بالإضافة للأرض… هل يوجد كواكب أخرى مأهولة؟

لعلماء الفلك لغة .. هي لغة الكون .. ولعلماء الفلك قبلة هي ما وراء النجوم .. ولهم حلمان .. كنزان .. يسعون دوما نحوه ، الكائنات الفضائية والكوكب الصالحة للحياة.

أنسب ظروف كي تظهر الحياة على كوكب لا يحددها ظروف الكوكب فقط وإنما النجوم من حوله، وجود الكوكب في محيط نجم مثل الشمس تبشر بإمكانية وجود حياة وخاصة إن كان هذا الكوكب في حجم الأرض .. ولكن ينبغي أن يكون هذا الكوكب في مرحلة “القزم الأبيض”

الشمس هي نجم متوسط العمر .. تبدأ حياة النجوم من سحابة كبيرة من الغازات والغبار ثم تنكمش، و يؤدي هذا إلى رفع درجة الحرارة و الضغط، مما يسمح باندماج الذرات في النجم، ثم يصبح نجماً حقيقياً يشع طاقته الناتجة عن تفاعلات نووية تماما كالشمس .

ثم يبدأ وقود النجم الهيدروجيني في النفاذ وقرب انتهائه، تتمدد الغازات في مركزه ويتحول إلى نجم عملاق أحمر ويتمدد النجم في تلك المرحلة إلى حجم يفتك بالكواكب الداخلية التي تدور في فلكه. ثم يفقد النجم غلافه الخارجي، فينكمش اللب و يصبح قزماً أبيض.

إن كنت تعتقد أن الشمس التي ندور في فلكها استثناء فحظا سعيداً المرة القادمة .. هذا هو مستقبل الشمس كغيرها من النجوم ولكن أمامها حوالى 4.5 بليون سنة من الآن حتى تتحول إلى ذلك العملاق الأحمر، مدمرة بذلك كوكبيّ عطارد والزهرة وربما أيضاً الأرض.

ولكن هذا لا يعنى بالضرورة فناء النظام بأكمله ،ربما تهاجر الكواكب الخارجية إلى الأمام لتقترب من النجم وتشكل عوالم جديدة ،لن يدور الجميع فى مدارات مستقرة ولكن ربما تنشأ حياة على كوكب ما درجة حرارته وحجمه قريبة من ظروف الأرض ويقع على بعد مليون ميل عن القزم الأبيض الذي يدور في فلكه، فتلك المسافة تسمح بأن يجري الماء في صورة سائل على سطح الكوكب والذى يعتبر أمر ضرورى لوجود الحياة.

يعكف العلماء حالياً على تطوير تقنيات تسمح لهم بمسح الغلاف الجوي لكواكب غير التي تقع بالنظام الشمسي بحثاً عن الأكسجين ومؤشرات كيميائية أخرى للحياة، وهي عملية شاقة ومستهلكة للوقت نظراً لأن الأمر يتطلب تحليل للضوء الآتي من الفضاء وعملية فصل ضوء الكوكب عن ضوء النجوم .

صرح ” آفي لويب” الباحث بمركز Harvard-Smithsonian للفيزياء الفلكية أن التقنية ستعمل فقط على أنظمة نجوم القزم الأبيض – تماما مثل تليسكوب كيبلر المتعقب للكواكب التابع لناسا- والتي تقع بمحاذاة نسبية مع المرصد الفلكى حيث تمر الكواكب أثناء دورانها أمام نجومها وبينما يكون النجم في مرحلة كسوفه سيمر بعض الضوء خلال الغلاف الجوي للكوكب (إن وُجد له غلاف) تاركاً بذلك المؤشرات الكيميائية التي تكشف عن الغازات المكونة لغلافه الجوي والتي يمكن قياسها ورصدها بواسطة معدات التليسكوب المُجهز بها.

التقنية هي عبارة عن الاستعانة بالضوء المار خلال الغلاف الجوى للكشف عن نوعية الغازات المكوَّن منها وأهمها الأكسجين علامة الحياة على الأرض ، فالسبب الوحيد لوجود الأكسجين في غلافنا الجوي هو الحياة، فإذا انتهت الحياة على الأرض سينضب الأكسجين في خلال ما يقرب من مليون سنة .

مسح الكواكب الخارجية ستكشف عن وجود بخار الماء وعلامات حيوية أخرى محتملة، وعلى الرغم من أنه لا يوجد لأدلة مباشرة على وجود كواكب تدور حول الأقزام البيضاء إلا أن علماء الفلك يعتقدون في وجودها. وقد أظهرت دراسات سابقة أن ما يقدر بنحو 30% من نجوم القزم الأبيض تحتوي على عناصر ثقيلة على سطحها والتي يحتمل أن تكون نتيجة الأجسام الصخرية التي تتكسر بعد تكوّن القزم الأبيض بفترة قريبة نسبياً.

