ما هو النص الحرفي لإتفاقية “سايكس – بيكو” ومعاهدة “سان ريمو”؟

كثرت في الأونة الأخيرة الأحاديث والأقاويل والتحليلات عن خطر التقسيم والتفتيت الذي يتهدد المنطقة العربية في ظل التطورات والأحداث العسكرية الحاصلة في العراق وسوريا وما تبعها من حالات نزوح وتهجير لمكونات  اجتماعية أساسية ضمن نسيج التركيبة السكانية في الوطن العربي.وهذا المخاض دفع الكثيرين من القيادات السياسية في لبنان وخارجه إلى استحضار اتفاقية “سايكس-  بيكو” وما تبعها في معاهدة “سان ريمو” بحيث أنه بناء على كل من هذه الإتفاقية وتلك المعاهدة جريى تحديد وترسيم الحدود الجغرافية لدول المشرق العربي التي بدأت تتزعزع حدود كياناتها على وقع الضربات التي يوجهها الإرهاب التكفيري إلى تلك الحدود خلف شعار الخلافة الإسلامية المزعومة التي لا تمت بصلة إلى الشريعة الإسلامية ولا إلى قيم وأخلاق الدين الإسلامي بما يمثل من انفتاح واعتدال ورحمة ومحبة.
وفي ظل هذا  التهديد الذي يداهم الحدود الجغرافية لحدود الدول العربية الواقعة ضمن بنود كل من اتفاقية ساكس – بيكو ومعاهدة سان ريمون، نورد فيما يلي النص الحرفي لاتفاقية “سايكس – بيكو” ومعاهدة” سان ريمون” لإطلاع الجيل الصاعد تفصيليا على المواد والبنود التي تضمنتها كل منهما، والتي أتت ضمن سياق موازين القوى الدولية والإقليمية التي كانت تتحكم في بدايات القرن الماضي بلعبة الأمم التي تحدد وتقرر مصير الشعوب.

–  اتفاقية سايكس – بيكو الجزء الخاص بانجلترا وفرنسا ابريل – مايو سنة 1916م

المادة الأولى:

إن فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتان أن تعترفا وتحميا أي دولة عربية مستقلة، أو حلف دول عربية تحت رئاسة رئيس عربي في المنطقتين: “أ” “داخلية سوريا”، “ب” “داخلية العراق”، المبينتين بالخريطة الملحقة، ويكون لفرنسا في منطقة “أ” ولانجلترا في منطقة “ب” حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية، وتنفرد فرنسا في منطقة “أ” وانجلترا في منطقة “ب” بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناء على طلب الحكومة العربية أو حلف الحكومات العربية.

المادة الثانية:

يباح لفرنسا في المنطقة الزرقاء “شقة سوريا الساحلية”، ولانجلترا في المنطقة الحمراء “شقة العراق الساحلية، من بغداد حتى خليج فارس”، إنشاء ما ترغبان فيه من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة، أو من المراقبة، بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية.

المادة الثالثة:

تنشأ إدارة دولية في المنطقة السمراء “فلسطين”، يعين شكلها بعد استشارة روسيا، بالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة.

المادة الرابعة:

تنال انجلترا ما يأتي:

1- ميناء حيفا وعكا.

2- يضمن مقدار محدود من ماء دجلة والفرات في المنطقة “أ” للمنطقة “ب”، وتتعهد حكومة جلالة الملك من جهتها بأن لا تدخل في مفاوضات ما مع دولة أخرى للتنازل عن قبرص، إلا بعد موافقة الحكومة الفرنسية مقدماً.

المادة الخامسة:

تكون اسكندرونة ميناءً حراً لتجارة الإمبراطورية البريطانية، ولا تنشأ معاملات مختلفة في رسوم الميناء، ولا ترفض تسهيلات خاصة للملاحة والبضائع البريطانية، وتباح حرية النقل للبضائع الانجليزية عن طريق اسكندرونة وسكة الحديد في المنطقة الزرقاء، سواء كانت واردة إلى المنطقة الحمراء أو المنطقتين “أ” و “ب” أو صادرة منها،  ولا تنشأ معاملات مختلفة – مباشرة أو غير مباشرة – على أي سكة من سكك الحديد أو في أي ميناء من موانئ المناطق المذكورة تمس البضائع والبواخر البريطانية.

