الخطر… وشيك ولا حكومة أو خطة

عبدالوهاب بدرخان (النهار)

خلال الأسبوعين المقبلين سيكون هناك واقع جديد في سوريا، ولا أحد يملك منذ الآن تصوّراً واضحاً ودقيقاً لما سيكون، لكن المؤكد أن الوضع سيزداد صعوبة في سوريا، واستطراداً داخل لبنان. ففي حال جاءت الضربات الاميركية “محدودة” فعلاً سيعلن النظام انتصاره وسيتصرف مع حليفيه ايران و”حزب الله”، على هذا الأساس. واذا جاءت “موجعةً” تنذر باستهداف النظام لإضعافه تمهيداً لإسقاطه، وإن ببطء، فإنه وحليفيه سيوسّعان المواجهة لتصبح اقليمية – دولية. فالأزمة فتحت الساحة السورية لكل أنواع “الحروب بالوكالة”، بما فيها خصوصاً حرب ايران مع الغرب. ذاك لأن تصفية الحساب مع ايران على أرض سوريا (ولبنان)، حيث المصالح الاستراتيجية “نفوذية” – سياسية تبقى عند المخططين أقلّ كلفةً واخطاراً من خوضها في منطقة الخليج، حيث المصالح الاستراتيجية نفطية قبل أن تكون “نفوذية” – سياسية.

في الحالين يفترض أن تكون الدولة اللبنانية، حكومةً (ولو مستقيلة) وجيشاً وبرلماناً، قد تهيّأت منذ زمن للانعكاسات على البلد، وأن تكون احتاطت للتعامل مع السيناريو الأسوأ. واقعياً، لا أثر لاستعدادٍ كهذا، وعدا بعض الاجراءات الأمنية، التي فرضتها التفجيرات الأخيرة وتبقى فاعليتها على المحك، فإن الدولة التي تدعم هذه الاجراءات تبدو عيناً بصيرة ويداً قصيرة، وتستمر عاجزةً عن تأمين مؤازرة (لا مجرد تغطية) سياسية للجهدين العسكري والأمني. واذا كان هناك من وجد أعذاراً للدولة في أنها بطبيعتها كائن يتأثر بتوافق اللبنانيين وانقساماتهم، إلا أن الظرف الحالي، المباشر والداهم، يتطلّب أن تكون المصلحة الوطنية مرشداً وحيداً للبنانيين، ولا مرشد سواه.
لكن من الواضح أن هذه الدولة، المفعمة بكل النيات الحسنة للرئيس ميشال سليمان، اصطدمت بمن أصبحوا فوق الدولة والقانون، وشرّعوا لأنفسهم اقامة أمنهم الذاتي وإعادة البلد الى زمن الميليشيات. حتى إن “دولة جميع اللبنانيين” أصبحت مخترقة ومستلبة ومسترهبة وممنوعة عن تحديد مفهومها لـ”المصلحة الوطنية”، وإذا فعلت – كما في “اعلان بعبدا” لتحييد لبنان عن الأزمة السورية – فإن “دولة حزب الله” نقضت العهد وأرسلت رجالها للقتال من أجل ايران ونظام بشار الاسد.

ما هو مؤكد أن “دولة حزب الله” أرغمت “دولة جميع اللبنانيين” على تبني وهم بقاء “الاسد الى الأبد” وتفرض عليها الآن أن تواجه التداعيات السورية بلا خطة ولا استراتيجية، كما حصل بالنسبة الى النازحين، أو بمصادرة السياسة الخارجية، وكما يحصل في الوضع الداخلي، من عرقلة تأليف الحكومة الى استعصاء الحوار. هذه هي الوصفة الكارثية، ولن تنفع “وسطية” رئيس المجلس النيابي في تجميلها، اذ انه كلما عجن العجينة وفَرَدَها أخذت الشكل الذي يريده “حزب الله”.