القرف الى حد الصّدمة

بشار العيسى

اعتراف:
لقد تابعت أحداث الثورة السورية يوما بيوم، ومشهدا بمشهد. وتابعتها تفاصيلا وحكايات الفخر والالم.

رأيت فيديوهات سَحل وذبح المجرمين لشبابنا ودفنهم احياء ورأيت مشاهد ما قبل اغتصاب أطفال وطفلات وامهات سوريات ورأيت عجز الاطباء في حمص عن انقاذ جريح مثلما ذعرت لرؤية جراح تقص الظهر بالسيف وبالسواطير ووثّقت جلّ هذه المشاهد وأرغمت نفسي على رؤيتها مرارا كي اعيش الحدث مثلما هو ساخنا فائرا فاغرا فمه يبتلعنا ويبتلع اهلنا ووطننا… وكانت تنتابني اكثر الاحيان حالت غثيان لا استطيع النوم وكأنني ابتلعت احجارا، ومثلي أكيد كثيرون منكم.

من يومين نَشَرَت ناشطة على صفحتي حكاية سجين: خرج للحرية لينعزل في عتمة الظلمة كيلا يرى الجَرَب الذي يأكل جسده احد ما، يخفيه ويختفي فيه حتى عن أمه ويعيش هلوسة التعذيب والقرف من جلده ومن مشاهد الموت التي عاشها في زنزانته مع الآلاف في العتمة.

ما من اسرة سورية الا وابتلت بسجين او شهيد او مغتصبة او مفقود الا وتحسّ ما عشته من وجع وألم وقرف من سلوك شبيحة وتصرف المجرمين باهلنا وشعبنا .

لقد رأيت، مثلكم، فم نصرالله الكريه يرغي ويزبد، يهدد ويتسلى بقتل اهلنا وشبابنا وخيرة الجيش الحر وخيرة الشعب الصامد في القصير وداريا وبانياس والغوطة وحوران وكأنه يشرب الكوكا كولا الالهية.

لكني لم أقرف قط بالدرجة التي شعرت بها وانا اسمع السيد ميشيل كيلو وهو يهدّد ، مثل نصرالله، ويستعرض بطولة متجشئة، ومن خلفه كمال اللبواني يهددان قيادة الائتلاف.

لقد انحطّ خطاب الاثنين للأسف ـ وعذراً عن الكلمة ـ الى محششة الزعران واولاد الشوارع وهم ينتقدان او بالأحرى يهدّدان ويكيلان الشتائم لبعض او كلّ قيادة الائتلاف وهما يزحفان اليها على مؤخراتهما من شهور وايام.

قد يكون معهما الحق في رجم قيادة الائتلاف لكن، دون الوقوف على بابها يستجديان بدعم سعودي شراكة فاسدة على حساب الدم السوري ووجع جرحه، وهما في الوقت عينه يأكلان ويصرفان من مفسدتها وينتظران قرارها بالقبول.

قد يكونا على حقّ وهما يشتمان قطر لدورها الرديء في افساد المعارضة لكن ليس تلبية لإرادة سعودية في الصراع مع قطر على الارادة الوطنية السورية .

نعم اتّهما بعض الائتلاف وسمّوهم بالأسماء صبرة، وصباغ، والاخوان، وزلم قطر، ولكن ما انتما ؟ من موّلكما؟ ومن يصرف عليكما؟ وعلى مئتين شاهد زور لمؤتمركما؟

منذ سنة ونصف وسنتين وانتما لم تتركا عاصمة بما في ذلك عاصمة قطر في افخم فنادقها، إلّا ونزلتما. ولم تتركا تاجراً من مموّلي الشّبهة والدول إلا ولكم في جيبه يد وله في حلوقكم لقمة، هلّا قلتما لنا بشفافية من يمولكما من يصرف عليكما؟ كيف تعيشان اكثر اوقاتكما في الطائرة او في الفندق؟ هل فكرتما بوقع كلامكما على شباب الثورة ونشطائها واهلنا في المهاجر والحصار والموت والمعتقلات؟ أنا واثق من أن هذا آخر همّكما انتم ومن يثق بكم ويلتف من حولكم او يمولكم؟ لكن حماقتي الوطنية ستعيد تذكيركم بها مرارا، الى تفقأ عيونكم الجشعة. بئس ما انتما من معارضة تعمل لسلطة بغباء إرادة ذاتية جشعة.

اقرأ أيضاً بقلم بشار العيسى

“وا فلسسطيناه! الكردستانية”

في مسألة “كوباني” والقدر الكردي

فوز اردوغان التركي هزيمة للرهانات الخاسرة

بوتين والحرب الصليبية المضادة

خطوة الالف ميل: معركة الفرصة الاخيرة من أجل وطن للجميع

أي مستقبل بعد جنيف2؟

سنتجرع كأس التسوية المرّ حتى لا نجتَرَّ مرارة الهزيمة القاتلة

انفجارات “هولير” الاستحقاق اللغز؟

الانتقام السياسي بالعجز الجنسي

خارطة طريق لإنجاح الضربة العسكرية

أين المفرّ؟

الاسلام السياسي: الصعود الى الهاوية

في مسألة عفرين ووأد تداعيات الفتنة السلطوية

مرة أخرى وليد جنبلاط الانسانيّ: يغرّد في الاعالي وحيداً

“القصير”: مَكسَر حروب ولاية الفقيه أم جرحها الغائر؟

بنادق للإيجار: هدوء ما قبل انفجار عاصفة المفخخات الجهادية