وتكون حيفا ميناء حراً لتجارة فرنسا ومستعمراتها والبلاد الواقعة تحت حمايتها، ولا يقع اختلاف في المعاملات، ولا يرفض إعطاء تسهيلات للملاحة والبضائع الفرنسية، ويكون نقل البضائع الفرنسية حراً بطريق حيفا وعلى سكة الحديد الإنجليزية في المنطقة السمراء، سواء كانت البضائع صادرة من المنطقة الزرقاء أو الحمراء أو المنطقة “أ” أو المنطقة “ب” أو واردة إليها، ولا يجري أدنى اختلاف في المعاملة بالذات أو بالتبع يمس البواخر الفرنسية في أي سكة من السكك الحديد، ولا في ميناء من الموانئ في المناطق المذكورة.

المادة السادسة:

لا تمد سكة حديد بغداد في المنطقة “أ” إلى ما بعد الموصل جنوباً ولا في المنطقة “ب” إلى ما بعد سامراء شمالا إلي أن يتم إنشاء خط حديدي يصل بغداد بحلب ماراً بوادي الفرات، ويكون ذلك بمساعدة الحكومتين.

المادة السابعة:

يحق لبريطانيا العظمى أن تنشئ، وتدير، وتكون المالكة الوحيدة لخط حديدي يصل حيفا بالمنطقة “ب”، ويكون لها ما عدا ذلك حق دائم بنقل الجنود في أي وقت كان، على طول هذا الخط، ويجب أن يكون معلوماً لدى الحكومتين، أن هذا الخط يجب أن يسهل اتصال حيفا ببغداد، وأنه إذا حالت دون إنشاء خط الاتصال في المنطقة السمراء مصاعب فنية ونفقات وافرة لإدارته تجعل إنشاءه متعذراً، فالحكومة الفرنسية تكون مستعدة أن تسمح بمروره في طريق بربوره – أم قيس – ملقى – ايدار – غسطا – مغاير، قبل أن يصل إلى المنطقة “ب”.

المادة الثامنة:

تبقى تعرفة الجمارك التركية نافذة عشرين سنة في جميع جهات المنطقتين الزرقاء والحمراء والمنطقتين “أ”، “ب”، فلا تضاف أي علاوة على الرسوم، ولا تبدل قاعدة التثمين في الرسوم بقاعدة أخذ العين، إلا أن يكون باتفاق بين الحكومتين، ولا تنشأ جمارك داخلية بين أية منطقة وأخرى من المناطق المذكورة أعلاه، وما يفرض من رسوم الجمرك على البضائع المرسلة إلى الداخل، يدفع في الميناء ويعطى لإدارة المنطقة المرسلة إليها البضائع.

المادة التاسعة:

من المتفق عليه أن الحكومة الفرنسية لا تجرى مفاوضة في أي وقت كان للتنازل عن حقوقها، ولا تعطى مالها من الحقوق في المنطقة الزرقاء لدولة أخرى، إلا للدولة أو حلف الدول العربية بدون أن توافق على ذلك سلفاً حكومة جلالة الملك، التي تتعهد للحكومة الفرنسية بمثل هذا فيما يتعلق بالمنطقة الحمراء.

المادة العاشرة:

تتفق الحكومتان الإنجليزية والفرنسية بصفتهما حاميتين للدولة العربية، على أن لا تمتلكان ولا تسمحان لدولة ثالثة أن تمتلك أقطاراً في شبه جزيرة العرب، أو تنشئ قاعدة بحرية في الجزائر على ساحل البحر الأبيض الشرقي، على أن هذا لا يمنع تصحيحاً في حدود عدن، قد يصبح ضرورياً لسبب عداء الترك الأخير.

المادة الحادية عشرة:

تستمر المفاوضات مع العرب باسم الحكومتين بالطرق السابقة نفسها؛ لتعيين حدود الدولة أو حلف الدول العربية.

المادة الثانية عشرة:

من المتفق عليه- عدا ما ذكر- أن تنظر الحكومتان في الوسائل اللازمة لمراقبة جلب السلاح إلى البلاد العربية.

– معاهدة سان ريمو

في عام 1920 تم توقيع معاهدة سان ريمو، التي حددت مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية في المشرق العربي.

