وثائق سرية: الحكومة البريطانية توقعت هزيمة العرب في فلسطين

كشفت وثائق سرية بريطانية أذنت بنشرها دائرة المحفوظات الوطنية بلندن أن الحكومة البريطانية توقعت منذ اللحظة التي خططت فيها لسحب قواتها من فلسطين قبل أكثر من 60 عاما بأنها ستتعرض للتقسيم، وتندلع حرب مع العرب تؤدي إلى هزيمتهم بعد تأسيس إسرائيل.وقالت صحيفة الغارديان نقلا عن الوثائق إن المسؤولين البريطانيين في ذلك الوقت كانوا يراقبون قيام المستوطنين اليهود بالاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية في الأسابيع الأخيرة التي سبقت تقسيم فلسطين عام 1948، وتزايد هجمات الجماعات الإرهابية اليهودية ضد القوات البريطانية والمقاتلين العرب. وأضافت أن الوثائق السرية تُظهر أيضا أن المسؤولين البريطانيين في القدس وصفوا في تقاريرهم الاستخباراتية المنتظمة تزايد التوتر في المنطقة مع توجه بريطانيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والحركة الصهيونية نحو تقسيم فلسطين. ونسبت الصحيفة إلى الوثائق إن المسؤولين البريطانيين وقبل عامين من تقسيم فلسطين حذّروا حكومة بلادهم من أن الرأي اليهودي سيعارض التقسيم ما لم يجر توسيع حصة اليهود من فلسطين وبصورة تجعل الخطة غير مقبولة من قبل العرب. وجاء في الوثائق السرية أن المسؤولين البريطانيين في القدس ابلغوا لندن بعد تزايد الهجمات من قبل المنظمات الصهيونية المسلحة، مثل شتيرن وأرغون، عام 1946 أن القادة العرب ما زالوا يميلون إلى تأجيل الاعتراض على تقسيم فلسطين طالما أن هناك فرصة لاتخاذ قرار سياسي مقبول للمصالح العربية، لكنهم حذروا من احتمال أن تؤدي الاستفزازات اليهودية المعزولة إلى وقوع اشتباكات بين العرب واليهود على نطاق أوسع. وأضافت الوثائق إن المسؤولين البريطانيين ابلغوا لندن في بداية عام 1948 أن المقاتلين العرب عانوا من سلسلة من الهزائم الساحقة، وساهمت الانتصارات اليهودية في خفض معنوياتهم إلى الصفر، ويفرون من المناطق المختلطة بالآلاف اقتداء بقادتهم غير الأكفاء، ومن الواضح أن الأمل الوحيد لاستعادة مراكزهم يكمن في الجيوش النظامية للدول العربية.وأُعلن تأسيس دولة إسرائيل في 14 أيار 1948 وقامت القوات البريطانية المتبقية في فلسطين بالإنسحاب من هناك في اليوم التالي، واندلعت بعدها أول حرب بين العرب وإسرائيل. وكانت الصحيفة نقلت في وقت سابق عن الوثائق أن رئيس الاستخبارات العسكرية البريطانية في فلسطين خلال حرب 1947 ـ 1948، وصف الزعماء العرب بأنهم جبناء. وأشارت الوثائق الى إن المقدم سي. نورمان وصف أيضا الجنود العرب بأنهم اقتدوا بزعمائهم غير الأكفاء من خلال الفرار وبالآلاف أمام تقدم القوات اليهودية. وأضافت أن المقدم نورمان كتب في تقريره الاستخباراتي النهائي قبل موعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين أن الجنود العرب تخلوا عن مواقعهم وتخلصوا من أسلحتهم ومعداتهم في معركة حيفا.ونسبت الصحيفة إلى المقدم نورمان قوله في التقرير الذي كتبه في 6 أيار 1948 إن فرار قادة الجنود العرب والجبن الذي أظهره الجنود أثار توترا كبيرا بين السكان، لكن العرب حملوا بريطانيا مسؤولية خسارة المعركة. وأضاف المقدم نورمان أن قادة الجنود العرب سعوا فورا للحفاظ على ماء الوجه بدلا من الدفاع عن الميناء البحري الوحيد (في إشارة إلى حيفا) وألقوا باللوم كله على رأس البريطانيين، ما جعل المنطقة كلها مرشحة لأن تكون فارغة بحلول نهاية الانتداب البريطاني، وفسح المجال أمام المنظمة اليهودية شبه العسكرية (الهاغاناه) للتوغل فيها من خلال التنكر بصفة حماة الممتلكات العربية ودعوة السكان العرب للعودة إليها.