لا يوجد ما يدعو لليأس، وليس هناك سبب يجعل العثور على كوكب صالح للحياة بين الحين والآخر أمر مستحيل .. ما يقوله “لويب” لا يعنى أن وجود مثل هذه الكواكب حقيقة مسلم بها ولكن فكرة أن النظام بعد فترة يقوم بتهيئة نفسه في بليون سنة أو أكثر تصور لا بأس به ..

وفي هذا الإطار، إكتشف علماء فلك كوكباً جديداً يشبه كوكب الأرض من حيث الحجم والظروف.

وأعلن العلماء في تقرير نُشر في دورية “ساينس” العلمية اكتشاف أكثر الكواكب شبها بالأرض.

وأطلقوا على الكوكب الجديد اسم “كيبلر 186 ف”، وهو يبعد عن كوكب الأرض مسافة 490 سنة ضوئية. وتبين في أول المعلومات الواردة من هناك أنه توجد مياه على سطح ذلك الكوكب، وأن حجم الكوكب يزيد على حجم الكرة الأرضية بــ10% فقط، وهو ما يعني أن مخلوقات فضائية غريبة قد تكون على قيد الحياة هناك، لكن لا تواصل بينها وبين الأرض.

ويدور كيبلر 186f حول نجم صغير وهادئ. ويأتي مداره في آخر مدارات الكواكب الخمسة، ويكمل ذلك الكوكب الجديد دورته في 130 يوم.

ويعتقد الفريق البحثي أن هناك إمكانية لوجود مياه على الكوكب لأن مساره المداري ليس قريباً من النجم بشكل يؤدي إلى تبخر السوائل، ولا بعيداً بشكل يؤدي إلى تجمدها. وهي المنطقة التي يطلق عليها العلماء “المنطقة المأهولة”.

ويأتي اكتشاف الكوكب الجديد بعد أن أمضى العلماء عشرات السنين في البحث عن كواكب أخرى صالحة للحياة غير الأرض، والبحث عن مخلوقات وكائنات حية تعيش في الفضاء.

وجاء الاكتشاف بفضل فريق من علماء الفلك يتبعون وكالة “ناسا” الفضائية الأميركية، تقودهم إليسا كوانتانا الباحثة في معهد (SETI) التابع للوكالة الأميركية.

وكان المعهد المشار إليه والمزوّد بالتليسكوبات الأكثر تطوراً في العالم قد رصد العديد من الكواكب والنجوم في الفضاء، إلا أن هذه المرة هي الأولى التي يتم فيها اكتشاف كوكب بهذه المواصفات الصالحة للحياة، بما يعزز بصورة كبيرة فرضية وجود مخلوقات غريبة في الفضاء.

وبحسب فريق البحث فإن الكوكب (Kepler-186f) يمثل معلماً كبيراً ومهماً في مجال اكتشاف الكواكب في الفضاء.

والمنطقة التي تم فيها اكتشاف الكوكب الجديد هي ما يسميها علماء الفلك “المنطقة القابلة للحياة”، أو أحياناً يطلقون عليها اسم “المنطقة المعتدلة”، وهي مجموعة من المناطق تكون فيها درجة الحرارة معتدلة وممكنة الحياة، كما هو حال كوكب الأرض، كما أنها ذات حرارة لا تضر بالمياه، أي أنها لا تؤدي إلى غليانها ولا تجمّدها.

ويعد هذا الكوكب جزءاً من مجموعة شمسية ذات كواكب خمس، تدور حول نجم صغير في مجرة درب التبانة.

وقد رُصد الكوكب بواسطة تليسكوب كيبلر، الذي تمكن منذ إطلاقه من رصد ما يقرب من ألف جسم سماوي جديد عام 2009.

من جهته، قال ستيفان كاين، أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، إن الكوكب “هو أصغر الكواكب التي عُثر عليها حتى الآن في هذه المنطقة المأهولة”.

وأضاف كاين: “من الواضح حدوث نقلة عندما يزيد حجم نصف القطر حوالي مرة ونصف عن نصف قطر الأرض. إذ يبدأ الكوكب بتكوين مناخ مادي شبيه بمناخ الكواكب الغازية العملاقة في مجموعتنا الشمسية. لذا، فإن أي جسم لا يتعدى نصف قطره حجم نصف قطر الأرض مرة ونصف، يكون في الغالب كوكباً صخرياً من النوع الذي اعتدنا عليه”.

وأوضح كاين أنه “على الرغم من أن النجم الذي يدور حوله الكوكب يختلف تماما عن الشمس، إلا أن الكوكب نفسه، من حيث الحجم وكمية الطاقة التي يحصل عليها من النجم، هي أشبه ما تكون بكوكب الأرض، وهو ما تم رصده حتى الآن”.

وأكد أن هذا اكتشاف هام من حيث “اكتشاف كواكب شبيهة بالأرض، خاصة وأن نوع النجم الذي يدور حوله من أكثر الأنواع انتشاراً في المجرة. وسيكون اكتشافاً عظيماً إن كانت كل النجوم المشابهة لديها كواكب تقع في المنطقة المأهولة”.