نتيجة لموقف إنكلترا وفرنسا من مقررات المؤتمر السوري العام المنعقد في 1920م، فقد انعقد المجلس الأعلى للحلفاء، الذي يعتبر امتداداً لمؤتمر لندن المنعقد في (فبراير) 1920 في مدينة سان ريمو الإيطالية، في المدة ما بين التاسع عشر والخامس والعشرين من نيسان (أبريل) 1920؛ للبحث في شروط الحلفاء للصلح مع تركيا طبقاً لمعاهدة سيفر، والمصادقة عليها بعد إعلان سورية استقلالها ومناداتها بالأمير فيصل ملكاً عليها في المؤتمر السوري العام في الثامن من آذار (مارس) 1920.

وقد بحث المؤتمر:
معاهدة سيفر التي رسمت مستقبل المنطقة العربية التي تضم العراق وسورية بما فيها لبنان والأردن وفلسطين، والتقسيمات والانتدابات حسب مصالح دول الحلفاء، بحيث تقسم سورية الكبرى إلى أربعة أقسام: سورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين.
وتكون سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، وفلسطين والأردن تحت الانتداب البريطاني، بالإضافة إلى العراق.
وقد تسبب وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، في اندلاع صدامات واسعة بين اليهود والعرب في مدينة القدس.

فكان ملخص نتائج المعاهدة ما يلي
1-وضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
2-وضع العراق تحت الانتداب الإنكليزي.
3-وضع فلسطين وشرقي الأردن تحت الانتداب الإنكليزي، مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور.

اجتمع المؤتمر السوري في (16 جمادى الآخرة 1338هـ= 8 مارس 1920م)، واتخذ عدة قرارات تاريخية، تنص على إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً بما فيها فلسطين، ورفض ادعاء الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومة مسؤولة أمام المؤتمر الذي هو مجلس نيابي، وكان يضم ممثلين انتخبهم الشعب في سوريا ولبنان وفلسطين، وتنصيب الأمير فيصل ملكًا على البلاد. واستقبلت الجماهير المحتشدة في ساحة الشهداء هذه القرارات بكل حماس بالغ وفرحة طاغية باعتبارها محققة لآمالهم ونضالهم من أجل التحرر والاستقلال.

وتشكلت الحكومة برئاسة رضا باشا الركابي، وضمت سبعة من الوزراء، من بينهم فارس الخوري وساطع الحصري، ولم يعد فيصل في هذا العهد الجديد المسؤول الأول عن السياسة، بل أصبح ذلك منوطًا بوزارة مسؤولة أمام المؤتمر السوري، وتشكلت لجنة لوضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، فوضعت مشروع دستور من 148 مادة على غرار الدساتير العربية، وبدأت الأمور تجري في اتجاه يدعو إلى التفاؤل ويزيد من الثقة؛ غير أن هذه الخطوة الإصلاحية في تاريخ البلاد لم تجد قبولا واستحسانًا من الحلفاء، ورفضت الحكومتان: البريطانية والفرنسية قرارات المؤتمر في دمشق، واعتبرت فيصل أميرًا هاشميًا لا يزال يدير البلاد بصفته قائدًا للجيوش الحليفة، لا ملكًا على دولة. ودعته إلى السفر إلى أوروبا لعرض قضية بلاده؛ لأن تقرير مصير الأجزاء العربية لا يزال بيد مؤتمر السلم.

وجاءت قرارات مؤتمر السلم المنعقد في “سان ريمو” الإيطالية في (6 شعبان 1338هـ= 25 إبريل 1920م) مخيبة لآمال العرب؛ فقد قرر الحلفاء استقلال سوريا تحت الانتداب الفرنسي، واستقلال العراق تحت الانتداب البريطاني، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وكان ذلك سعيًا لتحقيق وعد بلفور لليهود فيها. ولم يكن قرار الانتداب في سان ريمو إلا تطبيقًا لإتفاقية سايكس ـ بيكو المشهورة، وإصرارا قويا من فرنسا على احتلال سوريا.

وكان قرار المؤتمر ضربة شديدة لآمال الشعب في استقلال سوريا ووحدتها، فقامت المظاهرات والاحتجاجات، واشتعلت النفوس بالثورة، وأجمع الناس على رفض ما جاء بالمؤتمر من قرارات، وكثرت الاجتماعات بين زعماء الأمة والملك فيصل، وأبلغوه تصميم الشعب على مقاومة كل اعتداء على حدود البلاد واستقلالها.