، على إضطرار بعض هؤلاء للهجرة إلى الخارج، أو للكتابة في الصحافة الدولية أو الخليجية الصاعدة، هرباً من “الانحساب” السياسي الذي أصبح قيداً كبَّل محابر أقلامهم في بلاد الحريات.

ومع إقتراب موعد عيد شهداء الصحافة اللبنانية مطلع الشهر القادم، تستذكر شخصيات سياسية وأكاديمية الرُقي التاريخي الذي كانت تتمتع به مهنة “المتاعب”، وما كان لدور الإعلام في لبنان من تأثير على الرأي العام العربي. ومن هذا الاستذكار، مقارنات بين مكانة ودور الصحافة اللبنانية اليوم، وما كان عليه الوضع في السابق – حتى أيام الحرب الأهلية المشؤومة التي عاشتها البلاد في الربع الأخير من القرن الماضي.

وبعض هذه الاستذكارات تتوقف عند حملة التهديد والشتائم التي اطلقتها بعض الصحافة اللبنانية، ضد دول عربية شقيقة يعيش فيها عشرات الاف من اشقائهم -وللبنانيين فيها مصالح كبيرة – وهذه الدول وقفت إلى جانب لبنان على الدوام، وأنقذته عدة مرات من خطر السقوط المالي والاقتصادي، لا سيما المملكة العربية السعودية، وليس للبنان اي مصلحة، لا سياسية ولا إقتصادية ولا أمنية من وراء هذه الحملات الاعلامية التي تجاوزت كل الحدود. بينما يُفترض أن تكون مهمة الصحافة: المُساعدة في الحفاظ على مصالح اللبنانيين، وعلى سمعة ومكانة لبنان في الخارج.

ومن هذه الزاوية تدخُل الاوساط السياسية والدبلوماسية المراقبة الى مسألة تراجع دور نقابة الصحافة في لبنان. تلك النقابة التي كانت مُهابة الجانب من القريب والبعيد، وتتمتَّع بمكانة مرموقة بين اقرانها من نقابات المهن الحرَّة، تخلَّت عن جزء كبير من دورها، ولم يصدر عنها كلمة واحدة تلفتُ فيها إلى ضرورة إحترام المعايير الموضوعية من قبل بعض الصحافيين، حفاظاً على مصالح لبنان، و على سمعةِ صحافته.

وأكثر من ذلك، فللأوساط السياسية ذاتها، ملاحظات واسعة على أداء النقابة، بعد الإنتخابات التي جرت في 12 كانون الثاني/ يناير الماضي. ومن هذه الملاحظات ان النقيب الجديد الذي تحكَّمت بوصوله إعتبارات بيروتية، خلق جدالاً واسعاً كونه كان من اكثر المَحضوضين أيام الوصاية السورية، وتحولِه إلى الموقع المُقابل كان سريعاً، ولم يقتنع به الكثيرين من كبار الصحافيين، من دون أن نتحدث عن الكفاءة المهنية.

أبرز الملاحظات على النقيب الجديد – ودائماً وفقاً للأوساط ذاتها– أنه حوَّل النقابة أكثر من مرَّة إلى منبر لتناوُّل القضاء والدفاع عن مُرتكبين، أو لطرح قضايا شخصية هامشية، وليس لها علاقة بحرية الصحافة، أو بحق التعبير عن الرأي، كما أن نوعية رواد صالونات النقابة اليوم تراجعت، ولم تعُد تُشبِه روادها السابقين.

اقرأ أيضاً بقلم د.ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

الشراكة السياسية المهددة

عن لبنان النظيف

زيارة الحريري الى واشنطن.. ما لها وما عليها

جنبلاط في الفاتيكان: المرحلة ليست عادية

مواد مُتفلِّتة في الدستور اللبناني تُربك عمل المؤسسات

قرار رئاسي دستوري، ولكنه مُخيف

بعض ما لم يُقل عن لقاء المختارة

النسبية وبرنامج الحركة الوطنية

عون وجنبلاط والتفهُّم والتفاهُم

اولى قرارات الحكومة لا تشبه البيان الوزراي

حزب الله والواقعية السياسية

لبنان والرياح التأسيسية واللقآت النادرة

مُشكلة السجون اللبنانية وابعادها الامنية والسياسية

لبنان أمام مرحلة من الاختناق السياسي والإقتصادي

محاكمة سماحة: خبرٌ عادي لإعترافات غير عادية

نيسان 1975 ونيسان 2015!

حول المؤتمر الـ 13 لحركة أمل

تسريبات غير صحيحة حول الملف الرئاسي

لبنان لا يتحمَّل تجاذبات حول الملفات العسكرية

عن فاتورة دواء مُعالجة مرض الفراغ الرئاسي